الخطابة هي القابلية على صياغة الكلام بأسلوب يمكّن الخطيب من التأثير على نفس
المخاطب وقد عرفها أرسطو بأنها: قوة تتكلف الاقناع الممكن وقال ابن رشد: الخطابة هي
قوة تتكلف الاقناع الممكن في كل واحد من الاشياء المفردة. وعرفها الشيخ المظفر في
كتاب المنطق بأنها: صناعة علمية بسببها يمكن اقناع الجمهور في الامر الذي يتوقع
حصول التصديق به بقدر الامكان وقال ايضا: هذا هو تعريف اصل هذه الصناعة التي غايتها
حصول ملكة الخطابة التي بها يتمكن الشخص الخطيب من اقناع الجمهور والمراد من
الاقتناع هو التصديق بالشيء مع الاعتقاد بعدم امكان ان يكون له ما ينقض ذلك التصديق
او مع الاعتقاد بامكان ما ينقضه الا ان النفس تصير بسبب الطرق المقنعة اكثر ميلا
الى التصديق من خلافه.
يمكن تقسيم الخطب الى عدة اقسام:
الخطابة الدينية:
موضوع هذه الخطابة كما يبدو من اسمها هو المسائل الدينية حيث تتمحور حول الدين
واصوله ونشأته والمشاكل والمضاعفات التي تنجم عن غياب الدين عن المجتمعات والخطبة
الدينية الناجحة هي التي تحرك المشاعر وتأخذ بمجامع القلوب وتحرك العقول لذا فهي
ترفع الرذائل من المجتمع وتنشر الفضائل فيه وتجذبه الى حضيرة الايمان والاخلاق
الحسنة فالخطبة الدينية تفترق عن سائر الخطب بالقداسة والمعنوية وهي محاطة من كل
جوانبها بالنور وخالصة من شوائب المادية كما تبدأ بحمد الله وتزرع الامل في قلوب
السامعين واحسن مثال لها خطب نهج البلاغة.
يذكر ان قوم عاد لم يطيعوا نبيهم هود وآذوه كثيرا وانشغلوا ببناء القصور لذا خاطبهم
الله تعالى: "أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى
رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ
مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ
أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ َجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ
عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ." (الشعراء 124-135).
عوامل عدم نجاح الخطبة الدينية:
1) تشتت الكلام: في كل كلمة تلقى يجب ان يختار المحاضر موضوعا واحدا ويشبعه
بالبحث والتحليل بحيث يصل السامع الى درجة الاقتناع وعليه ان يجعل الاولوية في
اختيار المواضيع لحاجة المجتمع، وأما تعدد المواضيع واختلافها في الخطبة الواحدة
فهي توجب تشتتاً لذهن السامع وعدم رغبة في الالتفات والاستماع، ونتيجة ذلك ان
الكلمة لا تؤثر أثرها في المستمع.
2) مخالفة القول للعمل: عدم التطابق والانسجام بين القول والعمل الناتج عن
ضعف الايمان وغلبة الهوى، وقد نهانا الله تعالى عن هذا الامر مرارا وتكرارا منها
قوله تعالى: "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم" (البقرة 44).
3) الاساليب القديمة: يجب على الخطيب ان يختار الاساليب الحديثة لبيان ما
يختلج في صدره، وأما الاساليب المتكررة فهي تقلل من رغبة السامع للاستماع بل قد
توجب نفرته. فالاسلوب المتبع يجب ان يكون منسجما مع الزمان والمكان وان يستخدم
الالفاظ المألوفة لدى مجتمعه ومستمعيه.
4) المطالبة بالأجر: على الخطيب الديني ان يتحلى بالاخلاق والفضائل الروحية
وان يتنزّه عن المطالبة بالأجر على خطبته، لأن هذا الامر يقلل من التأثير المعنوي
للكلمة والخطابة الاخلاقية الدينية.
5) عدم الاطلاع: على الخطيب الديني ان يكون مسلحاً بالعلم ومحيطا إحاطة
كاملة بالمسائل الدينية فعدم الاطلاع الواسع يسفر عن تنفر السامع من الدين بدل ان
يجذبه اليه .
الخطابة السياسية:
هذه الخطابة تتمحور عادة حول أمور تخص الدولة والشعب في قضايا ومواضيع مختلفة في
الحرب والصلح في الاقتصاد والزراعة في التربية والتعليم ويمكن ان تلقى في اماكن
مختلفة كالبرلمانات والمجالس والمؤتمرات الدولية.
* منهج التبليغ