لقد انطلقت الثورة ضد الاستبداد، والحركة الدستورية من النجف على يد العلماء. وفي إيران أيضاً كانت بيد العلماء، حيث قاوموا الاستبداد الذي كان يفعل ما يشاء ويقتل من يريد. ويذكر التاريخ أن بعض الجنود المساكين جلبوهم من الضواحي (للخدمة في طهران) دون أن يعطوهم الأرزاق، فتجمع هؤلاء عند مرقد السيد عبد العظيم (مدينة ري) حيث تمر عربة صاحب الجلالة الملكية، ليشكوا أمرهم إليه. وقد قام أحدهم بالقاء حجر. فبعث كما يذكر التاريخ من يأتي بهم، ثم أمر باعدامهم جميعاً. وقد تم بالفعل اعدام عدد كبير منهم حتى تدخل مستوفي الممالك – وزير الخزانة – واحتج على هذا التصرف وتشفع لهم. هكذا كانوا مستبدين. ومن هؤلاء محمد علي الميرزا، الذي يعرفه الجميع ويعلمون مدى وحشيته، وعلى غراره كان الآخرون. انتفض العلماء مقابل هذه القبضة الاستبدادية، وفجروا ثورة كانوا هم في طليعتها، وكانوا يأملون في تحقيق ما يصبون إليه إلاّ أن ذلك لم يتحقق. ولو كان قد حصل لكان الأمر أفضل من ذلك بكثير. ولكن ماذا بوسعهم أن يفعلوا. حسناً ما هو ذنبهم حين لم يتمكنوا من ذلك!؟ إلاّ أن حدوث الثورة آنذاك كان أمراً جيداً، حيث كان ذلك القزم يفعل ما يشاء ولا يُسأل عما يفعل. ولكن لم يتحقق ما أرادوه.
حينما ألقى سماحته هذه الخطبة وقتئذ معاتباً المثقفين، كان قد أقدم على عمل لم يستطع العلماء القيام به على طول التاريخ، العمل الذي من أجله تقرب العلماء من الحكومة الصفوية، وبتعبيره هو "أنهم ضحوا وتنازلوا وجاهدوا النفس" ولكن لم يتحقق ما كان يجب أن يتحقق. وقد اعتبر جميع ملوك هذه السلالة بدون استثناء خبثاء، وأكد مراراً على خباثتهم لكي لا ينسب أحد الازدهار العلمي والديني في تلك الفترة إلى ملوك هذه السلالة.
ويومها حينما قال أن لي عتاباً مع المثقفين كان معظم عتابه ينصب على المثقفين الذين اعتبروا تقرب علماء الدين من البلاط الصفوي تحالفاً وانسجاماً فكرياً بين العلماء وملوك هذه السلالة، وليس تضحية وجهاداً مع النفس من أجل اصلاح الأمور.
الخميني روح الله – سيرة ذاتية