ليست مهمة كثيراً مثل هذه القضايا، أنها تحدث، تحدث لكافة الناس، ولله تبارك وتعالى ألطاف ظاهرة وأخرى خفية. فالخفية لا علم لنا بها، وبما أننا ناقصون من حيث العلم ومن حيث العمل ومن كل جهة، ترانا نجزع ونفزع في مثل هذه الأمور، ولا نصبر، وذلك لنقصان معرفتنا بشأن الباري تعالى. فلو كان لدينا اطلاع على هذه الألطاف الخفية التي يغدقها الله تبارك وتعالى على عباده و(أنه لطيف بالعباد)، وكنا نحيط بمثل هذه القضايا، لما كنا جزعنا إلى هذا الحد في مثل هذه الأمور الجزئية غير المهمة، ولأدركنا أن هناك مصالح ما، وألطافاً، ونوعاً من التربية. فهذه الدنيا، دنيا يجب علينا اجتيازها، وهي ليست دنيا ينبغي أن نعيش فيها، إنها طريق، إنها صراط. وإذا استطعنا أن نطوي هذه الطريق باستقامة كما طواها أولياء الله، جزناها وهي خامدة. وإذا ما استطعنا أن نعبر هذا الصراط بأمان كنّا سعداء. وإذا كنا منحرفين عن هذه الطريق ـ لا سمح الله ـ فسيظهر الانحراف هناك أيضاً، ويقود إلى انحرافات وبلايا. أسأل الله تبارك وتعالى أن يوقظنا، وأن يطلعنا على تلك الألطاف الخفية التي نجهلها، كي نكون مثل أولئك الذين لهم معرفة بمقام الربوبية، ومعرفة بالمدارج الإنسانية، والذين لم تكن الدنيا أكبر همهم، ولم يجعلوا حبلها على غاربه، ولم يلاحظوا مآربهم الدنيوية فحسب، بل يرون في هذا المكان طريقاً مؤدياً إلى الأماكن الأخرى، إلى السعادات الأكبر. وإذا ما حظينا بالتوفيق الإلهي ـ إن شاء الله ـ فسنصل إلى مثل هذه المرتبة التي نعجز عن ادراكها. ونعجز ونحن في هذا العالم عن أن نفهم أية مدارج وعوالم هناك. لقد فتحنا أعيننا كلها على عالم الدنيا.
* الخميني روح الله ـ سيرة ذاتية