جاء في كتاب دار السلام انه كان لأحد طلاب العلوم الدينية ثلاث حاجات وكان يواظب
على زيارة أبي الفضل العباس عليه السلام في فترة مديدة متوسلاً به لقضاء هذه
الحوائج، وفي احد الأيام وبينما كان واقفاً وبكل أدب مقابل الضريح ومشغولاً بقراءة
الزيارة جاءت مجموعة من النساء القرويات من بدو العرب حافيات الأقدام وقد حملن طفلاً
مشلولاً فدخلن الحرم وطفن حول الضريح دورة وهن يهلهلن ثم خرجن من الحرم وقد شُفي
مريضهن، وعندما رأى الطالب هذا المنظر اقترب من الضريح وخاطب أبا الفضل العباس
قائلاً: قد واظبت على زيارتك عدة سنوات دون أن تقضي لي حوائجي ولكنك سرعان ما قضيت
حاجة هذه النساء القرويات بهذا النحو، وخرج من الحرم غاضباً مصمّماً على عدم العودة
لزيارته ثانية.
ثم توجه إلى النجف ليحلّ في نزل للمسافرين وهناك يأتي من يقول له: إن خادم الشيخ
الأنصاري رحمه الله قد جاء وسأل عنك عدة مرات فذهب إلى الشيخ الأنصاري الذي قال له:
لا تتأثر من أبي الفضل وتقاطعه ولا تنظر إلى هؤلاء البدو العرب فإنهم قد اعتادوا
على ذلك، تريد الحج فهذه نيابة للحج، وتريد داراً فسوف تهيأ لك الدار التي تعجبك،
وتريد زوجة، لك ذلك.
احتملوا جود أمثال هؤلاء العلماء من أصحاب الكرامات (أي الشيخ الأنصاري) في هذا
الوقت أيضا لأنه: لا تخلو الأرض من حجة الله" وطبعاً هناك من يتيقن ذلك ويؤمن به
أكثر من مجرد احتمال ونسأل الله أن نمتلك يقيناً بدرجة لا نتزلزل معها، يقول الله
تعالى على لسان أصحاب موسى عليه السلام "قال أصحاب موسى إنا لمدركون" أي إننا
هالكون ولكن موسى عليه السلام قال:"كلا إن معي ربي سيهدين" أي إن سندي وملجئي قوي
وثابت كالجبل لان الله تعالى يقول "انا معكم مستمعون" أي إن الذي وعدنا ما زال معنا
فهو ليس ممن يتركنا في منتصف الطريق.
في مدرسة آية الله
الشيخ بهجت المقدس