أول الكلام
إن بناء مجتمع نموذجي وتربية أشخاص بشكل سليم وصحيح، يحتاج إلى أصول وأساليب يتمكن
الإنسان ومن خلالها الوصول إلى السعادة بعيداً عن الانحرافات.
إن تقديم أكمل الأساليب التربوية يقرب الإنسان من السعادة الحقيقية والحياة الخالدة
ومن رضا الله تعالى. ويمكن الحصول على هذه الأساليب من خلال حياة وسلوك وأقوال
الأشخاص القدوة الحقيقيون في الدين الإسلامي أي الأئمة الأطهار عليهم السلام.
سنحاول في هذا المقال دراسة السيرة التربوية للإمام الحسن المجتبى عليه السلام على
أمل أن نتمكن من الحصول على التربية الحقيقية من خلال الالتزام بسيرة الأئمة
الأطهار عليهم السلام.
ضرورة التربية
الإنسان موجود متعال يمتلك استعداد الوصول إلى الكمال وهو بحاجة في مسيره التكاملي
إلى أسلوبٍ تربوي قوي وكامل. والإنسان الفاقد للتربية، فاقد لجميع الأمور، لذلك
ينبغي السعي نحو تربية الروح. يقول الإمام الحسن المجتبى عليه السلام حول ضرورة
التربية الروحية والمعنوية للإنسان: "عجبت لمن يتفكر في مأكوله كيف لا يتفكر في
معقوله، فيجنب بطنه ما يؤذيه ويودع صدره ما يرديه"1.
القسم الأول: أسباب التربية
البيت والعائلة
تعتبر العائلة من أهم أسباب التربية والهدف منها إيجاد وتربية الأجيال
وهدايتها نحو الأهداف التربوية الصحيحة. والعائلة هي المكان المقدّس الذي وضعت أسسه
في الارتباط الزوجي بين إنسانين والتي تتخذ شكلاً جديداً مع وجود الأبناء. أما
نتيجة هذا الارتباط فهو الأبناء الذين قد يكونوا في المستقبل صالحين أو طامحين في
المجتمع. ويعتقد علماء النفس الاجتماعيون أن العائلة واحدة من الأشكال التي حفظت
آثار الحضارة. وقد وصلنا عن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام آثار هامة في مجال
تأثير ودور العائلة في عملية التربية الصحيحة.
* مجلة مبلغان
1- الدعوات، قطب الدين الراوندي، قم، مدرسة الإمام المهدي، 1407هـ.ق، ص144 و145.