ومن أهم الخصائص الّتي يجب على المبلّغ الدّيني امتلاكها:
الإحسان إلى النّاس:
﴿ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي
الْقُرْبَى...﴾[1].
الإحسان: الخير المعروف والعمل الحسن والتّسامح والعطاء وفعل الخير وحسن القول[2].
إنّ الإحسان هو أعلى مراحل التّكامل الإنساني، والّذي اهتمَّ به الإسلام اهتماماً
كبيراً؛ لذا ينبغي أن يكون في منتهى الكمال والرّحمة وأن يجتنب فيه عن كلِّ أنواع
المنَّة والأذى لمن يُحسن إليه[3].
وحيث أنّ الإنسان يرجو دائماً نعَمَ الله وإحسانه وخيره ولطفه، وينتظر منه كلَّ
شيءٍ، فحريٌ به والحال هذه أن لا يتغاضى عن مطالب الآخرين الصّريحة، أو الّتي تُفهم
من أحوالهم، وأن لا يقف موقف اللّامبالي إزاءَهم.
يقول الله في قرآنه الكريم:
﴿ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ...﴾[4].
ويمكن تفسير هذه الجملة بتعبير آخر. وهو أنّ الله تعإلى قد يهب الإنسان مواهب عظيمة
لا يحتاج إليها في حياته الشخصية بتمامها. فقد وهبه العقل والقدرة الّتي لا تدير
فردًا واحدًا فحسب بل تكفي لإدارة بلدٍ أيضاً. ووهبه علمًا لا يستفيد منه إنسانٌ
واحدٌ فقط بل ينتفع به مجتمعٌ كامل. وأعطاه مالًا وثروةً لتنفيذ البرامج والمشاريع
الاجتماعية الكبيرة، فهذه المواهب الإلهيّة مفهومها الضّمني أيضاً أنّها لا تتعلّق
بك وحدك - أيها الإنسان-، بل أنت وكيلٌ مخوّلٌ من قبل الله سبحانه وتعإلى لنقلها
إلى الآخرين، أعطاك الله هذه النّعم لتدير بها عباده.
وبناءً على ذلك؛ ينبغي للإنسان أن لا يغفل عن ذلك، فكما أحسن الله إليه ينبغي له
الإحسان إلى الآخرين أيضاً؛ وإلّا فإنّه سيسلب منه كلّ هذه النِّعم. اسلك سبيل
الإحسان كما سلكه الرّجال الأحرار ولا تقف فيه مغلول اليدين. إنّ من يريد الإحسان
في كلا الدّارين لا بدّ له أن يُحسن إلى خلق الله[5].
من وجوه الإحسان الّتي يمكن القيام بها:
قُم بما يلائم المواقع المختلفة الّتي تتواجد فيها بالتعرّف على الأمور الضروريّة
والحاجات الفوريّة والعاجلة الّتي تهمّ النّاس واسْعَ سعيك في سبيل تأمينها ورفعها.
إنّ هذه الاحتياجات وبحسب الأفراد وخصوصيّات الزّمان والمكان، قد تكون معنويّة أو
علميّة أو ماديّة، ولذا لابدّ لك بمقدار استطاعتك أن تقوم بتأدية الأهمّ منها ومن
جملة ذلك:
الخدمات العلميّة والتربويّة، المساعدات الماديّة والماليّة للمحتاجين، والمشاركة
في الأعمال الخيريّة.
ومن أهمِّ الأعمال الحسنة الّتي يمكنك دائما القيام بها نذكر ما يلي:
إرادة الخير والإحسان والتّفكير به، إفشاء السّلام على الجميع وحُسن القول
والمعاشرة بالّتي هي أحسن, التّشاور مع النّاس وهدايتهم في المسائل الدِّينية,
السّياسيّة, التّعليميّة، والعمل, والزّواج و... وفي الموارد الّتي تحتاج إلى
الإحسان: الأب والأمّ، الأقارب، الجيران، المؤمنون والصالحون فإنَّ لهؤلاء الأولوية
على غيرهم.
[1] سورة النحل، الآية 90.
[2] انظر، فرهنـﮓ فارسى معين، (المعجم الفارسي معين)؛ لغت نامه دهخدا (قاموس
دهخدا)؛ فرهنـﮓ فلسفى؛ (المعجم الفلسفي)، فرهنـﮓ معارف إسلامي (معجم المعارف
الإسلامية) نشر طوبى، مصطلح الإحسان. انظر أيضاً التحقيق في كلمات القرآن الكريم؛
العين. دانشامه قرآن (موسوعة القرآن) مادة "حسن وإحسان".
[3] تفسير نمونه (التفسير الأمثل) ج2، ص22. (بتصرف).
[4] سورة القصص، الآية 77.
[5] بوستان سعدى (بستان سعدى)، الباب الثاني، الحكاية الخامسة، ترجمة بيتين شعر من
الفارسي.