إن إتيان وترك المعصية أمر صعب ظاهرا، والوصول إلى درجة "سلمان" متعسّر بل كالمحال
ولهذا فان الجميع عدا المعصومين عليهم السلام مُبتلون بترك الطاعات وارتكاب المعاصي
والوصول إلى درجة المعصوم كأنه أمر غير ممكن ولكن يوجد بين البشر من هو كالشمر
بأعداد غفيرة. ولكن هل يوجد شيء يعين على إتيان الطاعات والانتهاء عن المعاصي؟
من الأمور السهلة المؤونة جدا وان كان بالفعل مخالفاً للقول، أن الإنسان يمكن أن
يلاحظ ويرى انه لو ترك المعاصي وعمل بالطاعات فهل أن حاله ستختلف عما لو ترك
الطاعات وأتى بالمعاصي؟ وهل حالته ستكون كما في الحالة الأولى أم لا؟
هل التقرّب للرئيس والملك ينفع الإنسان أكثر أم التقرب للفقير والعاجز؟ وهل يجدر
بنا الرجوع إلى الذات التي بيدها الموت والحياة والصحة والمرض والغنى والفقر وإقامة
علاقة معها أم إلى المحتاج بنفسه والمفتقر العاجز؟
وكذلك الأمر في طاعة الأوامر الإلهية وكذا في المعصية أيضا وطاعة أوامر النفس
والشيطان فان الأمر دائر بين مجالسة من بيده الحياة والممات والغنى والفقر والمرض
والصحة والمستشفى والطبيب والخزانة والثروة... أو مجالسة من لا يملك شيئاً؟ فماذا
يختار الإنسان؟ والى أي طرف ستميل المحبة الوجدانية وصوت الفطرة؟ لا بحسب الخوف من
النار والاشتياق إلى الجنة. وبحسب الظاهر، فان العبد المطيع يستند ويتكئ إلى مثل
الجبل قوة وثباتا والى من هو مصدر جميع الخيرات بينما العبد العاصي يستند إلى من هو
اشد افتقارا منه والى من هو عدو المعرفة "الشيطان" والذي هو أسوأ من الصديق الجاهل،
كل ما يرتئيه صلاحا له فهو ينعكس ضررا وخسرانا فيكون كمن يذهب إلى شخص ليساعده من
النجاة من الفقر والضغط ونوائب الدهر فيقول له: إن أفضل عمل لك هو أن تقدم على
الموت والانتحار، فما يرتئيه الشيطان للإنسان هو من قبيل من يقول له: إن صلاحك
ونجاتك في تناول أقراص مميتة أو منومة لكي ترتاح.
وبناء على هذا فإننا حينما نصمم على الطاعة نكون قد صممنا على مرافقة ومصادقة
ومجالسة الغني القادر والعالم الكريم وحينما نصمم على المعصية نكون قد صممنا على
مرافقة ومجالسة الفقير العاجز والجاهل اللئيم.
كتاب: في مدرسة آية الله الشيخ بهجت المقدس