يقول الإمام الخميني قدس سره:
بحمد الله فإنّنا اليوم ننعَم بالحرية من القيود الّتي كانت تكبّل عقائدنا وأفكارنا
وباتت جميع فئات الشعب تمارس حقّها في التعلُّم والتعليم خصوصًا المرأة الّتي كانت
مغيبة عن المجتمع ومسلوبة الحقوق، حتّى من حقّ الخروج إلى جمعٍ من عدّة أفراد
والتحدُّث أمامهم ولوفي المسائل الدّينية والعقائديّة. أمّا اليوم فقد خرجت إلى
المجتمع لتأخذ دورها وتمارس حقوقها كاملةً؛ لاسيّما حقّها في التعلّم والتّعليم وفي
مختلف المجالات، فلدينا الجامعيّات والدّارسات في الحوزات العلمية في قم وغيرها من
المدن، يمارسن دورهنّ في التبليغ في مختلف أنحاء ايران وحتّى خارجها.
إنّ ايران اليوم تعاني من نقص في عدد المبلّغين ونقص في عدد القضاة، والحوزات
العلمية لا تملك ما يغطي حاجة إيران من المبلّغين والقضاة، لأنّها في الأصل لم تعمل
على تربية القضاة والاهتمام بهذا السّلك. لذا فعلينا السّعي لتربية قضاة ومبلّغين
من جيل الشباب ليغطّوا حاجة البلاد في هذَين المجالين، فالقضاء واجبٌ على الجميع
على نحو الوجوب الكفائي، لذا يجب تأهيل أشخاص لاسقاط هذا الواجب. وكذلك تبليغ
الاسلام فإنّه من الواجبات ولابدّ من إعداد أفرادٍ لتبليغ وإيصال كلمة الاسلام
الطّيبة وما جاء في القرآن إلى كافّة أنحاء العالم. وهكذا أمر يتطلّب معرفة وإتقان
لمختلف الّلغات الحيّة في العالم، فإنّكم لا تستطعون الذّهاب إلى إنكلترا أو أمريكا
أو الاتّحاد السّوفيتي؛ وتمارسوا التّبليغ بلُغتكم الفارسية؛ بل لابدّ من إتقانكم
للغة أهل هذه البلاد، فالإقدام على ذكر هكذا أمر كان من المستحيلات في السّابق.
أمّا اليوم فترون أنه جزءٌ من الواجبات الّتي يجب عملها وإنجازها. لذا؛ وفي نفس
الوقت الّذي نوجّه فيه الشّكر إلى جميع السّادة العاملين في هذا المجال، نطلب منهم
ومن جميع الحوزات العلمية أينما كانت؛ أن يشمّروا عن ساعد الجدّ ويسعوا إلى سدّ
الثغرات والعيوب؛ وازالة آثار الإهمال الّتي كانت عليها الحوزات وتهيئة كلّ ما
يحتاجه الاسلام من مبلّغين وقُضاة أكفّاء، فإنّ تبليغ الاسلام والعمل بأحكامه
متوقّفٌ عليهم.
ففي هكذا جو من الدّعاية الواسعة ضدّنا وضدّ الاسلام، لابدّ أن نمتلك قدرات تبلغيّة
جيّدة، ونرسل مبلّغين أكفّاء إلى خارج البلاد على قدر ما تسمح به إمكاناتنا. أتمنّى
لجميع السّادة، سواء في الحوزات أو الجامعات، أن يوفَّقوا في ذلك؛ وأن يوفَّقوا في
تربية عدد كبير من المبلّغِين رجالًا ونساء.
* صحيفة الإمام (ترجمة عربيّة)، ج18، ص 93-94.