عندما رأى الملائكة أن عجينة آدم عليه السلام وطينته ثقيلة ومظلمة وقد جُبلت من
الماء والطين قالوا: "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء". فان فيه الغضب
والشهوة وهو يقيم الحرب ويسفك الدماء ولا يستطيع التحليق مثلنا، ولكن الله عز ّوجل
أفهمهم أن هذا البشر الترابي يستطيع التحليق أكثر من الملائكة وبمقدوره الوصول إلى
مقامات أعلى من مقاماتهم، وبالطبع فنحن وأمثالنا باقون على ثقلنا هذا وعلى نفس
حالتنا الترابية، نسأل الله أن لا يتزين لنا الحرام فان هذا احد أمراض القلب الذي
يبتلي به المرء ويؤدي به إلى توريط نفسه بالحرام مع وجود طرق الحلال التي يستغني
بها عن الحرام، والإنسان يستطيع باختياره أن يكون جليساً لسلمان أو قريناً لأبي جهل.
ولقد رأى الملائكة أشياء عجيبة وغريبة من البشر، فقد خُلق من الماء والطين فكان
ثقيلا ومظلماً ولهذا سألوا الله سبحانه مستوضحين: لماذا خلقت هذا الكائن الذي ينطوي
على الغضب والشهوة ويصدر منه الحرب وسفك الدماء والفساد؟ في حين "ونحن نسبح بحمدك
ونقدس لك"!!
أي إن كان المقصود هو التسبيح والتقديس فهو حاصل فينا، وعليه فخلق الإنسان تحصيل
حاصل؟
ولكن الله عزّ وجل قال في جوابهم: أريد خلق وعاء أعلمه الأسماء وله من القابلية
والسعة ما يكون أقوى وأكثر سعة منكم ولهذا فإن خلقي له ليس تحصيلاً للحاصل.
في مدرسة آية الله الشيخ بهجت المقدس