تمهيد:
النص الذي بين أيدينا، هو خلاصة محاضرة حجة الإسلام والمسلمين السيد أحمد خاتمي
أستاذ الحوزة العلمية في قم، في جمع من متعلمي المجموعة التعليمية المعروفة باسم "تربيت
راهنما". نقدمها للقارئ بعد التلخيص والتصرف على أمل أن تكون مفيدة للمبلغين
الأعزاء.
أركان التبليغ
للتبليغ ثلاثة أركان أساسية، تلعب دوراً محورياً في موفقية التبليغ:
الركن الأول: المبلغ وشخصيته؟
الركن الثاني: أسلوب التبليغ؟
الركن الثالث: أدوات التبليغ؟
لعل أفضل نموذج يصلح لتوضيح خصائص المبلغ، هو سلوك الأنبياء. إن الطريق الذي اختاره
مبلغي الدين، هو استمرار لطريق الأنبياء، لذلك فمن المفيد دراسة خصوصيات الأنبياء
بالأخص نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم.
1 ـ الإخلاص في التبليغ
يمكن فهم مسألة الإخلاص في التبليغ من الآية الشريفة:
﴿ وَيَا قَوْمِ لا
أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ
﴾ (1). ويتحدث
الإمام علي عليه السلام عن الذين يجعلون علمهم وسيلة رزقهم: "المستأكل بدينه حظه من
دينه ما يأكله"(2). وتؤيد التجربة هذا الأمر أيضاً. لو شاهد الناس المبلغَ يتحدث
باستمرار عن المال ومتاع الدنيا وعرفوا كم ذاك عزيز لديه، فسيفقد عزته من وجهة
نظرهم ولن يكون لكلامه تأثير عليهم.
والتجربة أثبتت أيضاً أن الناس يحبون المبلغ، القوي الطبع. هذا أحد جوانب المسألة،
والجانب الآخر أننا نعتقد أن وراء عالم الوجود هذا، قدرة أخرى بيدها كافة الأمور؛
حيث العزة والرزق والمحبة بيده تعالى. يقول الله تعالى:
﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا
﴾(3). ويقول أيضاً:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾(4).
إذا أردنا أن لا نكون وحيدين في الأزمات، يجب أن نكون مع الله. يقول الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ
وُدًّا ﴾(5). ويقول أيضاً:
﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ
الْمَتِين﴾ (6). يجب علينا أن نؤدي تكليفنا وباقي الأمور بيد الله تعالى.
ضرورة المحاسبة والتخطيط
أن للتخطيط الفردي أهمية خاصة، إلاّ أن التخطيط للثقافة الإسلامية ومواجهة الأفكار
الإلحادية والمنحرفة يتطلب العمل بعيداً عن البعد الفردي أي إلى ما هو ذو علاقة
بالمجموع.
يحتاج المبلغون إلى التعاون والتخطيط في ثلاثة مستويات إذا أرادوا الموفقية في
عملهم:
1 ـ التخطيط العام وهو أمر يجب أن يطلع به مسؤولي البلد.
2 ـ التخطيط الذي يجب أن تقوم به المراكز الثقافية والتبليغية.
3 ـ التخطيط الذي يجب أن يقوم به عالم الدين والمبلغين على مستوى نشاطاتهم الشخصية.
(1) سورة هود: الآية: 29.
(2) بحار الأنوار، ج75، ص63.
(3) سورة فاطر، الآية: 10.
(4) سورة الحج، الآية: 38.
(5) سورة مريم، الآية: 96.
(6) سورة الذاريات، الآية: 58.