ذِكرُ الله تعالى هو الصراطُ الذي يحفظ العبدَ من الزّلَل، وله عند أهل الحقّ من
العلماء والعرفاء منازل وأقسام لا مناص للمؤمن من أن يتعرّف إليها، لما لها من آثار
معنوية على سيره وسلوكه إلى الحقّ سبحانه.
في هذه المختارات من كتاب (عُدّة الداعي)، للفقيه المحقّق ابن فهد الحلّيّ تفصيلٌ
لأقسام الذكر على الترتيب التالي:
ينقسمُ الذِّكر أقساماً:
التحميد
عن النبيّ صلّى الله عليه وآله: «كُلُّ كَلامٍ لا يُبْدَأُ فيهِ بِالحَمْدِ فَهُوَ
أَقْطَعُ».
«قال الراوي: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ الله الصّادقِ عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ
عَلِّمْنِي دُعَاءً جَامِعاً.
فَقَالَ لِيَ: احْمدِ اللهَ، فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى أَحَدٌ يُصَلِّي إِلَّا دَعَا
لَكَ، يَقُولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ».
وعن الإمام الصادق عليه السلام: «مَنْ قَالَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ إِذَا أَصْبَحَ: (الْحَمْدُ
لله رَبِّ الْعَالَمِينَ) فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ يَوْمِه، ومَنْ قَالَهَا إِذَا
أَمْسَى فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ لَيْلَتِه».
التمجيد
عن الإمام الصادق عليه السلام: «كُلُّ دُعاءٍ لا يَكونُ قَبْلَهُ تَمْجيدٌ فَهُوَ
أَبْتَرُ، إِنَّما التَّمْجيدُ ثُمَّ الثَّناءُ.
قال الراوي: وما أدنى ما يجزي من التمجيد؟
قال عليه السلام: تَقولُ: (اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ،
وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ
شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ العَزيزُ الحَكيمُ)».
التهليلُ والتكبير
عن أحد الصادقين عليهما السلام: «أَكْثِروا مِنَ التَّهْليلِ وَالتَّكْبيرِ،
فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إلى اللهِ مِنَ التَّكْبيرِ وَالتَّهْليلِ».
* وعن النبيّ صلّى الله عليه وآله: «خَيْرُ العِبادَةِ قَوْلُ: (لا إِلَهَ إِلّا
اللهُ)».
التسبيح
روى يونس بن يعقوب قال: «قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام: مَن قال (سبحان
الله)مِئَةَ مرّة كان ممّن ذكر الله كثيراً؟
قال: نَعَمْ».
الكلماتُ الخَمس
قال النبيّ صلّى الله عليه وآله: «أَلَا أُعَلِّمُكُمْ خَمْسَ كَلِمَاتٍ خَفِيفَاتٍ
عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَاتٍ فِي الْمِيزَانِ، يُرْضِيْنَ الرَّحْمَانَ وَ
يَطْرُدْنَ الشَّيْطَانَ، وَهُنَّ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ وَمِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ،
وَهُنَّ الْباقِياتُ الصّالِحاتُ؟
قالوا: بلى يا رسول الله.فقال صلّى الله عليه وآله: قولوا: (سُبْحَانَ اللهِ
وَالْحَمْدُ للهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا
قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ)».
التسبيحات الأربع
عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: «مَرَّ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَآلِهِ، بِرَجُلٍ يَغْرِسُ غَرْساً فِي حَائِطٍ [بستان] لَه، فَوَقَفَ لَه وقَالَ:
ألَا أَدُلُّكَ عَلَى غَرْسٍ أَثْبَتَ أَصْلاً وأَسْرَعَ إِينَاعاً وأَطْيَبَ
ثَمَراً وأَبْقَى؟
قَالَ: بَلَى فَدُلَّنِي يَا رَسُولَ الله.
فَقَالَ: إِذَا أَصْبَحْتَ وأَمْسَيْتَ فَقُلْ: (سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ
وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ)فَإِنَّ لَكَ إِنْ قُلْتَهُ بِكُلِّ
تَسْبِيحَةٍ عَشْرَ شَجَرَاتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ أَنْوَاعِ الْفَاكِهَةِ، وهُنَّ
مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ».
الاستغفار
عن الإمام الصادق عليه السلام: قال: «قال رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَآلِهِ: خَيْرُ الدُّعاءِ الاسْتِغْفارُ».
وعن الإمام الرضا عليه السلام: «كَانَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وآله يَستغفرُ
الله غداةَ كلِّ يومٍ سبعينَ مرّة، ويتوبُ إلى الله سبعينَ مرّة.
قال الراوي: وكيف كان يقول؟ (أستغفرُ اللهَ وأتوبُ إليه)؟
فقال عليه السلام: كان يقولُ: (أَسْتَغْفِرُ اللهَ) سبعين مرّة، ويقول: (أَتُوبُ
إلى اللهِ)سبعين مرّة.
وعنه عليه السلام: الاستغفارُ وقولُ: (لَا إلهَ إلّا اللهُ) خيرُ العبادة. قال اللهُ
العزيز الجبّار: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ
لِذَنْبِكَ..﴾ محمد:19».