إنّ التبيينَ أساسُ عملنا، فنحن نتعامل مع الأذهان والقلوب. لا بدّ من أن تقتنع القلوب، فإذا لم تقتنع، لن تتحرّك الأجساد، ولن تنهض الأجسام. هذا هو الفرق بين الفكر الإسلاميّ والأفكار غير الإسلاميّة.
كُنت جالساً في منزل أحد الأصدقاء في طهران قبل انتصار الثورة بسنوات، وكنّا مجتمعين ونتحدّث معاً. فجأةً، دخل المنزلَ أحدُ الشباب، ممّن كنت أعرفهم وأعرف أباه أيضاً. كان مشهديّاً، وكنّا على معرفة به وبوالده، وكان من جماعة «فدائيّو خلق» (فدائيّو الشعب)، وممّن التجؤوا إلى غابات الشمال، وأخذوا موقفاً معارضاً للنظام، وحاربوه. لم أكن أعلم بذلك. حسناً، جاء وجلس معنا، ولعلّه جاء يطلب من صاحب المنزل دعماً ماليّاً أو ما شابه. سألتُه: ماذا تفعلون؟ حدّثَني عن نشاطاتهم. قلتُ له: إذا أردتم أن تنجحوا وتنتصروا في كفاحكم، فالوسيلة هي أن تتكلّموا مع الناس، وتبيّنوا لهم؛ كي يطّلع الناس على حركتكم، ويعرفوا لماذا تجمّعتم هناك في الشمال، وسلكتم طريقَ الكفاح المسلَّح، ونفّذتم مثلاً العمليّة الفلانيّة في المدينة الفلانيّة أو المكان الفلانيّ. ينبغي أن يعرف الناس ذلك، بيِّنوا لهم الأمور. تكلّمت معه قليلاً حول مسألة التبيين، فرمقني بنظرةٍ، وهزّ رأسه -كان شاباً صغيراً، وأصغر منّا بنحو عشر سنوات- ونظر إلينا نظرةَ العاقل إلى السفيه، وقال: نعم، هذا فكركم الإسلاميّ، لكنّ فكرَنا ليس كذلك، ولا يتطلّب التبيين.
(من كلامٍ للإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في جمع من طلّاب الجامعات، بتاريخ 02/07/2016م)