كلمة الإمام الخامنئي حفظه الله في لقائه قادة القوى الأمنية في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة_26/04/2015
بسم الله الرحمن الرحيم1
بداية أرحّب بجميع الإخوة
الأعزاء، والأخوات العزيزات والمسؤولين وأصحاب الرتب العالية في قوى الشرطة التي
تتحمّل مسؤوليّة حسّاسة وخطيرة وتؤمّن أحد أهم وأبرز الحاجات الوطنيّة، كذلك أرحّب
بوزير الداخليّة2 الذي يشاركنا هذا اللقاء، وأسأل الله لكم جميعًا التوفيق والسداد.
رجب شهر التقرّب من الله
لا بدّ لنا من تبادل التهنئة والتبريك على هذا التوفيق الإلهي وتمكّننا
من إدراك شهر رجب مرّة جديدة. شهر رجب فرصة للتحلّي بالقيم الإلهيّة والتقرّب إلى
الله تعالى وفرصة لبناء الذات. فهذه الأيام التي اعتبرتها الروايات أيامًا مباركة
وأعطتها أهميّة خاصّة هي كلّها فرص، إنّ كل فرصة تعدّ نعمة وكل نعمة تستدعي الشكر
عليها، وشكر النعم إنّما يكون من خلال معرفتها ومعرفة أنّها من الله عز وجل ومن ثم
تسخيرها والاستفادة منها في سبيل الله وفي ما يرضيه تعالى، وشهر رجب نعمة من هذه
النعم. ثم يليه شهر شعبان الذي يشكّل نعمة أخرى، وهذان الشهران في نظر الكمّل من
الناس وأهل التوحيد وأهل المعنى هما مقدّمة لشهر رمضان: شهر الترقّي، شهر العروج،
شهر التزكية، شهر التصفية؛ هذه الأمور التي نحن جميعًا بحاجة إليها.
عليكم أن تدركوا قدر هذا الشهر، لا بدّ في هذا الشهر أن تسعوا قدر الإمكان إلى
الإكثار من التوسّل إلى الله تعالى والتوجّه إلى حضرة الحق تعالى؛ أذكروا الله في
نفوسكم ولتكن أعمالكم لوجهه تعالى، فليكن ما تقومون به وهذه الجهود التي تبذلونها
لله وفي سبيل الله.
فليكن عملكم في سبيل الله
إنّ العمل الذي تقومون به هو من جملة الأعمال التي يمكن للمرء بسهولة أن
يقوم بها لأجل الله أن يقرنها بقصد التقرّب إليه تعالى. يمكن لكلّ الأعمال أن تكون
لله وأن يقصد به وجهه تعالى، حتى السعي في طلب الرزق وتحصيل المعاش يمكننا القيام
به لأجل الله وفي سبيل الله؛ لكن بعض الأعمال يكون اقترانها بقصد القربة إلى الله
تعالى أسهل؛ وعملكم واحد من تلك الأعمال. ويعود ذلك إلى أنّكم ومن خلال عملكم إنّما
تخدمون المجتمع والناس، تخدمون الجمهوريّة الإسلاميّة، تخدمون الإسلام، وتنصرونه.
وهذه الأمور تعتبر مصداقًا لنصرة الله تعالى والتي أشارت إليها الآية التي قرأها
قبل قليل هذا الشاب العزيز: ﴿يأيّها الذين آمنوا كونوا أنصار الله﴾(الصف/14) ،
فعملكم من الأعمال التي يمكن حقيقة أن تشكّل نصرة للإسلام والدين، ونصرة للناس.
إلهي! هذا الوقت الإضافي..
بناء عليه فإنّ التقرّب إلى الله من خلال التوجّه إليه تعالى- إلهي إنّ
هذه الخدمة والعمل الذي أقوم به، وهذه الساعات التي أقضيها يوميًّا في محلّ عملي،
في وظيفتي وفي موقعي، وهذه الجهود والمساعي التي أبذلها من أجل الارتقاء بمستوى
العمل وتحسين الأداء، وهذه الدقائق الخمس الإضافية التي أقضيها في الدائرة لأجل
إنجاز الأعمال المطلوبة؛ إنّما أفعل كل ذلك لأجلك يا رب- يشكّل فرصة ليكون عملكم في
سبيل الله. استفيدوا من بركات هذا الشهر الفضيل وليكن ما ذكرت أحد هذه الاستفادات.
