روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن العمر محدود، لن يتجاوز أحد ما قدر
له، فبادروا قبل نفاذ الأجل» كثير منا يريد أن يصبح كاتباً، ويؤلف كتاباً، ولكن ما
لم يتغلب على بعض المعوقات المرتبطة بسلوكه وشخصيته، فإن هذا الهدف لا يمكن أن
يتحقق بتاتاً. ومن أهم هذه المعوقات: التسويف.
- سوف أكتب في أيام العطلة.
- سوف أبدأ بتأليف كتاب العام القادم بعدما أكون قد انتهيت من بعض الالتزامات.
- سوف أتفرغ للكتابة بعد التقاعد.
هذه العبارات وغيرها قد تلوكها ألسنتنا ونُقنع بها أنفسنا من وقت لآخر، وهي ليست
إلا تعبيراً آخر عن صفة التسويف. لذلك من يكثر من استخدام كلمة (سوف) فالأرجح أنه
لن يشرع بالكتابة ولن ينشر كتابا أبداً.
إن كثيراً منا يقضي حياته منتظراً الوقت المثالي للقيام بعمل مهم، كالكتابة مثلاً،
ولكنه من النادر أن يتوفر هذا الوقت المثالي، ولذلك يتوجب علينا أن نشرع بالعمل وأن
نخلق له وقتاً ضمن ساعاتنا الأربع والعشرين اليومية.وسنلاحظ أمراً مهماً في مسألة
التأجيل والتسويف أنه كلما أجلنا أعمالنا المهمة إلى ما بعد إنهاء أمر ما، فإن أمرا
جديداً سيطل علينا ليغذي عندنا صفة التسويف مجددا.
إن الانشغال عن الكتابة بأي أمر آخر أمر سهل جداً.. ولذلك نجد أنفسنا نقضي أوقاتاً
قاتلة أمام بريدنا الإلكتروني، وأمام مواقع الانترنت على اختلافها، وأمام التلفاز
لمشاهدة المباريات الرياضية والحوارات السياسية التي لا طائل منها، وأمام صحف
الأخبار والمجلات التافهة... وغير ذلك.. وما نحتاجه فقط هو أن نعطي هذا الوقت
الضائع والذي ليس في حساب أولوياتنا إلى الكتابة والتأليف.وعلينا أن نذكر أنفسنا
دائما بقول أمير المؤمنين عليه السلام: «إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما،
ويأخذان منك، فخذ منهما».
ليس لدي وقت للكتابة!!
من معوقات الكتابة والتأليف الرئيسية التحجج بعدم وجود وقت لذلك. وعادة التحجج بضيق
الوقت هي عادة يتمسك بها الكثير من الناس في العديد من شؤون حياتهم المهمة
والأساسية، وهي ليست حكراً على مسألة الكتابة فقط.وإذا أجرينا مسحاً تفصيلياً
لنشاطاتنا خلال يوم كامل سنجد العديد من الساعات التي تذهب هباءً منثوراً، والتي لو
قدر لنا الاستفادة منها يومياً لظهر لنا بعد مدةٍ من المثابرة انتاجاً علمياً
مكتوباً وصالحاً للنشر.بل إن عملية المسح هذه قد تظهر اهتمامنا ببعض النشاطات عديمة
الفائدة، والتي يمكن استبدالها بالكتابة والتأليف.فعلى سبيل المثال:- كم من الوقت
نمضي أمام بعض البرامج الرياضية ومشاهدة المباريات والنشرات التحليلية التابعة لها.-
كم من الوقت نهدر أمام نشرات الأخبار ومتابعة البرامج السياسية والحوارية، والتي
يطل من خلالها أشخاص اعتادوا تكرار بعض الجمل والعبارات السياسية التي حفظوها عن
ظهر قلب، وتفننوا في التعبير عنها بأشكال مختلفة.- كم من الساعات نحرق أمام هواتفنا
الذكية متنقلين من تطبيق إلى تطبيق، ومن دردشة إلى دردشة، وكل ذلك في أمور تافهة لا
طائل منها.. والأمر نفسه نقوله فيما يتعلق بالجلوس أمام مواقع الانترنت وخصوصاً
مواقع التواصل الاجتماعي.- كم من الوقت ننام؟ وهل فكرنا في استغلال أوقات مهمة
كفترة الصباح الباكر، حيث يخلد العديد من الناس للنوم خلالها.