3- إيجاد حالة الثقة والعزة بالنفس عند الطفل
إن إيجاد الثقة والعزة بالنفس عند الأطفال تجعل منهم أشخاصاً موفقين في المستقبل.
ويمكن تنمية هذه الصفة الجميلة في الطفل منذ الطفولة وبأساليب متعددة. وهنا نشير
إلى بعض هذه الأساليب:
الأول: احترام الطفل
أظهر الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم مراراً عديدة الاحترام للإمامين
الحسن والحسين عليهما السلام أيام طفولتهما. في أحد الأيام دخل الإمامان الحسن
والحسين عليهما السلام على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو جالس فنهض احتراماً
لهما ووقف ينتظرهما حتى وصلا إليه. كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يتحرك نحو
الطفلين يستقبلهما ثم يحضهما ثم يصعدهما على كتفيه وقد قال مشيراً إلى ما يقومان به
معتبراً أن مركبهما نعم المركب وهما نعم الراكبان(1).
وفي رواية أخرى، يقول عبد الله بن عباس: "انطلقت مع رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم فنادى على باب فاطمة ثلاثاً. . . فبينا هو كذلك إذ خرج الحسن بن علي قد غسل
وجهه وعلقت عليه سبحة، قال: فبسط النبي صلى الله عليه وآله وسلم يده ومدها ثم ضم
الحسن إلى صدره وقبله وقال: إن ابني هذا سيد"(2).
الثاني: اللعب مع الطفل
يميل الطفل واليافع إلى اللعب والرياضة حيث يمكنه من خلال ذلك التعرف على
العالم المحيط به عدا عما يضفيه عليه ذلك من نمو. واللعب فرصة للتعبير عن الأحاسيس
والعواطف. أما مشاركة الكبار للأطفال في اللعب، فيؤدي دوراً كبيراً على مستوى زرع
الثقة في أنفسهم. وهنا يحكى عن قصة لعب أبو رافع أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم مع الإمام الحسن عليه السلام عندما كان لا يزال طفلاً(3).
الثالث: اختيار اسم جميل للطفل
يلعب اسم الطفل دوراً هاماً على مستوى شخصيته. ينبغي اختيار اسم للطفل لا يؤدي
إلى استهزاء الآخرين به في المستقبل ولا يشعر بالحقارة من خلال حمله. وأفضل الأسماء
ما دل على اتباع الشخص لله تعالى ولثقافته ومذهبه. وقد أولى الإمام الحسن المجتبى
عليه السلام أهمية خاصة لهذه المسألة. أما أسماء أبناءه الذكور فعبارة عن: حسن، زيد،
قاسم، عمرو، عبد الله، عبد الرحمن، حسين، طلحة وأما أسماء بناته: أم الحسن، أم
الحسين، فاطمة، أم عبد الله، أم سلمة، رقية(4).
الرابع: مشاورة الأبناء
مشاورة الأطفال واحدة من أساليب تشكيل شخصيتهم. أوصى الإمام الحسن عليه السلام
بهذه المسألة وكان يشاور أبناءه في موارد مختلفة وبهذا النحو تمكن من تربية
شخصياتهم وأوجد فيها عزة النفس. في أحد الأيام دخل معاوية بن خديج منزل الإمام عليه
السلام طالباً الزواج من إحدى بناته، عند ذلك قال له الإمام عليه السلام: "إنا قوم
لا نزوج نساءنا حتى نستأمرهن"(5).
الخامس: السلام على الأطفال
كان الإمام الحسن عليه السلام يوصي بعدم الجواب على الكلام إذا كان قبل
السلام(6).
ولهذا الكلام أهمية فائقة على مستوى معاشرة الوالدين لأبناءهم. يقول الرسول الأكرم
صلى الله عليه وآله وسلم: "خمس لا أدعهن حتى الممات. . . والتسليم على الصبيان
لتكون سنّة بعدي"(7).
4- مطابقة العمل للقول
إذا تمكن الوالدان والمربون من العمل طبق ما يقولون، يكونون بذلك قد اختاروا أكثر
الأساليب المؤثرة والمفيدة في التربية وبالتالي يمكنهم بذلك التأثير على الأبناء
بشكل غير مباشر. وتكون وصايا الوالدين ونصائحهما مفيدة إذا شاهدها الأطفال تصدر
عنهما وتتجلى في أعمالهما فيكونان قدوة لهم. يتحدث الإمام الحسن المجتبى عليه
السلام حول الخصال الحميدة لأحد أصدقاءه ويذكره بصفات جميلة، يقول: "كان لا يقول ما
لا يفعل ويفعل ما لا يقول"(8).
(1) الطفل الفلسفي [كودك فلسفي]،
ج1، ص115.
(2) اعلام الورى، ص211.
(3) الطفل الفلسفي، ج2، ص133.
(4) الارشاد، ج2، ص16.
(5) حياة الحسن (ع)، ج1، ص329.
(6) مسند الإمام المجتبى (ع)، ص688.
(7) الخصال، ج1، ص271.
(8) تحف العقول، ص234.