لا ينبغي تحشيد الخرافات في التبليغ الدينيّ وتشويه الحقّ بالأباطيل، وحذار من أن يُنقل إلى الناس الأساطير، والأقوال المشكوك فيها، والروايات غير المسندة، بدلاً من الدين الحقّ، فالمبلّغ لا يحطّ من قدر خطابه ومكانته بتضمينه الأساطير فحسب، بل يسيء إلى الدين، فيقدّم صورةً مزيّفةً ومشوّهةً لدين الحكمة والمنطق، ويهيّء أرضيّة خطبه للتشكيك في الحقائق الأساسيّة للدين وإساءة الظنّ بها.
على المبلّغ أن لا يعتبر متانة كلامه تكمن في عرض العجائب والغرائب، فحتّى لو فرضنا أنّ هذا النحو من الكلام يجتذب أنظار وأسماع العقلاء اليوم، لكن من المؤكّد أنّه لن يجتذب قلوبهم أبداً.
ليس من الصحيح أن يرتقيَ أحدهم أعواد المنبر ليتفوّه بكلمات خاوية، ويتطرّق إلى موضوعات تافهة، لا تقوّي الإيمان بل تضعّفه. وأقول لكم بكلّ أسف: إِنّ هذه الحالات تقع أحياناً، وهذا يحول دون بلوغنا الأهداف والمنافع المتوخّاة من عقد هذه الجلسات. فيُلاحظ في بعض الأحيان أنّ الخطيب ينقل في أحد المجالس موضوعاً ليس له أساس عقليّ أو نقليّ من الصحّة، ويفضي في الوقت ذاته إلى تشويه وعي المستمع المتبصّر، وصاحب المنطق والاستدلال...
يجب أن يزيل كلامكم الشبهة لا أن يكرِّسها، فبعضهم يعتلي المنبر دون الالتفات إلى هذه المسؤوليّة الخطيرة، ليضاعف الإيهامات والتساؤلات المستقرّة في الأذهان لا ليمحوها.
(خطاب أُلقيَ في 14/9/1374هـ.ش.)