حينما كان السيد النجفي يبيّن للسيد روح الله الفلسفة الغربية خلال رده على نظرية
داروين، ربما لم يكن بحث الطفرة في تطور الأنواع قد طُرح بعد بشكل جاد على صعيد علم
الأحياء، إلاّ أنه خاض صراعاً طويلاً فيما بعد مع هذا المفهوم؛ لأنه كان يعلم أن
التكامل الحضاري أمر تدريجي في حين أن الثورة طفرة ووثبة، كما أن آثار الوحي آثار
وثبوية أيضاً. ونظرية داروين كانت قد طُرِحت ضمن إطار الرؤية الكونية، قبل أن تُطرح
في اطار علم الأحياء، وقد اكتسبت بعداً فلسفياً في الغالب. كما اهتم بها الماركسيون
أكثر من غيرهم، وأخذوا يربطون كل شيء ـ بنحو من الأنحاء ـ بالديالكتيكية الهيغلية.
وإذا كان بامكانهم أن يفسروا ثورة النبي موسى عليه السلام ضد فرعون، وسريان روح
النبي عيسى عليه السلام في الجسد الخشن لروما واليونان القديمتين، على أساس التطور
الناجم عن الديالكتيكية، فإنهم وقفوا عاجزين عن تفسير ثورة الوحي المحمدية التي
أنشأت في الجزيرة العربية القاحلة الموحشة، قواعد حضارة عالمية كبرى. لهذا كانت
نظرية الطفرة في تطور الأنواع مجرد ذريعة في أيديهم لا غير. وقد ازدهرت سوق هذا
النوع من الأبحاث قبل انتصار الثورة الإسلامية وبعدها أيضاً، غير أنها كانت هذه
المرة ذات صبغة سياسية أكثر رونقاً وأقصر عمراً مما كانت عليه قبل خمسين عاماً. فما
أغرب قصة بعض النظريات بدءاً بالتجربة ومشاهدة الطبيعة، وانتهاءً بتحول النتيجة
العلمية إلى نظرية ودخولها حيز الفلسفة والتصاقها بعالم السياسة!
فهل كانت ضرورة مثل هذا البحث وجاذبيته ـ الذي كان داروين ليس أكثر من ذريعة، وقد
أثار طرحه عشرات الأسئلة الفلسفية الأخرى ـ وراء اقبال السيد روح الله على الفلسفة
الإسلامية؟
الخميني روح الله ـ سيرة ذاتية