كان أحد أصدقاء المهندس بازرجان، ويدعى الدكتور يد الله سحابي، قد نال شهادة الدكتوراه في فرع علم طبقات الأرض، وأخذ ينظر إلى نظرية التطور نظرة جديدة من خلال الآيات القرآنية الشريفة. وبتأييد وتشجيع المهندس بازرجان نشر نتائج تحقيقاته في كتاب حمل عنوان "خلق الإنسان". ومن حسن الحظ، وبدلاً من اثارة ضجة حول هذا الكتاب، تناول العلامة الطباطبائي بحوثه بالدراسة والتحليل. فظهرت من بين هذه البحوث عشرات الأفكار والتصورات. وفي ضوء ذلك حلت قضية التطور التي شغلت أذهان الوسط الجامعي، بأحسن صورة ممكنة. ولا يعني هذا أن المتدينين أصبحوا أنصار نظرية تطور الأنواع، وأن الإنسان كان في الأصل قرداً، وقد تساقط شعره الآن. بل أشار إلى أن الاعتقاد الديني لا ينفي نظرية التطور ولا يؤيدها. إذ أن بمقدور كل متخصص، وفي أي فرع علمي، أن يتأمل في الآيات القرآنية ويؤمن بما يستنتجه من هذا التأمل، وذلك بشرطين: التخصص في فرعه، والعلم بالقرآن. وبمثل هذا التأمل جرى تأليف كتاب (خلق الإنسان).
وحين وقع الكتاب بيد السيد روح الله، في فترة نفيه بالعراق، قرأه بدقة دون أن يعلق عليه، ولكن أحد تلامذته المخلصين آية الله المشكيني بدأ بعد نشر الكتاب، بحثاً في باب (التكامل في الإسلام)، وتقرر أن يلقيه كل يوم جمعة، كي يتمكن الطلبة من المجيء إلى قم. ونظراً لأن آية الله المشكيني كان تلميذاً للإمام قدس سره، فإنه يمكن الاستنتاج بأن سماحته كان مسروراً لطرح مسألة التكامل من وجهة نظر الإسلام في الحوزة والجامعة دون أن يعتبر ذلك انحرافاً عن مسيرة الجهاد والنضال.
* الخميني روح الله سيرة ذاتية