بعد قرابة أربعين عاماً، تعارضت الآراء الفقهية للسيد روح الله ازاء مسألة مشاركة
المرأة الشاملة في تقرير مصيرها السياسي، مع آراء ونظريات الشهيد المدرس وعدد كبير
من أساتذته الأجلاء حيث يقول: "في النظام الإسلامي تتمتع المرأة بالحقوق ذاتها التي
يتمتع بها الرجل، سواء حق التعليم، وحق العمل، وحق الملكية، وحق التصويت، وحق
الترشيح". ولكنه خلال فترة دراسته للقضايا غير السياسية اهتم كثيراً بالحقوق
الشخصية المسلّمة للمرأة. ورغم أن العبارات السابقة تمثل حكمه الفقهي في هذا الباب،
إلاّ أنه ذهب أبعد من ذلك. ففي موضع آخر يستوحي الحديث من مصدر آخر، ويكتسب لحناً
ثانياً، حيث يقول: "النساء قائدات نهضتنا. ونحن تابعون لهن.. إنني مقتنع بقيادتكن
وأنا خادم لكنّ. ادعو الله أن يحفظكن للإسلام".
ربما لم تأخذ المرأة مثل هذه المنزلة في آراء السيد روح الله في بداية قدومه إلى قم،
لأن بعض العلماء اعتبروا المرأة "ضعيفة"، فيما كان لم يزل آنئذٍ شاباً لم يرتق، من
العلم إلاّ مراتب معدودة ويتصور المرأة موجوداً عجيباً وعطوفاً، وكأن طبيعتها عجنت
بالحنان والرأفة والمحبة. ولا يخفى أن عطف الأمّ وخبرتها، وشهامة العمة وهمتها،
وجدارة (ننه خاور) في الفنون، والعلم، وأسلوب تدريس (أم افتخار العلماء) التي درسته
في طفولته الهيئة والنجوم والحساب، وكذلك شهرة بعض نساء التاريخ العظيمات.. كل ذلك
دفعه لرفض مقولة المرأة "ضعيفة". وفي هذا الخصوص سنجلس عند ساحل بحر أفكاره ونرى
أين يكمن مصدر ذلك الحكم الفقهي، وهذه الاشادة الخالية من الرياء، وكيف أصبح رجال
إيران مدينين لنساء زمانهم في انتصار الثورة.
* الخميني روح الله سيرة ذاتية