لعلّه أمر نادر الحدوث في مرحلة من تاريخ البشريّة أن يشعر البشر في جميع أنحاء العالم، والمجتمع البشريّ، بالحاجة إلى مخلِّص بهذا القدر الذي يشعرون به اليوم، إن كان على مستوى النخب الذين يشعرون بهذه الحاجة بكلّ إدراك، أو بالنسبة للكثير من الناس الذين يشعرون بهذه الحاجة في اللّاوعي، الجميع يشعرون بالحاجة إلى منقِذ، بالحاجة إلى مهديّ، بالحاجة إلى يد القدرة الإلهيّة، بالحاجة إلى إمامة المعصوم، بالحاجة إلى العصمة، وبالحاجة إلى الهداية الإلهيّة. قلّما يجد الإنسان مرحلةً في التاريخ حيث هذا الشعور كلّه بالحاجة إلى هذه الحقيقة السامية.
اليوم، وبعد أن جرّبت البشريّة مختلف المدارس الفكريّة والمناهل المتنوّعة، من الشيوعيّة إلى الديموقراطيّة الغربيّة، وإلى اللّيبراليّة الديموقراطيّة الرائجة في العالم، ومع ادّعاءاتهم هذه كلّها، لا يشعر البشر اليوم بعد هذه التجارب بالراحة والاستقرار. ومع هذا التقدّم العلميّ المدهش كلّه، الذي غيّر شكل الحياة بشكل كامل في العالم، ما زال البشر لا يشعرون بالسعادة. فالبشريّة تعاني من الفقر، تعاني من المرض، تعاني من الفحشاء والمعصية، تعاني من غياب العدالة، تعاني من عدم المساواة، تعاني من فجوة طبقيّة عميقة جدًّا. البشر يعانون من استغلال القوى للعلم بشكلٍ سيّء، فالقوى العالميّة تُسيء استخدام العلم، ويسيئون استخدام الاكتشافات الطبيعيّة، يسيئون استخدام القدرات المستخرَجة من الطبيعة، البشر يواجهون هذه الأمور؛ وهذه الأمور جعلت الناس في أنحاء العالم يشعرون بالتعب، يشعرون بالحاجة إلى يدٍ مخلِّصة!
(من كلامٍ للإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، بتاريخ 09/04/2020م)