وأي منام مرعب ذلك الذي رآه إبراهيم الخليل بطل التوحيد. رأى أنه يضغط بالسكين على
عنق ولده إسماعيل فعمل بما رآه في منامه. وتلقى الشيطان ثلاثة أحجار منه حينما قال
له: يا إبراهيم! هل للرؤيا كل هذه الأهمية حتى تحمل ولدك إلى المذبح؟ فالرؤيا إذن
معرفة قائمة بحد ذاتها. فحينما يلقي الجفن حجاباً على العين، يزيح الذهن حجاباً عن
خفايا الماضي والمستقبل.
إلاّ أنّ السيد روح الله، لم يفصح عن مناماته. فلربما رأى يعقوبه في المنام فأشار
عليه ناصحاً أن لا يصرّح بمناماته لأحد. غير أنّ حياة روح الله، كانت حياة عجيبة.
كلما وجدنا شيئاً يثير سؤالاً في الذهن، لا نلبث أن نجد اجابة صريحة عليه حينما
نبحث عن هذه الاجابة بشكل حثيث. ونلمح الاجابة حول عدم حاجته إلى رؤية خطيبته في
عبارة صغيرة نطق بها لسان نصيرة الشمس: "قال لي فيما بعد: حينما قال السيد
اللواساني أن لدى السيد الثقفي ابنتان وأشاد بهما، شعرت وكأنّ قلبي قد سُحِق هنا".
نصف الانتخاب في الزواج من عمل الذهن، والنصف الآخر من عمل القلب. والوجه الذهني في
هذا الانتخاب يتمثل في الصداقة الحميمة لسنواتٍ مع رجل محبوب حسن الصورة والبيان
والسلوك والعقل، ولو كان هناك عيب ظاهري وباطني في ابنته لكان قد علم به ولما أخفاه
عن صديقه. والشطر الذي يجب أن يشهد به القلب هو أن قلبه لم يكن ماجناً وخليعاً،
ولهذا تُعدّ إشارة القلب عنده كافية. والسيد روح الله قد دقّ قلبه مع أول إشارة
صغيرة، وهذا يعني أن الفتاة هي مَن كان يطلبها. وهنا يطرح السؤال التالي نفسه: هل
يُعدّ مثل هذا الانتخاب قضية شخصية لا يمكن تعميمها، أم أنّ بامكان كل أحد أن يحذو
حذوه في هذا الشأن؟ ولا شك أن التقليد في مثل هذا الأمر الخطير محفوف بالمخاطر،
فالإمام ورغم أنه كان من أكثر الناس نجاحاً في هذا الزواج، إلاّ أنه لم يُجز
لأبنائه مثل هذا الأمر.
* الخميني روح الله ـ سيرة ذاتية