توقفت عربتان بالقرب من دار السيد الثقفي ترجل من الأولى ثلاثة إخوة: السيد مرتضى
والسيد نور الدين الهندي، أخو العريس، والعريس السيد روح الله المصطفوي، وترجل من
العربة الثانية السيدان اللواسيان، والسيد مسيّب وكان خادماً طيباً وربما لحق بهم
أحد الضباط العسكريين، كان صديقاً طهرانياً للسيد بسنديده. وبعد السلام والسؤال عن
الأحوال، بعث السيد الثقفي خادمه ذبيح الله وراء ابنته قدسي، وأوصاه بأن لا يخبرها
بهوية القادمين كي لا تحدث نفسها بعدم المجيء. وسألت الجدّة: «من الضيف؟»، فلم تتلق
جواباً شافياً. وانطلقت الجدّة مع «قدسي هانم» وشقيقتها «شمس الآفاق»، وقد خامرهن
شعور بحقيقة الأمر. وسبقت شمس الآفاق جدتها وأختها بعدة خطوات لاستطلاع الخبر،
وحينما تيقّنت منه، كرت راجعة مهرولة نحو قدسي هانم وهي تقول باهتياج: «جاء العريس،
جاء العريس!».
وألقت عروس المستقبل نظرة من وراء النافذة الزجاجية لحجرة ذبيح الله على الحجرة
التي كان يجلس فيها العريس، بهدوء وحياء وصمت. وسجّلت عيناها في النظرة الأولى
المواصفات الآتية: رجل لا يُعرف طوله لأنه كان جالساً تحت لحاف كرسي التدفئة. سحنته
صفراء وكذلك شعره القصير.
وبعد وفاة ذلك النصير سُئلت نصيرة الشمس: هل أعجبكِ العريس؟ فقالت: لا بأس به،
لكنني لم أكن كبيرة كي أحدّد ماذا عليّ أن أفعل، وكنت بطبيعتي إنسانة صريحة وبسيطة.
ودخل أبي بخطوات هادئة وسأل أمّي: «ماذا قالت قدس إيران حينما عادت؟». فقالت له:
«لا
شيء، إنها جالسة». وقيل لي فيما بعد: «حينما كنتِ جالسة بصمت، هوى أبوك إلى الأرض
ساجداً». كان أبي يقول دائماً: «أنا أريد ولداً عالماً وصهراً عالماً».
* الخميني روح الله ـ سيرة ذاتية