يقول الإمام الخميني قدس سره:
يجب على كافّة الوعّاظ وخُطباء المنبر الحسينيّ الالتفات إلى هذا المعنى؛ وهو أنّه
لو لم تكن ثورة سيّد الشّهداء عليه السّلام لما كان باستطاعتنا اليوم تحقيق هذا
النّصر. وأنّ وحدة الكلمة الّتي كانت وراء انتصارنا، هي وليدة مجالس العزاء والمآتم
ومجالس تبليغ الإسلام ونشره.. وأنّ سيّد المظلومين هيّأ لأبناء الشّعب وسيلة تحقّق
لهم وحدة الصفّ وتكاتفهم دون أدنى جهد. لقد جعل الإسلام من المساجد خنادق، حيث أضحت
مكانًا للتجمّعات ووسيلة لتحقيق أهداف الإسلام والنّهوض بمسؤوليّاته، لا سيّما ثورة
الإمام الحسين عليه السّلام، حيث علّمنا كيفية التصرّف في ساحة الصّراع وخارج ميدان
المعركة، وكيف يتسنّى للمناضلين والمقاتلين الدّفاع عن أهدافهم وتطلّعاتهم وكيف
ينبغي أن يتصرّف أولئك الموجودون خلف جبهات القتال.
علّمنا الإمام الحسين عليه السّلام كيفيّة خوض الصّراع بفئة قليلة وكيفيّة التصدّي
للحكومة المستبدّة الّتي تفرض هيمنتها على كلّ شيء.. كلّ ذلك علّمنا إيّاه سيّد
الشّهداء وأهل بيته العِظام.
كما علّمنا الإمام السجّاد عليه السّلام - نجل الإمام الحسين عليه السّلام - كيف
ينبغي التصرّف بعد تلك الواقعة، وهل يجب الاستسلام أم تقليص حجم الجهاد، أم العمل
مثلما فعلت الحوراء زينب عليها السّلام إثْر تلك المصيبة العظمى الّتي تضاءلت دونها
المصائب، حيث صمدت وتحدّت الكُفر والزّندقة، وخطبت كلّما سنحت لها الفرصة وأوضحت ما
يجب إيضاحه.
كما اضطّلع الإمام السجّاد عليّ بن الحسين عليه السلام بمسؤوليّة التّبليغ بما يبعث
على الفخر رغم المرض الّذي أقعده.
صحيفة الإمام (ترجمة عربية)، ج17، ص 53-54.