إنّ أهمّ مرحلة وزمان ومكان يَكتسب فيه التبليغُ معناه، هو عند وجود الفتنة. كانت المشقّة الأكبر في زمن صدر الإسلام، وفي عهد الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله)، تلك التي تعود إلى المنافقين. وبعد عهد الرسول؛ أي في زمن أمير المؤمنين الإمام عليّ، برزَت مشاقّ كانت نتيجة اصطدام الحكومة الإسلاميّة بأشخاص يدّعون الإسلام. واستمرّ الحال كذلك في مرحلة الأئمّة (عليهم السلام)، حيث كانت الأجواء أجواء ضبابيّة مغبّرة. وإلّا حينما تكون القضيّة [مثل] قضيّة معركة بدر، لن يكون الأمر صعبًا؛ لم تكن القضيّة صعبة حينما كان المسلمون يحضرون في سوح الحرب ليقاتلوا أعداءً واضحٌ ما يقولون. القضيّة تصعب حينما يقف الإمام عليّ مقابل أشخاص يدّعون الإسلام، ويعتقدون به. لم يكونوا ممّن لا يعتقد بالإسلام، أو من المرتدّين عنه؛ لا، كانوا يعتقدون بالإسلام، لكنّهم يسيرون في الطريق الخطأ، وقد غلبَتهم أهواؤهم النفسيّة. هذه أصعب المواقف التي تضع الأفراد أمام الشبهات، إلى درجة أنّ أصحاب عبد الله بن مسعود يأتون إلى الإمام عليّ، ليقولوا له: «يا أمير المؤمنين، إنّا شككنا في هذا القتال»! لماذا يجب أن يشكّوا؟ وإنّ شكوك الخواصّ هذه تنخر أُسُس الحركة الصحيحة للمجتمع الإسلاميّ، كالأرضة؛ فأن يشكّ الخواصّ في الحقائق الجليّة، حالةٌ تخلق المشكلات والصعاب للعمل، بشكل أساسيّ. هذه هي المشكلة التي واجهها الإمام عليّ. وكذا الحال اليوم أيضًا؛ حينما ننظر إلى هذا العالم، نرى أنّ الوضع على الشاكلة نفسها. وكذا هو الحال على مستوى مجتمعنا الداخليّ أيضًا. لا بدّ من التوضيح.
(من كلام للإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، بتاريخ 13/12/2009م.)