... ويُعدّ طهو الطعام، وغسل الأواني، وتنظيف الملابس وكيّها وعشرات الأعمال الأخرى
جزءاً من الأعمال البيتية، والنساء أكثر جدارة فيها من الرجال. وفي البيت الذي
تخيّم عليه العلاقات السليمة، تتطوّع المرأة لمثل هذه الأعمال. وتتجلى روعة الحياة
في نهوض الرجل أحياناً لدعم المرأة في أعمالها، كي يدرك مشقة مثل هذه الأعمال من
جهة، وكي يبدد عن المرأة إرهاقها النفسي الناجم عن التكرار اللامنتهي للأعمال
الروتينية الخالية من الحماس من جهة أخرى.
وكل امرأة واعية لنظام إدارة البيت تسعى لأن تؤدي ما ترى أنه واجب عليها، على النحو
الأحسن حتى وإن كان لديها عمل خارج البيت، رغم أنّ تفاني المرأة على هذا الصعيد قد
يدفع بالرجل إلى قلة دعمه لها متوهماً أن هذه الأعمال هي في الواقع أعمالها
الحقيقية التي لا يمكن نكرانها. وقد ترتفع عقيرة بعض الرجال الناكرين للجميل
بالاستنكار والقاء التقصير على عاتق المرأة وتشكيل محكمة منحازة يكون فيها الرجل
نفسه القاضي والمدعي وذلك حينما يتأخر الطعام عن الخوان أو أنّ لباساً من ملابسه لم
يُكوَ، أو أنّ رشح أنف الطفل أضفى البشاعة على وجهه.
والرجل الناكر للجميل يكون ذا قلب أعمى إلى حدٍّ يتجاهل معه مئات الألطاف التي تجود
بها المرأة، وقد يرد على بعض القصور بالصفعات، ولهذا نجد في الإسلام حكماً يهدف إلى
وأد أماني الرجل التي لا محل لها من الاعراب، ولا تظهر حاجة إلى العمل بهذا الحكم
في أغلب الأحيان عدا الحالات التي تنكشف فيها أسرار البيت في المحكمة. والحكم هو أن
الرجل ليس لا يحق له أن يجبر المرأة على أعمال البيت فحسب، بل أن للمرأة الحق أيضاً
في أن تطلب مرضعة لطفلها أو أجراً مقابل لبن الرضاعة. فهل هناك امرأة بدون عاطفة
إلى هذا الحد بحيث تضع رجلاً على رجل وتتعسّف في حقها الشرعي هذا وتدع بعلها
وأبناءها بدون ملبس وغذاء؟ والجواب هو لا توجد مثل هذه المرأة! اللهم إلاّ أن تكون
مريضة.
وهل هناك بين الرجال من يتذكر مثل هذا الحق للمرأة على مدى الحياة الزوجيّة؟ ربما
تكون الاجابة على هذا السؤال بالنفي أيضاً لولا وجود أولياء الله. أمر لا يُصدَّق
وشبيه بالاسطورة إلى درجة أنه يسلب من القائل جرأة التحدث به خوفاً من الاتهام
بالغلو غير أن الحقيقة يجب أن تقال رغم أن بعض القلوب لا تطمئن لها ببساطة.
* الخميني روح الله ـ سيرة ذاتية