وَيُجِيبُ دَعوَةَ المَملُوكِ عَلَى خُبزِ الشَّعِير[1]
أحيانًا، قد يكون هناك غلام مملوك، جالس على الأرض في مكان ما، يتناول خبز الشعير، فيمرّ الرسول، ويدعوه ذلك العبدُ إلى الطعام، فكان الرسول يجلس إلى جواره، ولا يقول: إنّ هذا لا يليق بي وبمكانتي، ولا يمكن، وهو غير مناسب.
هذا هو معنى ما نقوله دائمًا، ونسمعه، بأنّنا يجب أن نكون شعبيّين [قريبين من الناس]. ليست النزعة الشعبيّة بمجرّد الادّعاء. يجب أن نكون مع الناس، ومع حياة الناس، ونعيش كما يعيش الناس، ونختلط ونستأنس بمختلف طبقات الشعب. هذا معنى النزعة الشعبيّة. بعضُنا نحن المعمَّمين، إذا كان هناك شخصٌ ذو شأن ومكانة، وإنسان محترم، نسلِّم عليه بحرارة؛ ونصغي له، إذا كان له شغله معنا؛ وإذا طلب منّا استخارة، نستخرج القرآن، ونأخذ له استخارة. وإذا كان شخصًا عاديًّا من طبقةٍ دنيا ومستوى دانٍ، فلا، لا نهتمّ ولا نعتني له! هذا بخلاف سيرة رسول الله؛ سيرة الرسول هي أنّه كان يتعايش مع الفقراء والضعفاء وأمثالهم، ولا يهتمّ للشؤون الظاهريّة والأمور التي تنمّ عن الجلال والعظمة وما إلى ذلك، حسب الظاهر. هكذا كان حال الرسول، وهذا درسٌ لنا حقًّا. ونحن الآن، لا نتوقَّع، ولا يمكن أن نتوقَّع أن نتصرَّف مثل ذلك الإنسان العظيم، أو مثل الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)؛ لا، وضعهم كان وضعًا آخر، ومكانتهم مكانة أخرى، ولكن يجب أن نجعل وضعَهم معيارًا، يجب أن نجعلهم مؤشّرًا وعلامة. افترضوا مثلًا، أنّكم تتسلّقون سفح جبل، وتقصدون الوصول إلى القمّة، لا تصلون القمّة، لكنّكم تصعدون نحوها، وتسيرون باتّجاهها. هكذا ينبغي أن يكون الحال.
(من كلامٍ للإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، بتاريخ 24/12/2019م)
[1] الشيخ الطوسيّ، الأمالي، مصدر سابق، المجلس الرابع عشر، ص393.