لا بدّ لي أوّلًا أن أتوجّه بالشكر إلى قوّات الشرطة، فهم يقومون بأعمال جيّدة، قد
يتّفق أن يحصل إشكال هنا أو هناك، في مورد أو موردين أو أكثر، لكن الحقيقة أنّ
الجهود التي تقوم بها قوات الشرطة على مستوى البلاد هي حقًّا وإنصافًا جهود جديرة
بالتقدير.
ومن باب المثال أشير إلى ما تقومون به من جهود خلال فترة الأعياد؛ ففي أيام العيد
يكون الجميع في منازلهم، يلتقي الأقارب بعضهم البعض، يجلس الآباء إلى جانب أبنائهم؛
فيما شبابكم –أنتم أبناء الشرطة– وأبناؤكم وضباطكم منتشرون في الطرقات والمدن –هنا
وهناك– قلقون على أمن الناس ومشغولون بتأمين راحتهم، حيث يقومون بذلك بأشكال مختلفة
باختلاف أماكن خدمتهم، في الطرقات الرئيسة التي تجمع المدن على نحو معيّن، وفي
المدن على نحو آخر، وفي المراكز على نحو ثالث وهكذا؛ هذا جهد قيّم ينبغي أن يشكر
عليه وأنا أتوجّه إليهم بالشكر على ذلك.
أهميّة الشرطة بمستوى مسؤوليّاتها
إنّ أهميّة قوّات الشرطة التي تجعلنا نشدّد ونؤكّد عليها بهذا القدر
تعود إلى أهميّة وظيفة ومهامّ هذه القوّات. فأهميّة كلّ إنسان إنّما تنبع من حجم
المسؤوليّة الملقاة على عاتقه، من هنا فإنّ أهميّة هذا الشخص أو هذه الفئة أو هذه
المؤسّسة تكون بمستوى ومقدار المسؤوليّة التي يتحمّلها. وإنّ المهمّة والمسؤوليّة
التي تنهضون بها هي توفير الأمن في البلاد. وحفظ الأمن أمر في غاية الأهميّة، والذي
يعرف قدر هذا الأمر جيدًا ويدرك أهميّة حفظ الأمن أولئك الذين يعيشون في أماكن غير
آمنة، هناك حيث لا يجرؤ المرء على الخروج من منزله، والمرأة لا تجرؤ على مغادرة
بيتها، وإذا ما غادر الشباب والأبناء منازلهم فهم لا يعلمون إن كانوا سيعودون إلى
تلك المنازل من جديد أم لا، الطرقات غير آمنة، الأزقّة غير آمنة، البراري والفلوات
غير آمنة، دائمًا ما تدهم الحوادث والمستجدّات حياة المواطنين، هناك حيث لا يأمن
المرء على نفسه حتى داخل منزله، في تلك المناطق وفي تلك الظروف يدرك الناس أهميّة
الاستقرار وحفظ الأمن. إنّ توفير الأمن واستتبابه على كامل مساحة البلاد يقع على
عاتقكم. الشرطة هي المؤسّسة الأهم التي تأخذ على عاتقها القيام بهذه الوظيفة وهذه
المسؤوليّة وهذا أمر بالغ الأهميّة. إذا، فأهميّة هذه المؤسّسة تنبع من أهميّة هذه
المهمّة المنوطة بها.
الارتقاء بمستوى الأمن هو الهدف
حسنًا، لكنّ مسألة الأمن ليست بالمسألة التي يمكن تحقيقها من خلال
الإعلام أو التصريحات والقول أنّنا تمكنّا من بسط الأمن. فلو أعلنتم مئات المرات من
خلال البيانات والتصاريح بأنّكم قمتم بتأمين الشارع الفلاني، ثم بعدها وفي الليل
وقعت فيه حوادث أمنيّة حال مرور الناس وتجوّلهم فيه، فإنّ بياناتكم وتصاريحكم ستكون
غير ذات أثر ولن يكون لها أيّة أهميّة: "مئتا قول لا تعادل نصف فعل"، لا بد أن يشعر
الناس بالأمان؛ والإحساس بالأمان منوط بوجود الأمن والأمان واقعًا، ينبغي إيجاد
الأمن وتحقيقه واقعًا.
