في هذه الأدعية المتوفّرة بين أيدينا؛ الأدعية المأثورة التي وصلتنا عن الأئمّة، ثمّة تضرّع، وثمّة توجّه، ثمّة جاذبيّة وأنس ونقاء وبكاء، وهكذا كلّه محفوظ في محلّه، ولكن مضافاً إلى ذلك فهذه الأدعية دروس؛ بمعنى أنّها توقظ شيئاً في ذهن الإنسان وتمنحه فكرة جديدة. عندما تقرؤون في الدعاء: «اللَّهمّ، أَغنِني عَن هِبَةِ الوَهّابينَ بِهِبَتِك، وَاكفِني وَحشَةَ القاطِعينَ بِصِلَتِك» فما معنى ذلك؟ معنى ذلك أنّه حتّى لو قاطعكم العالم كلّه، فلن تستوحشوا إذا كنتم على اتّصال بالله، «حَتَّى لَا نَرْغَبَ إِلَى أَحَدٍ مَعَ بَذْلِكَ، ولَا نَسْتَوْحِشَ مِنْ أَحَدٍ مَعَ فَضْلِكَ»، هذا درس، هذا ما يمنحنا فكراً وتحليلاً لمستقبل حياتنا، وهو أن نخطّط ونتّصل بالله ونرتبط به ولا نخشى قطع الآخرين صلاتهم بنا وعداءهم لنا. وهذا شيء حدث في صدر الإسلام أيضاً، وتلاحظون أنّه يحدث الآن أيضاً. لو قالوا في بداية الثورة: إنّ هذا المجتمع الإسلاميّ والثورة الإسلاميّة يمكنها الوصول إلى هذه المحطّات من حيث المرتبة العلميّة والمدارج التقنيّة والموقع السياسيّ والنفوذ في المنطقة وما إلى ذلك، لما صدّق ذلك أيّ إنسان بالتأكيد، لكنّه حدث فعلاً؛ وذلك لأنّكم اعتمدتم على الله، وعملتم. وواضح طبعاً أنّ الاعتماد على الله لا يعني العطل عن العمل والبطالة.
(من كلامٍ للإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، بتاريخ 15/02/2020م)