النبي الأكرم صلى الله عليه وآله هو مظهر صفة الرحمة الخاصة للحق تعالى فهو
"بالمؤمنين رؤوف رحيم" وهو مرآة جمال الحق حيث ظهر فيه نور الرحمة وشعّ منه للآخرين
دون أن يكون ذلك له بالذات. فهو كالمرآة التي تعكس نور الشمس على الأشياء الأخرى.
فالمنعكس في الحقيقة نور الشمس لا نور المرآة، والله تبارك وتعالى يخاطب نبيه قائلا
"لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين"، ويقول أيضا "فلا تذهب نفسك عليهم حسرات"، أي
هل تريد أن تزهق نفسك من المشقة والتعب فتقضي عليها من شدة رحمتك ورأفتك بالمؤمنين
في سيبل هدايتهم وإرشادهم.
بعد واقعة استشهاد حمزة رضوان الله عليه عم الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)
وشق جوفه وإخراج كبده والمثلة به قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سأنتقم
له بقتل سبعين نفرا من المشركين. فنزلت الآية الكريمة: "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ
فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ
لِّلصَّابِرِينَ". ولهذا فإنه صبر وعفا وغفر وقد عفا (صلى الله عليه وآله وسلم) عن
وحشي قاتل حمزة بعد نزول قوله تعالى: "ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا
الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما"، بل بشره بالمغفرة بعد التوبة.
كتاب: في مدرسة آية الله الشيخ بهجت
المقدس