نعم لقد أنجزت أعمال جيّدة في هذا المجال حتمًا، إذ تشير الإحصائيّات التي عرضها
قائد قوات الشرطة المحترم إلى ذلك وقد اطّلعت على هذه الإحصائيّات من خلال التقارير
التي قدّمت إليّ وهذه مسائل قيّمة، لكن عليكم عدم الاكتفاء بذلك، لا بدّ أن تعقدوا
النيّة وتبذلوا الجهود للارتقاء بمستوى الأمن ونشر الأمان ما أمكن. فلا يكفي مثلًا
أن نحدّ من نسبة الحوادث التي تقع على الجادة الفلانيّة بل لا بدّ أن تعملوا للوصول
إلى حد لا تقع معه حوادث الطرق، أن لا تقع السرقات، عدم وقوع خلل أمني داخل المدن
وما شابه ذلك، هذا ما ينبغي أن تعقدوا العزم عليه؛ وإذا ما عقدتم العزم على ذلك
فستجري الأعمال طبعًا دون توقف، يعني أنّ العمل الذي تقومون به سيبقى دائم النفع.
الأمن الاجتماعي؛ الأخطر!
ثمّة مسألة مهمّة وهي أنّنا حينما نتحدّث عن الأمن الاجتماعي أو الأمن
الفردي فهذا لا يعني مجرّد أنّ بإمكانكم الخروج من منازلكم والذهاب إلى أعمالكم أو
الدكان أو المتجر أو المدرسة دون أن يهاجمكم شخص ويطعنكم بسكّين وما شابه. نعم عدم
التعرّض للإنسان جسديًّا يشكّل أحد وجوه الأمن – هذا ممّا لا شك فيه – ؛ لكن، وإلى
جانب ذلك، هناك أمور مرتبطة بأمن الإنسان هي أكثر دقّة [ورقة وغير محسوسة] من حيث
إمكانية رؤيتها والالتفات إليها لكنّها أكثر خطورة بمراتب من هذا المورد وأشباهه.
لو أخذنا انعدام الأمن مثلًا: لجهة ترويج المواد المخدّرة؛ فإذا كان محيط منتزهاتنا
وحدائقنا وشوارعنا ومدارسنا لا يتمتّع بالحصانة الكافية التي تمنع من وقوع الأشخاص–
لا سيما الشباب، وبالدرجة الأولى الشباب – الذين يرتادون هذه الأماكن، ضحايا لترويج
المواد المخدّرة فإنّ هذه الحالة من انعدام الأمن، لهذه الجهة، يعتبر أمرًا في غاية
الخطورة. إذا لم يكن هناك أمان وحصانة تحُول دون استمالة شبابنا إلى ساحة الفحشاء
والمنكر فهذا انعدام كبير وخطير للأمن. لا بدّ أنّكم مطّلعون –ونحن أيضًا لدينا
تقارير في هذا الخصوص– على قيام أشخاص وبناء على توجيهات من "مراكز إصدار الأوامر"3 بدفع الأموال سعيًا منهم لجرّ شبابنا نحو الحفلات الساهرة في أماكن مختلفة وجذبهم
نحو الفحشاء والمنكر، وهذا ليس كارتكاب شابٍ لمخالفة شرعيّة. إنّ جرّ الشباب نحو
مواطن الفحشاء والمنكر يشكّل حالة من انعدام الأمن؛ عليكم أن لا تسمحوا بذلك؛ عليكم
منع ذلك والحؤول دون حصوله.
