ومن أهم الخصائص الّتي يجب على المبلّغ الدّيني امتلاكها:
الشجاعة:
{الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللهِ
وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَ اللهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً}[1].
الشّجاعة بمعنى الجرأة والإقدام وشدّة القلب والرّوح عند البأس ومواجهة الأخطار
والصعاب، وهي حدّ الاعتدال بين التهوّر والجبن (الخوف)[2].
وعُرّفت الشجاعة في علم الأخلاق بأنّها عبارة عن "طاعة قوّة الغضب للقوّة العاقلة
في الإقدام على الأمور الهائلة.."[3].
وقيل للحسن بن علي(عليه السلام) "ما الشّجاعة؟ قال: موافقة الأقران والصّبر عند
الطّعان".[4]
وذكر أنّ النّبي الأكرم(صلّى الله عليه وآله) أوصى أصحابه قائلاً لهم: "لا يمنعنّ
أحدكم مخافة النّاس أن يقول الحق إذا رآه وعلمه، فإنّه لا يبعد من رزق ولا يدني من
أجلٍ"[5].
المبلِّغ الشجاع:
أيّها المبلّغ المقدام لقد طَرَقْت ساحة تبليغ دين الله، الهامّة
والحسَّاسة، وبالتّالي قد تتعرَّض أثناء عملك التبليغي إلى مواجهة بعض التهديدات
والمشاكل عبر بعض الأفراد أو الجماعات؛ والّتي قد تشكِّل خطرًا على حياتك ومالك
ومكانتك الاجتماعية؛ ففي أمثال هذه الموارد لا بدّ أن تتحلّى بالشّجاعة، وأن لا
تخشَ أحدًا سوى الله الخالق العليم الحكيم القادر الرّحيم، لأنَّ شجاعة المبلّغ
المؤمن نابعةٌ من إيمانه الرّاسخ بالمدَد الإلهي، ومن اطمئنانه بصوابيّة الطريق
الذي يسلكه والهدف الذي يعمل من أجله، ومن شوقه إلى ثواب الحياة الخالدة في الآخرة.
وحتماً لا بدّ من الالتفات إلى أنَّ الشجاعة لا تعني ترك الحذر والتّدبير
والاحتياط، أو الاستخفاف بالعدوّ، والتّساهل في مواجهته.[6]
نشر ثقافة الشجاعة:
بما أنّك مبلّغٌ أو مدير ثقافي، ومضافًا إلى أهميّة تقوية خِصلة الشجاعة لديك، لا
بدّ أن تعمل على نشر ثقافة الشجاعة عند المجموعات التي تتولّى مسؤولية التّبليغ
فيها؛ وذلك من خلال القيام ببعض الأمور:
1- تمجيد وتكريم الشّجعان وتقدير أعمالهم بالقول والفعل.
2- عرض ذكريات وخواطر الشّجعان بلياقة عالية.
3- إنتخاب مستشاريك ومساعديك من بين الأفراد الشجعان وأصحاب الشّهامة.
ومن الواضح أنّ القيام بهذه الأمور سيبعث السّرور والرّضا في قلوب هؤلاء الشّجعان،
وسيحفِّز الجبناء على ولوج ميدان الشجاعة[7].
[1] سورة الأحزاب، الآية 39.
[2] كتاب العين؛ قاموس دهخدا؛ الشجاعة.
[3] جامع السعادات، ج1، ص208؛ فرهنـﮓ معارف إسلامي (معجم المعارف الإسلامية)، ج3،
ص68- 69.
[4] ترجمة ميزان الحكمة، ج6، ص2677.
[5] تبليغ در قرآن وحديث، ص205 (التبليغ في القرآن والحديث).
[6] انظر: ترجمة ميزان الحكمة، ج6، ص2679.
[7] ترجمة ميزان الحكمة، ج6، ص2681، (بتصرف).