مرت عشرة أشهر على السيد روح الله وهو ينتظر كلمة "نعم" من فم
"قدس إيران"، منذ طرح قضية الزواج في دار السيد الثقفي بقم وحتى الخطبة الرسمية في
داره بطهران. وبعد الموافقة، أخد كل شيء يسير على عجل. ويطيب سماع تلك الأحداث من
لسان نصيرة الشمس:
"لم تكن مراسم العقد موسعة. كان أبي جالساً في الحجرة الكبيرة بالجناح الداخلي من
الدار التي كانت بمثابة بهو أو صالة، حينما نادى عليّ. وكنت قادمة من المدرسة للتو.
ولما كنت لا أحضر بين يديه بدون الشادور، ألقيتُ بشادور أختي الصغيرة على رأسي
وذهبت إليه. قال: هناك كرسي فاجلسي. كانت أسرة العريس قد جاءت في اليوم الأول من
شهر رمضان، وكان ذلك في اليوم الثامن.
كنتُ خلال تلك الأيام في دار والدي، وكانت أمي تقوم بالضيافة على أحسن وجه. وخلال
تلك الأيام الثمانية التي أمضاها السيد (العريس) في منزل أبي، قدم السيد الكاشاني [العالم
المجاهد الشهير] لزيارتنا والتقى أحدهما بالآخر. وكان بيت السيد الكاشاني وبيت
والدي في زقاق واحد وكانت بينهما أواصر صداقة. وقال السيد الكاشاني لأبي في حينها:
"أين وجدت هذا الأعجوبة؟".
وأخذوا يبحثون عن دار للايجار كي ينقلوا إليها العروس. وقد تقرر أن يقام العرس
بطهران ثم يذهبون إلى قم. وتم العثور على دار بعد ثمانية بعد ثمانية أيام، نفس
البيت الذي كنت قد رأيته في المنام، نفس الحجرة وبنفس الشكل والمواصفات. وحتى
الستائر التي ابتيعت لي فيما بعد، كانت نفسها التي رأيتها في المنام.
قال أبي: "أوكليني كي أوكل السيد أحمد ليذهب إلى مزار السيد عبد العظيم لقراءة صيغة
العقد هناك، وسيوكل السيد العريس أخاه بسنديده". مكثتُ قليلاً [حسب العادة الجارية]
ثم قلت: نعم، وانطلقوا لاجراء مراسم العقد. وبعد إعداد قال والدي: جهزوا بيتها،
إنهما عازمان على الذهاب إلى بيتهما. فبعثوا بالأثاث الضروري كالفراش ولحاف كرسي
التدفئة وأدوات المطبخ وأشياء أخرى مثل المصباح الزيتي.
وكانت لدينا سيدة حاضنة لأمي فبعثوها مع ابنتها "عذراء" لتولي شؤون الضيافة والطبخ.
وفي ليلة الخامس عشر أو السادس عشر من رمضان تمت دعوة الأصدقاء والأقارب، ولبست
فستاناً أبيض أنيقاً طرّزته ابنة عمي تطريزاً ماهراً".
الدار المستأجرة لا يمكن أن تُقاس بالدار التي في خمين، لكنها كانت أكثر راحة من
حجرة الحوزة في كل الأحوال. كما أن الشابة اليافعة التي تنتظر قدوم السيد روح الله
في الظهيرة والليل على أحر من الجمر، كانت قد أشاعت الحرارة بشكل كبير في تلك
الدار.فهذه الزوجة هي ذاتها التي كان ينشدها، وإن ما جعل السيد روح الله متحمساً هو
صدقها وإخلاصها.
* الخميني روح الله ـ سيرة ذاتية