جرت العادة على انّ أهل العلم والخطباء لا يقرأءون من الكتاب الموضوعات التي
يتحدثون بها وهم على المنبر، وهذا خلاف الاحتياط خاصة في نقل الروايات وخاصة في شهر
رمضان، وقد سمعنا ان المرحوم الشيخ عباس القمي عندما كان يصعد المنبر في مدينة مشهد
كان يقرأ من الكتاب ولكنه في النجف كان يقرأ من على المنبر من غير كتاب.
وكان الشيخ مهدي الواعظ الخراساني رحمه الله الذي كان معروفاً بتبحره في هذا الفن
والذي أُبعد عن ايران في حكومة رضا بهلوي وكانت له غرفة في مدرستنا يطالع الموضوع
الذي يريد التحدث به قبل ارتقائه المنبر كما يطالع المدرس درسه قبل الشروع فيه مع
انه صاحب تاريخ في هذا الفن يناهز السبعين عاما وليس هنلك عمل يؤتى به مع الاحتياط
ثم يلحقه الندم.
ومن نماذج الخطباء الذين يعملون بالاحتياط او لا يتكلمون الا بالروايات انني حضرت
ذات مرة في مدرسة الشيرازي في سامراء حيث يقيم البغداديون واهل الكاظمية مجلس عزاء
في الثالث من رجب يوم شهادة الامام الهادي عليه السلام فارتقى المنبر واعظ عجوز
وكان سيدا نحيفا وطويلا ومحل احترام كبير من الحضور ولقد كان كل مجلسه روايات فلم
يكن يذكر في خطابه من اول كلامه الى اخره كلمة غير الروايات وكان حريصا جدا على ان
لا يتجاوز في كلامه الروايات وكلما قرأ رواية يصعب فهم معناها أردفها مباشرة برواية
اخرى توضح معنى الرواية الاولى فيبين الرواية بالرواية ايضا وكان يختار الروايات
القصيرة الى حد ما بحسب الحاجة. نعم لقد رأيت خطيبا اخر عكسه تماما فلم يكن في
مجلسه حتى رواية واحدة ولم يكن في خطابه غير امريكا كذا وروسيا كذا..!
* في مدرسة اية الله الشيخ بهجت المقدس