حينما نلقي نظرة على تلك السنين، نلحظ رجلاً طويل القامة نحيف البدن يمشي كما يمشي سائر الناس، يأكل الطعام ويقبل وجوه محارمه وأحياناً يذهب إلى الحمام في الفجر ليؤدي الصلاة على طهارة. ولكن إذا استطعنا الولوج إلى قلبه رأيناه بحراً متلاطم الأمواج يرى الكثرة ويسمع لحن الوحدة، الحاد من شفاه الكثرة، يمتزج مع الوحدة ويسمع من أمواجها المتلاطمة نداء (أنا الحق)، ولكنه ليس ساذجاً ليكشف الأسرار ويُصلب كما صلب الحلاج، وقد بلغ من ابتعاد العرفان عنده عن التصوف، ما أدرك بأن العيش الطبيعي بين الناس وبدون أن يتنبه غير المحارم إلى وجوده، أحسن أساليب الحياة. ويعلم الجميع أنه رجل كبير وعظيم، ولكنهم لا يدركون ابعاد وامتداد هذه العظمة. كان يختار تلاميذه بنفسه. إنها السنوات ذاتها التي أخذ روح لله يدرس بحوث الفقه المتقدمة لدى آية الله الحائري، ولكنه كان يعلّم نفسه أكثر مما يعلمه الأستاذ. ذلك أن هذا الرجل الطويل القامة، والذي اسمه المقدّس محمد علي الملقب بالشاه آبادي بسبب شرائه بيتاً في محلة شاه آباد بطهران، رشح نفسه ليكون أستاذاً لهذا الشاب المتحمس لدراسة العرفان النظري وهو روح الله الموسوي الخميني قدس سره.
الخميني روح الله ـ سيرة ذاتية