ليلة القدر فرصة للمغفرة والاعتذار؛ اعتذروا إلى الله المتعالي. فالآن بعدما أعطانا الله المتعالي مجال الإنابة إليه، وطلب المغفرة والاعتذار منه، فلنفعل هذا، وإلّا سيأتي اليوم الذي يقول فيه الله المتعالي للمجرمين: ﴿وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾[1]. فلا قدّر الله، لن يأذنوا لنا بالاعتذار يوم القيامة. لا يسمحون للمجرمين بفتح أفواههم للاعتذار، فهناك ليس مكانَ الاعتذار. المجال موجود هنا، فهاهنا حيث الإذن، وحيث الاعتذار يخلق لكم منزلةً ويغسل الذنوب ويطهّركم وينوّركم؛ اعتذروا إلى الله المتعالي. هنا حيث توجد فرصة، اجعلوا نظرة الله متوجّهة إليكم، واستجلبوا لطف الله ونظرة المحبّة الإلهيّة ليشملا حالكم؛ ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾[2].
في تلك اللحظة نفسها الّتي توجّهون فيها قلوبكم إلى الله المتعالي، وتجعلون الله حاضراً في قلوبكم وتتذكّرونه، تكون عين لطف الله المتعالي وحنانه وعطفه متوجّهة إليكم، وتكون يد لطفه وجوده وكرمه ممدودة إليكم. اجعلوا الله يتذكّركم، وإلّا سيأتي اليوم الذي يصل فيه الخطاب الإلهيّ إلى المذنبين: ﴿إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾[3]؛ لقد نسيناكم، لقد تركناكم لغياهب النسيان، ارحلوا. هكذا هي ساحة يوم القيامة.
فاليوم، وقد أذِنَ الله المتعالي لكم أن تعكفوا على البكاء والتضرّع، مدّوا يد الإخلاص إليه، وعبّروا عن المحبّة، وأجروا دموع الصفاء والمحبّة من قلوبكم الدافئة إلى أعينكم. اغتنموا هذه الفرصة، وإلّا ثمّة يوم يقول فيه الله المتعالي للمجرمين: ﴿لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ﴾[4]؛ ارحلوا ولا تنوحوا ولا تتضرّعوا، فلا فائدة منه؛ ﴿إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ﴾[5]. هذه الفرصة هي فرصة الحياة التي وُضعَت في أيدينا للعودة إلى الله، وأفضل الفرص هي أيامٌ من السنة، من جملتها شهر رمضان المبارك، وضمن شهر رمضان المبارك ليلة القدر!
(من كلامٍ للإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، بتاريخ 16/01/1998م)
[1] سورة المرسلات، الآية 36.
[2] سورة البقرة، الآية 152.
[3] سورة السجدة، الآية 14.
[4] سورة المؤمنون، الآية 65.
[5] سورة المؤمنون، الآية 65.