كان المرحوم الرفيعي القزويني حسن الذوق، ولم يكن يخجل من قراءة البحوث الجديدة في الفلسفة والهيئة والنجوم والرياضيات، ولم يكن يعتقد أنه يبدد وقته بهذه القراءة. وفي الحقيقة لو وُجِد من يدّعي بأنه يعرف الفلسفة ولا يعرف الرياضيات، لكان بإمكاننا أن نخمّن مدى التوهم الذي يمزج فلسفته. ولو لم تكن لديه معرفة بالهيئة، لاتضح مدة سعة معرفته بالوجود والموجود ـ اللذان هما من أكثر البحوث الفلسفية الإسلامية أصالة ـ على الصعيد الحسي. وكان المرحوم القزويني قد أدغم هذه المعارف الثلاث. مع أن رياضيات الحوزة العلمية آنذاك كانت بعيدة كل البعد عن الرياضيات التي تُدرَّس في يومنا هذا. كان طلبة العلوم الدينية يدرسون العمليات الأربع والجذر والتكعيب وشيئاً من الهندسة كمقدمات، ثم يدخلون إلى عالم ماهية الخطوط والاعداد المعقّد دون أن يتلقوا دروساً وافية في المعادلات الجبرية والمثلثات. ومن الطبيعي أن الاحاطة البسيطة بالرياضيات لا تسوّغ لصاحبها ادعاء معرفته بالرياضيات. غير أن البعض كان على علم بالعلوم الغريبة كالجفر وخصائص الحروف الأبجدية التي لها صلة بالرياضيات بنحو من الانحاء.
وكان السيد روح الله يتلظّى شوقاً لدراسة هذه العلوم، لا سيما الرياضيات، وقد بذل جهوداً كبيرة لتعلمها بمقدار ما كان يسمح به علم الأساتذة ولا شك أن ذلك المقدار من الرياضيات وبمثل هذا الأسلوب الدراسي، كان بامكانه أن يمنح صاحب الرغبة والوقت الكافي، القدرة على تحديد زمن الكسوف والخسوف اعتماداً على دروس الهيئة. والعجيب أن الهيئة التي كان الطلبة يدرسونها آنذاك هي "هيئة بطليموس"، وكانوا يحسبون الكسوف والخسوف وتطابق الأشهر الشمسية والقمرية بنفس هذا العلم القديم المهمل، وغالباً ما تكون حساباتهم صحيحة.
الخميني روح الله ـ سيرة ذاتية