حتى لو افترضنا أن شوارعنا آمنة لجهة وقوع حوادث تؤدي إلى الإضرار بالأبدان، [إلا
أنه] عندما يكون شبابنا مهدّدين في أمنهم لجهة ما يتعرّضون له من إغراءات داخل
المدارس والجامعات وفي الحدائق العامة ومحلات البيع وصداقات الشارع بغية جرّهم نحو
محافل السهر ودفعهم نحو ممارسة الفحشاء والمنكر وإغراقهم في هذه المستنقعات الآسنة
والاعتداء على الأعراض، فهذه المسائل تعدّ من المسائل الهامة المرتبطة بأمن المجتمع
والفرد. وإنّ الأمن الذي لم يُلحظ فيه مثل هذه القضايا ليس أمنًا في الواقع. خلاصة
القول: إنّ قضايا نظير المواد المخدرة والتعرّض للأعراض ودفع الناس نحو الفحشاء
وشبهها قضايا خطيرة وذات أهمية بالغة.
وهناك مسألة أخرى، فقد بلغني قيام بعض الشباب الذين يعيشون الثراء حتى الثمالة4
يقصدون بعض الشوارع أحيانًا بسياراتهم الفارهة حيث يعمدون إلى ممارسة حركات
استعراضيّة ويجوبون الشوارع ذهابًا وإيابًا ممّا يخلّ بالأمن ويجعل محيط هذه
الشوارع غير آمن. ينبغي وضع الخطط والبرامج والآليّات لمعالجة كلّ شكل من أشكال
انعدام الأمن والتحرّك إلى الأمام في هذا الاتجاه، هذه الأمور تعدّ أشكالًا مختلفة
للمسألة الأمنيّة.
بين الاقتدار والظلم.. فرق
هناك مسألة أخرى أودّ ذكرها – وقد أشرت إليها مرارًا وتكرارًا – وهي
مسألة اقتدار قوات الشرطة، إنّ الشرطة ومن خلال المهمّة المنوطة بها وهي توفير
الأمن تعتبر مظهر سلطة وحاكميّة الجمهوريّة الإسلاميّة. إنّ من وظائف الجمهوريّة
الإسلاميّة إحلال الأمن وبسطه في المجتمع، تأمين الأمن الأخلاقي والأمن الاجتماعي –
على النحو الذي قمتم بتوضيحه5– يعد من وظائفنا من وظائف الجمهوريّة الإسلاميّة. لا
يمكننا التخلّي عن هذه القضايا. ورجال الشرطة هم مظهر هذا الأمن والعامل الأساس في
هذا الميدان، لذا عليكم أن تتمتّعوا بالاقتدار، عليكم العمل باقتدار عليكم اعتماد
الحزم في عملكم. لكن المهم في القضيّة هو عدم الخلط والاشتباه بين الاقتدار والظلم،
عدم الخلط بين الاقتدار وبين التصرّف بلا حسيب ولا رقيب، دون أية ضابطة والتفلّت [من
أي قيود].
فلنفترض أنّ قوات الشرطة في بعض البلدان – أمريكا مثلا – تتمتّع بقوّة كبيرة، تراهم
من خلال ما يعرضون ما يجري خلف الكواليس ويقدّمون رجال الشرطة على أنّهم أشخاص من
أصحاب العضلات المفتولة وكيف ينزلون إلى الشارع ليقبضوا على هذا أو ينقذوا ذاك،
حسنا هذا صحيح، لكنّهم يتوسّلون الضرب ويقتلون البريء، تراهم مثلًا يرمون شخصًا بما
يزيد على خمسة عشر رصاصة تمزق جسده وتقضي عليه بذريعة أنّه كان يهمّ بإشهار سلاحه؛
ليس هذا الاقتدار المطلوب والمنشود، بل هو اقتدار مقترنٌ بالظلم، هذا النحو من
القوة والاقتدار لن يؤدّي إلى إحلال الأمن في نهاية المطاف، بل سيؤدّي إلى زعزعة
الأمن، وسيكون هو نفسه عامل عدم استقرار، ثم حينما يذهبون إلى المحكمة تقوم المحكمة
بتبرئة هؤلاء كما يتناهى إلى أسماعكم.
