إن الذي يهدد الإيمان والمعرفة،
والعلم والرؤى، والعواطف والمشاعر الإنسانية الأصيلة، هو الذي يُعتبر من جملة
الآفات الثقافية أمثال: الغفلة، الجهل، اللغو، النسيان، الغرور، الحيرة، الظلمة
والضلال باعتبارها جزءاً من الآفات الثقافية. ويقابل هذه العبارات ما يكون معارضاً
لها أمثال: العلم، الذكر، الموعظة، العبرة، اليقظة، المعرفة، المحاسبة، اليقين،
النور والهداية.
إن معرفة وإحصاء كافة آفات وأبعاد وآثار وموانع الهداية والمعرفة يحتاج إلى كتاب إذ
هو بحث يتجاوز حدود المقال.
أنواع الغفلة
لكل واحدة من الآفات الثقافية، أنواع وعوامل وعلائم وطرق علاج خاصة. سنشير في هذا
المقال إلى موضوع "الغفلة الثقافية" وأبعادها المتعددة وهي عبارة عن:
- الغفلة عن الله.
- الغفلة عن المعاد.
- الغفلة عن الهدف.
- الغفلة عن التكليف.
- الغفلة عن الأصدقاء ومشاكلهم.
- الغفلة عن النعم الإلهية المادية والمعنوية.
- الغفلة عن الموقع في نظام الخلق.
- الغفلة عن حياة أولياء وأنبياء الله.
- الغفلة عن الآيات الإلهية.
إن كل واحد من الأمور المتقدمة، هو نوع من الأمراض الثقافية. وحذرت الآيات القرآنية
وأحاديث المعصومين عليهم السلام بشكل مكرر من أبعاد مسألة الغفلة المتنوعة وأوضحت
بعض العلاجات للخروج منها أمثال: اليقظة، المعرفة، العلم، النورانية. وينبغي على
حراس الثقافة الإسلامية التعرف على علائم وعوامل وطرق علاج كل واحدة من تلك الأمراض.
لا تختصر الآفات الثقافية في القرآن الكريم بالكفر والشرك والنفاق والعصيان. مع
العلم أن أكبر الأخطار الثقافية هو في الانحرافات الفكرية، إلا أن تفصيل هذه الآفات
يحتاج إلى فرصة أكبر إذ أن آثارها وتجلياتها أكبر من أن تختصر في مقال أو كتاب.
قد تجر الغفلة الإنسان إلى حدود الكفر والشرك وبعض درجات الغفلة تُسْقط الإنسان من
حيثية الإنسانية وتجعله في مستوى الحيوانات أو أقل من ذلك، نقرأ في سورة الأعراف
الآية 179: ﴿ أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ
الْغَافِلُونَ ﴾ وتحدثت بعض الروايات الإسلامية حول مقدار خطورة درجات الغفلة
المتدينة. يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: "كفى بالرجل غفلة أن يضِّيع عمره
فيما لا ينجيه"(1).
ويقول أيضاً في حديث آخر: "كفى بالمرء غفلة أن يصرف همته فيما لا يعنيه"(2).
إن الحوزة الدينية، هي مؤسسة مهمتها حراسة الثقافة الإلهية للأنبياء وأما غفلة
الحوزويين فتؤدي إلى مضاعفة خطر المهاجمين.إن تكليف الحوزويين والمبلغين لا ينحصر
في الحفاظ على أنفسهم وعائلاتهم، بل يتعدى ذلك إلى المجتمع الذي ينبغي الحفاظ عليه
وحراسته من نفوذ الثقافة الغربية وأبعاده عن مرض الغفلة والغرور.
* مجلة مبلغان
(1) ميزان الحكمة، ج3، ص2287، الحديث
15212.
(2) المصدر نفسه،ة الحديث 15213.