إنَّ الدعاء نعمة، وفرصة الدعاء نعمة؛ ففي وصيّة أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، ورد هذا المعنى: «وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، قَدْ أَذِنَ لَكَ فِي الدُّعَاءِ، وَتَكَفَّلَ لَكَ بِالْإِجَابَةِ»[1]؛ الله المتعالي الذي بيده قدرة السماء والأرض، قد سمح لك أن تدعوَه، وتتحدّث إليه، وتسأل منه. «وَأَمَرَكَ أَنْ تَسْأَلَهُ لِيُعْطِيَكَ»؛ أن تطلب منه، وهو سوف يعطيك. إنّ هذه العلاقة، الطلب والأخذ من الله، هي الباعث على تسامي روح الإنسان، والمعزِّز لروح العبوديّة. وهو رحيم كريم: «وَتَسْتَرْحِمَهُ لِيَرْحَمَكَ، وَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ مَنْ يَحْجُبُكَ عَنْهُ»؛ إنَّ الله المتعالي لم يجعل بينه وبينك واسطة وفاصلة وحجاباً. في أيّ وقت تبدؤون التحدّث إلى الله وطلب الحاجة، يسمع الله المتعالي صوتكم وطلبكم. دائماً يمكن التحدّث مع الله، وتمكن المحاورة، ويمكن الأنس، ويمكن الطلب منه. هذه فرصة ونعمة كبيرة جدّاً بالنسبة إلى الإنسان.
إنَّ هذا الارتباط نفسه بالله، والإحساس بالعبوديّة تجاهه، أكبرُ أثر وخاصيّة للدعاء. عند الطلب من الله سيستجيب الله المتعالي أيضاً. طبعاً، الاستجابة الإلهيّة من الباري هي من دون أيّ قيد وشرط، إنّما نحن الذين نمنع الإجابة نتيجة أعمالنا، ونحن السبب في ألّا يقع دعاؤنا محطّ اهتمام، وهذا بذاته من المعارف الّتي يمكن الاستفادة منها من الدعاء، وهذه هي إحدى خصوصيّات الدعاء.
(من كلامٍ للإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، بتاريخ 13/10/2006م)
[1] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص398، الوصيّة 31.