هذه القضايا وكما تلاحظون منتشرة بكثرة اليوم في عالم لا يأبه أو يكترث للقيم
المعنوية. والطريف هنا، أنّ دولة كأمريكا رئيس الجمهوريّة فيها زنجي – كما هو مصطلح
– ومع ذلك ترى كلّ هذه الأعمال والممارسات ضد الزنوج، ثم تراهم يحتفلون في ذكرى يوم
قام فيه أحد رؤساء الجمهوريّة بمنع الرقّ، وهذا أمر فيه نظر وتُسجّل عليه انتقادات
ومؤاخذات، فبحسب التدقيق والبحث التاريخي الذي قام به بعض الأشخاص حول قيام آبراهم
لينكلن بمنع الاسترقاق لم تكن القضية قضية إلغاء "الرقّ"، بل كانت القضية قضية شمال
وجنوب والحرب، قضية صراع وحروب واسعة ومتجذرة دامت لسنوات بين شمال أمريكا وجنوبها،
كان الصراع على امتلاك الأراضي والزراعة من جهة والصناعة من جهة أخرى، هذه حقيقة
المسألة، ولم تكن القضية قضية شعور إنسان مشفق ومحب أدى إلى اتخاذ هذا القرار. وعلى
الرغم ممّا ذكرنا وما يدعونه ترى الزنوج يتعرّضون للظلم والإهمال، يتعرّضون للتحقير
والإهانة بل أكثر من ذلك فإنّ حياتهم أيضًا في معرض الخطر.
تجسيد الرحمة الإسلاميّة بعمل الشرطة
إنّ هذا النحو من القوة والسلطة عند رجال الشرطة أمر غير مطلوب في
الإسلام وغير مطلوب لنا؛ نحن لا نرضى أن يتضمّن عمل الشرطة – بحسب الاصطلاح – حركات
استعراضيّة وعروض هوليودية، نحن نريد إنجاز المهام على نحو واقعي، وذلك من خلال
الحزم والقوة على أن يقترن ذلك بالعدل والمروءة والرحمة، هناك مواقف ينبغي التعامل
معها برحمة، هذا هو مظهر الإسلام.
إن الله تعالى رحمان رحيم من جهة، وذو عذاب شديد من جهة أخرى، فلا بد من أخذ كلتي
الحالتين في الوقت عينه. وهذا التوجّه وهذا الفهم وهذه الممارسة ينبغي أن يسري إلى
أسفل الهرم وأن نراعي ذلك في حياتنا وسلوكنا ولا بد أن نجسد هذا الأمر في أعمالنا
وسلوكيّاتنا وهذا الأمر ينطبق على الشرطة.
الالتزام بالقانون ؛ أشد وآكد
من المسائل التي تحظى بأهمية بالغة من وجهة نظري مسألة التزام القانون.
وهذا الالتزام بالقانون له جانبان: جانب مرتبط بمراعاة الناس للقانون حيث ينبغي
عليكم التأكد من تطبيق القانون والوقوف في وجه من يقومون بمخالفته. والجانب الآخر
مرتبط بمراعاة القانون من قبل قوات الشرطة أنفسهم، أي أن يكون المنتسب إلى قوات
الشرطة ملتزمًا بالقانون بكل ما للكلمة من معنى، أن يراعي الأنظمة والقوانين، ينبغي
أن يكون التزام القانون داخل قوات الشرطة أكثر منه في أي مكان آخر، ولا بد طبعًا
للفرد المنتسب إلى قوات الشرطة أن يتمتع بالصلاح والنزاهة.
كنت طوال السنوات السابقة أوصي من سبقكم ممّن توالوا على قيادة القوى الأمنية،
وكذلك أوصي اليوم قائد الشرطة ومسؤولي قوات الشرطة وأشدّد على عدم التهاون في مسألة
صلاح الأفراد؛ فأنتم لستم كسائر القوى الأمنية والعسكرية الأخرى، أنتم تعملون بين
الناس والناس على تماس معكم، وإن كل مخالفة أو إشكال أو انحراف أو سوء تصرّف سينعكس
بين الناس بشكل فوري وبسرعة أكبر قياسًا إلى باقي القوى. قلّما توجد مؤسسة أو جهاز
في البلاد على تماس مع الناس وتتعامل مع الناس بالمقدار الذي أنتم عليه، لذا – لا
سمح الله – إن حصلت أخطاء أو عيوب أو خيانة أو إشكال ستنعكس فورًا في المجتمع وبين
الناس، وعندما يحصل ذلك لن تبقى القضية قضية الشرطة وسمعة قوات الشرطة بل سيُساء
إلى سمعة الجميع لأنه وكما ذكرت لكم قوات الشرطة تمثل حاكمية الإسلام تمثل نظام
الجمهورية الإسلامية، هذه حقيقة الأمر، لذا عليكم إعطاء الأهمية اللازمة لصلاح
الأفراد ونزاهتهم، داخل مراكز الشرطة وفي الشوارع والطرقات وفي سائر الأماكن، ينبغي
واقعًا أن يلتفت إلى أنه ومن خلال المحافظة على صلاح قوات الشرطة وصلاح أفرادها
يمكن أن يؤثر إيجابًا في سمعة الجمهورية الإسلامية وأن يزيد من عزتها وكرامتها بين
الناس.
