آيات التواضع
أمثال آية الله الشيخ بهجت ممن ينظر بعين الحقيقة ولا ينخدع بتلبيس النفس، بعد أن
اتخذها عدّواً أحكم رصدَها ومراقبتها ومحاسبتها، فلا بدَّ أنه يأنف من التكبر، ويفرُّ
من قبح لوازمه، لذا لا تشعر حين تبدر منه آيات التواضع وأمثاله من مظاهر الخُلُق
الحسن أنه تكلّف شيئاً خارجاً عن ذاته أو بذل مؤونةً أضافية، بل عجنت ذاته بهذه
الفضائل.يروي أحد علماء طهران انه جاء يوماً إلى بيت الشيخ في حاجة له،ففتح له
الباب شيخٌ بسيط المظهر، وكأنه لم يحتمل أن يكون هذا الشخص المتواضع هو نفس الشيخ
بهجت- إذ من أبسط المعتاد في بيوت المراجع وكبار العلماء ان يكون هناك خادم يفتح
الباب أو شخص يستقبل المراجعين- قال له هذا العالم: لديَّ شغل مع آية الله
بهجت،فأجابه الشيخ: تفضل بما تريد ،فأجاب العالم الطهراني: لي شغل معه شخصياً،
فأجاب الشيخ مرة أخرى: تفضل(أي بذكر حاجتك).يقول العالم الطهراني: لم يخطر ببالي
أصلاً أنه نفس آية الله بهجت، واعتقدت بأن هذا الشخص لا يريد السماح لي برؤية الشيخ
مباشرة ولذا رجعت دون بيان ما أريد، لكن فيما بعد وعندما ذهبت إلى المسجد الذي يصلي
فيه الشيخ بهجت لأشارك في جماعته أدركت أنَّ ذلك الشخص الذي فتح لي الباب كان آية
الله بهجت نفسه.وأدركت أنّ الشيخ بهجت عندما يصرُّ على الحياة البسيطة الزاهدة التي
يعيشها فهو لا يمارس حالة طارئة فرضها على نفسه، بل لعل الانخراط في الدنيا
ومظاهرها وترفها يتطلب من أمثاله بذل مؤونة وجهد، بعد ان أدرك الحقيقة والتفت إلى
آثارها ولوازمها ومدى ما يفوت الإنسان من سعادة واقعية ومنافع آنية ومستقبلية من
الانشغال بمباهجها وزخرفها.