8- البشارة والإنذار
{... وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَ مُبَشِّراً وَنَذِيرا}[1].
البشارة بمعنى الخبر السارّ والجيّد، والإنذار بمعنى التَّنبيه والتَّخويف من عواقب
أمرٍ ما قبل حصوله[2].
إنَّ تنمية الصفات الحسنة والفضائل الأخلاقية، وكذلك إزالة الرَّذائل الأخلاقية
يحتاج إلى عاملين اثنين، هما:
1- العامل المحفِّز.
2- العامل الرادع.
والعامل المحفّز، هو الثواب والبشرى التي أعدَّها المرّبي عند القيام بأيِّ عمل ما،
أو تذكيره بالنتائج الطيّبة والقيّمة لذلك العمل.
والعامل الرادع، أيضاً هو نفس التَّحذير من العقاب والمُجازاة على العمل السيّء،
الذي يُسْمِعُه المربّي للمتخلّفين والمسيئين.
إنّ هذين الأسلوبين؛ أي البشارة والإنذار، موجودان في كلّ المجتمعات الإنسانية
المتقدّمة، حيث إنّها وضعت التهديد والعقاب إلى جانب التشويق والثواب.
وقد اعتبر القرآن الكريم هذين الأسلوبين من أهمِّ الوظائف التبليغيّة والتربويّة
عند كلِّ الأنبياء، قال تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَ مُبَشِّرِينَ
وَمُنْذِرِينَ...}[3].
وإذا ما نحّينا هذين العاملين عن الإفراط والتفريط، فسيُوجدا طاقة عظيمة تضمن إجراء
كلّ المقرّرات والقوانين الإلهيّة.
وبناءً على ذلك، ينبغي على المبلّغ، دائماً، أن يبشّر الناس ويُنذرهم بنحوٍ يبعثهم
دائماً على الأمل والرجاء برحمة الحقّ - تعالى -، وعلى الخوف من العذاب الإلهيّ[4]
أيضاً.
وكما ورد عن الإمام عليّ (عليه السلام)، حيث قال: “الفقيه كلُّ الفقيه من لم
يُقنِّط الناس من رحمة الله، ولم يؤيسهم من روح الله، ولم يؤمنهم من مكر الله”[5].
[1] سورة الفرقان، 56.
[2] انظر فرهنـﮓ فارسي معين (المعجم الفارسي معين)؛ لغت نامه دهخدا (قاموس دهخدا)،
مادة البشارة والانذار.
[3] سورة الكهف: 56.
[4] مقتبس من: قرآن وتبليغ، بى آزار شيرازي، ص35- 37 (بتصرف).
[5] تبليغ در قرآن وحديث (التبليغ في القرآن والحديث)، ص153؛ أصول الكافي، ج1، ص44،
ترجمة وشرح مصطفوى. انظر أيضاً: نهج البلاغة، الحكم90.