صيانة المؤسسة؛ عنصر أمن قوي امين
فلو افترضنا أن هناك خمس مؤسسات أو عشر مؤسسات لم تقم بوظائفها كما يلزم؛
بينما كان رجال الشرطة يقومون بأعمالهم كما ينبغي، [فهم] ذوو أمانة، أقوياء، حازمون،
تتوفر فيهم الشروط والمواصفات المطلوبة فإنهم سيكونون سببًا في عزة وكرامة نظام
الجمهورية الإسلامية عند الناس؛ يمكن لكم إذًا أن تساهموا في ذلك ، وفي الوقت عينه
يمكن لا سمح الله أن يحصل عكس ذلك. من هنا لا بد من الالتفات إلى أن القضية الأهم
في هذا السياق هي سلامة المؤسسة وصيانة التنظيم وإصلاحه من الداخل وهو ما سينعكس
على الخارج أيضًا.
جاء في تقرير قائد الشرطة المحترم أنّ هناك اهتمامًا بالجوانب المعنويّة
والأخلاقيّة والأمور الدينيّة والاعتقاديّة وما إلى ذلك، وأنّه تم وضع البرامج بهذا
الخصوص، هذا أمر جيد. كذلك ينبغي المضي قدمًا في المجال العلمي والاستفادة من
الابتكارات العلميّة التي تظهر مع كل يوم جديد وهذا أمر في غاية الأهميّة وهو يرتقي
بالمؤسسة.
توكلوا على الله، لتكن أعمالكم هذه في سبيل الله، أدّوها بإتقان، وسيبارك الله فيكم
وفي أعمالكم إن شاء الله، كما ستكونون أنتم أنفسكم مصدر بركة لنظام الجمهورية
الإسلامية إن شاء الله.
ندعو الله تعالى أن يوفقكم جميعًا وأن يعينكم على القيام بما يلزم عليكم القيام به،
هناك أعمال مشتركة بين مختلف القطاعات والأقسام ينبغي أن تتعاونوا في ما بينكم
لإنجازها، وإن شاء الله ستتمكّنون من خلال تعاونكم من تحقيق إنجازات كبيرة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1- أقيم هذا اللقاء
تزامناً مع إقامة الملتقى العام العشرين لقادة قوات الشرطة على مدى يومي الخامس و
العشرين و السادس و العشرين من نيسان 2015 م . و تحدث في اللقاء قبيل كلمة الإمام
الخامنئي اللواء حسين أشتري قائد قوات الشرطة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية
مقدماً تقريراً حول آخر النشاطات و التطورات في هذه القوات.
2- السيد عبد الرضا رحماني فضلي (وزير الداخلية و نائب القائد العام للقوات المسلحة
في قوات الشرطة).
3- المقصود: الجهات المعادية التي تعمل لإلحاق الضرر ونشر الفساد والفوضى وأي شيء
يضر بالجمهورية الاسلامية والنظام والشعب .. ومنها مراكز المخابرات الغربية
والاوروبية والصهيونية ووسائل الاعلام والمؤسسات التي تعمل لخدمة هذه المراكز.. (
تراجع خطابات سابقة)
4- (ثمالة الغرور الناشئ من الثراء الفاحش)
5- أي ما قد ذكره القائد العام للقوى الأمنية قبل كلمة القائد