لقد كان إبليس عالماً، بل من علماء الطراز الأول. ومع أنه أراد أن يتحدث بنحو منطقي
جداً، فقد قال مخاطباً ربه: "خلقتني من نار وخلقته من طين".
وقد اعترضت الملائكة أيضا على خلق آدم عليه السلام، لكنهم سألوا وسمعوا الجواب،
قالوا: "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء". وقال الله تعالى: "قال إني اعلم ما
لا تعلمون". ولم يوجد من يقول ثمة لإبليس: لماذا قلت بنحو الجزم: "خلقتني من نار
وخلقته من طين". فهل رأيت ضوءك الظاهري فقلت من المحال أن يكون سواد الطين وظلامه
اشرف مني؟
والآن أيضا نرى الكثير من الناس يعترضون على الدين والأمور الدينية ويتخيلون أن
أحداً لا يستطيع أن يجيب عن شبهاتهم وأسئلتهم الدينية والعقائدية دون أن يطلبوا
الإجابة من أهلها.
لقد طلب الشيطان من الله تبارك وتعالى انه لئن أعفاه من السجود لآدم فسيعبده بدل
ذلك عبادة لم يعبده بمثلها أحد. ولكن الله تبارك وتعالى قال له: "إني أحب أن أطاع
من حيث أريد".
لقد آل الشيطان إلى هذه العاقبة وسوء المصير بعد عبادة استغرقت ستة آلاف سنة. فهل
يمكننا الاغترار بأنفسنا ؟ نعوذ بالله تعالى من ذلك.
* كتاب: في مدرسة آية الله الشيخ بهجت المقدس