يميل البعض إلى تقبيل يد زعيمه، فيما يودّ البعض الآخر تقبيل جبهته، بينما يذهب
آخرون إلى أبعد من ذلك لأنهم يبحثون عن الاخلاص له. وهناك من يحلّق من قمة الحب كي
يتيه في سماء فكره، بينما لا نجد لدى البعض الآخر حالة من الهدوء والاستقرار لأنه
يتطلع لأن ينفذ إلى أعماق قلبه إلاّ من خلال الخيال والقياس. ولو تضافرت جهود
الخيال والقياس معاً لأمكننا أن نحدس أنه حينما كان قد تعرّف روح الله على الهيئة
والنجوم والرياضيات والفلسفة، كم كان عسيراً عليه أن يعود إلى الفقه ثانية، إلاّ
أنه حينما سُئل في أواخر حياته: ما هو الدرس الذي كنت تميل إليه أكثر من غيره؟ أجاب:
الفقه.
من الصعوبة بمكان تصديق: أنّ من ينطلق في معراج الصلاة، ويبحث عن ربّ هو خالق
المجرات، ويسبّح معبوداً لديه ما لا يُحصى من السماوات (ولا بد أنه أدرك بأن شمسنا
ذرةٌ صغيرة في جزيئة كبيرة لسماء أكبر، وأسطورة “درب اللبانة” أو أي شيء آخر شبيه
بها، إنما هي لسان رمزي للحقيقة وما على المرء إلاّ أن يعبد ذلك الرب، ليس الرب
الذي هو أكبر قليلاً من خمين وقم وإيران وقارة آسيا والكرة الأرضية والشمس وسماء
ليالي صحراء يزد والمجرات المكتشفة)، ثم يعود من معراجه الصاخب على جناح سلام
الصلاة، أن يسأله شخص على الفور:هل بامكان الصائم أن يستخدم المسواك؟ فيجيبه دون ان
يبدو عليه الاستياء أو يؤاخذه على سؤاله: لا مانع إذا لم تسر رطوبته إلى الحلق!. ثم
يتأهب ثانية لرحلة أكثر صخباً؟!
* الخميني روح الله ـ سيرة ذاتية