وفي أعقاب السؤالين الآخرين اللذين طرحتهما النساء القريبات، كان العقل يحكم بعدم
وجود ولد له، لأنه لم يكن قد شاهد امرأة من قبل، ومع ذلك كان من الضروري الذهاب إلى
خمين وتفحص الأمر عن كثب وأنيطت مهمة ذلك، بالسيد أحمد فرضخ للأمر. وحينما عاد كان
يحمل الاجابة التالية: "منزلهم واسع ومعتبر، ذو جناحين متداخلين وممتازين... حسن
التعامل ونبيل، مرتبه الشهري ثلاثين توماناً يصل إليه عن ارث ورثه من أبيه". وقال
والد الزوجة: "حسناً، لا ضير لو أعطى خمسة تومانات بدل ايجار المنزل".
السيدة العروس كانت قد رأت العريس من خلف زجاج النافذة، غير أن العريس لم يشاهد
العروس!. لماذا من خلف الزجاج وليس وجهاً لوجه؟ لماذا لم يتحدثا؟ العريس ذو حياء،
لكن الزواج أصعب الاختيارات، وأحكام الدين على هذا الصعيد ليس فيها حياء. وقال صاحب
الشرائع في باب الزواج "أن من عزم على الزواج يحق له أن يرى جيداً من يريد أن يتزوج
بها حتى ما ستره الحجاب". وهناك حديثان مستندان في باب الحياء يواجه أحدهما الآخر:
الأول "لا حياء في الدين"، والآخر "المؤمن حيي". وبما أن الزواج نصف الدين ونصف
الحياة، فهو ليس فيه حياء إذن، والسيد روح الله قد جُبِل على الحياء وضاعف تدينه من
حيائه.
وفات الآخرون بأنه يتعين أن يرى خطيبته أيضاً، فلربما كان لديه كلام بعد رؤيتها.
لكنه لم يكن بحاجة إلى الرؤية. فهل كان قد رآها في المنام؟ لم يفض بمنامه لأحد كي
لا تصبح الرؤيا العادية أسلوباً في اتخاذ القرارات الكبرى. ألم يكن يؤمن بالأحلام؟
لا يمكن أن يكون كذلك، لأنّ القرآن استعرض عدة قصص واقعية قائمة على أساس الرؤيا.
والرؤيا عند المؤمنين هي الوجه الآخر للحقيقة. وحتى أحلام الأشرار قد تكون هي
الأخرى كشفاً لحقائق الغد. لقد رأى فرعون في المنام انهيار عرشه فانبرى لقتل أبناء
بني إسرائيل بعد أنْ فسروا منامه بخروج موسى عليه السلام . ورأى يوسف عليه السلام
في منامه الشمس والقمر وأحد عشر كوكباً يسجدون له، وتحققت تلك الرؤيا. ورأى عزيز
مصر في المنام سبع بقر ات عجاف يأكلن سبع بقرات سمان، وفسّر يوسف عليه السلام هذه
الرؤيا وأصبح هو عزيز مصر فيما بعد. وقد منح الله يوسف موهبة تفسير الأحلام تفضلاً
منه عليه.
* الخميني روح الله ـ سيرة ذاتية