هذه أبيات ساخرة في رثاء تفاهة الإنسان التي يكشف عنها علم النجوم:
العالم إلى جانب هذه السقوف الزرقاء التسعة***كالخشخاش على سطح البحر
انظر فما هي قيمتك في هذا الخشخاش***الأفضل أن تسخر من نفسك
كان السيد روح الله يحب هذا الشعر، وقد قرأه في إحدى حلقات درس الأخلاق بنحو
أشَعَرَ حفَّاظ هذه الأبيات وكأنهم يتذوقون مثل هذه الحكمة لأول مرة، لأنّ ايقاع
شعر العرفاء شفاء للنفس التي تعتل وتضيع في أجواء كلمات الإشادة والمديح. وهيبة
النجوم والهيئة الحديثة، نار في بيدر الأفكار المغرورة. بيد أنّ الموحدين لا يشعرون
بالضعَة في درس النجوم، لأنّ المعبود الذي هو أقرب إلى المرء من حبلَ الوريد، ويسمع
صوته ويراه ويعلم مكنونات قلبه، يتجلى في هذا العلم بشكل أكبر من التصور السائد،
وحينئذ يتسامى العابد مع كبر المعبود.
ويقول علماء النفس: أنّ الزُّهاد أكثر غروراً من الآخرين على نحو معقّد، لأنّ
عالمَهم صغير جداً، ولهذا يرون أنفسهم كباراً فيه. في حين أنّ علم النفس القديم
الذي يتفوق على علم النفس الحديث بشكل من الأشكال، كان قد أصلح هذه الفكرة من قبل
وقال إن الزاهد إذا كان زهده بسبب العجز والجهل، فمن الطبيعي أن يضخ مثل هذا الزهد
الغرورَ في النفس، وستكون الغفلة والغرور هنا مفردتين مترادفتين. أما إذا كان الزهد
نابعاً من العلم، فلا بدَّ أن يملأ النفس بالتواضع ليس أمام الآخرين فحسب، وإنما
أمام الوجود بأسره. وما ينبغي قوله هنا هو أن تعلم النجوم سيقود إلى الاستهانة
بالذهن الحسّي المادي، مع أن الحسية المادية نفسها تُعدُّ درجة من درجات المعرفة،
لكن المؤسف أن يظل الإنسان يراوح فيها.
الخميني روح الله ـ سيرة ذاتية