يقول
الإمام الخميني (قدّس سره):
إنّني أحذركم، فمستقبلكم سيكون أشدّ ظلمة من حاضركم، إنتبهوا، ولا تقعدوا هنا
وتحدّدوا لأنفسكم تكليفًا شرعيًّا خاصًّا بكم. إنّ لديكم القدرة، ولديكم النّفوذ
بين النّاس، بل إنّ القدرة التي توفّرت لديكم تفوق ما توفر للامام الحسين (عليه
السّلام) من قوّة. إذ لم يكن لديه (عليه السّلام) قوّة يُعتدّ بها، إلّا أنّه نهض
رغم ذلك، ولو أنّه (عليه السّلام) كان متقاعسًا- والعياذ بالله- لاستطاع القعود
متعلّلًا بالقول: ليس تكليفي أن أثور. ولكان القصر الاموي سيُسَر بقعوده (عليه
السّلام) وعدم تعرّضه لهم بكلمة، ولكان تحقّق بذلك مرادهم، غير أنّه (عليه
السّلام)، راسل مسلم بن عقيل ليقوم بدعوة النّاس الى بيعت،ه لإقامة الحكومة
الاسلامية والاطاحة بتلك الحكومة الفاسدة. ولو أنه (عليه السّلام) لازم مكانه في
المدينة، وبايع حينما جاءه ذلك التّافه طالبًا منه البيعة- والعياذ بالله- لسُرّوا
بذلك كثيرًا، ولقبّلوا يده أيضًا.
واليوم، عليكم الانتباه الى أنّ الحكومة إذا عاملتكم باحترام، فهو كاحترامهم لمراقد
(أبناء الائمة عليهم السّلام) فهم يُظهِرون لها أشدّ الاحترام، لعدم تمكّن الموتى
من تشكيل خطر مباشر عليهم أو على حكوماتهم، ولكن" ابن الامام" ذاته لو كان حيًّا
وقال كلمة واحدة، لا بل لو أن أمير المؤمنين (عليه السّلام) جاء بنفسه وعارضهم
بكلمة، لأحلّوا به نفس المصير الذي يحلّونه بالآخرين.
إنّ من لا يكترثون بأمور المجتمع، والغافلين عمّا يحلّ بالنّاس من جرائم تُرتكب في
مختلف البلدان الاسلامية، والسّاكتين والمشغولين بالأكل وإشباع الملذّات، والسّعي
وراء مظاهر الحياة الماديّة فقط، هم المصداق الأمثل لهذه الآية الشريفة (يتمتّعون
ويأكلون كما تأكل الانعام والنّار مثوى لهم)، فهؤلاء غافلون عن أنّهم يرتزقون من
مال الاسلام، وأنّ عليهم أن يقدّموا مقابلًا لذلك للإسلام والمسلمين. فهم
كالحيوانات، والحيوان لا يعلم مصدر طعامه الذي يأكله، ولو قُتل البشر بأسرهم، وكان
علفه في مكانه، فهو مسرور ومرتاح وليس هناك ما يزعجه، إنّه يريد علفه فقط ليأكل
(ويأكلون كما تأكل الانعام) إنّ امثال هؤلاء يُلحقون العار بالدّنيا و بالمسلمين.
صحيفة الإمام (ترجمة عربيّة)، ج2، ص 347.