كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في لقائه عوائل شهداء السابع من تير1 وعدد من عوائل شهداء محافظة طهران_27-06-2015
بسم الله الرحمن الرحيم2
والحمد لله ربّ العالمین،
والصلاة والسلام علی سیّدنا أبي القاسم المصطفی محمّد، وعلی آله الأطیبین الأطهرین
المنتجبین لا سیّما بقیّة الله في الأرضین.
أهلًا وسهلًا بكم أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، لقد عطّرتم أرجاء هذه الحسينية
ومحل عملنا وجهدنا بأريج ذكرى الشهداء.
شهداء الثورة؛ البشرى
إنّ من بركات الثورة الإسلامية إعادة إنتاج المعارف الإسلامية الأساسيّة
في زماننا. لقد كان الكثير من هذه المعارف الكبيرة مودعاً في الكتب وفي الأذهان،
لكن الثورة الإسلامية جسّدت هذه المعارف وحققتها بشكل عيني في الواقع. ومن أهم
أجزاء هذه المعارف، منظومة المعارف المرتبطة بالشهادة التي ذُكرت في هذه الآية
الشريفة المتلوّة بصراحة:
﴿وَلا تَحَسَبَنَّ الَّذینَ قُتِلوا في سَبیلِ اللَّهِ
أَمواتًا بَل أَحیآءٌ عِندَ رَبِّهِم یُرزَقون * فَرِحینَ بِمآ ءاتهُمُ اللَّهُ مِن
فَضلِهوَیَستَبشِرونَ بِالَّذینَ لَم یَلحَقوا بِهِم مِن خَلفِهِم أَلّا خَوفٌ
عَلَیهِم وَلا هُم یَحزَنون﴾3؛ هذه معرفةٌ واحدة من المعارف الإسلامية الكبيرة؛ حيث
الدور المستنهض والمحيي للنفوس الذي تمثّله الشهادة في النظام الاجتماعي المسلم.
إنّ الشهداء يبشّرون الذين لم يلحقوا بهم - من أمثالي وأمثالكم – أنّه لا خوف ولا
حزن في هذا الطريق، فهو طريق مفعم بالبهجة والابتهاج والنشاط والمعنويات والأمل، إنّ
هذا درسٌ قد تكرّر مرارًا في تاريخ الجمهورية الإسلامية، حيث نزل شهداؤنا إلى هذا
الميدان باندفاع وحيوية وبذلوا جهودهم، واقترنت هذه الجهود الصادقة بالأجر الإلهي،
ووصلوا إلى مقام الشهادة التي تعد بلا أي شك نعمة عظيمة وهبة إلهية منحها الله
لهؤلاء العباد المخلصين الطاهرين الطيبين.
لقد نزل الشهداء إلى هذا الميدان بنشاط، وفازوا بلقاء ربهم ورضوانه، فلم يشعروا
بالخوف والحزن في نشأة ما بعد الموت، وقد أفاضوا هذا على المجتمع، ومنحوه للذين لم
يلحقوا بهم. هذا ما شاهدناه على مدى أعوام مديدة؛ أينما حلّت الشهادة حملت الفخر
لعوائل الشهداء، والشعور بالعزة لذويهم، والحيوية والبهجة المعنوية والمعنويات
المرتفعة للناس، والآثار الاجتماعية الغزيرة، ومن أهمها وأبرزها حادثة السابع من تير
[28/6/1981].
شهادة 72 شخصية؛..
إنّ حادثة السابع من تير لم تكن حادثة صغيرة؛ فقد راح ضحيتها كبار المسؤولين من
الشخصيات المؤثرة في النظام الإسلامي، وقضوا بحسب الظاهر على 72 شخصية دفعة واحدة،
ومنهم الشهيد بهشتي الذي كان من نوادر الزمان ومن الذين يقل نظيرهم على مدى أجيال
متعاقبة. هذه العملية التي أودت بحياة مثل هذه الشخصية إلى جانب عدد لا يستهان به
من الوزراء الكفوئين ونواب المجلس والناشطين السياسيين والثوريين، ماذا ستكون
آثارها الطبيعية والمتعارفة في العادة؟ ستؤدي إلى هزيمة الشعب وفشل الثورة؛ هذه هي
النتيجة المفترضة! ولكن حصل عكس ما كان متصورًا من هذه الحادثة وعكس ما كان يتوقعه
الأعداء منها، حيث توحّد الشعب، وأخذت الثورة تشقّ طريقها في المسير الحقيقي
والصحيح؛ انكشفت حقيقة أعداء الشعب، وافتُضح أمرهم.
سقط القناع عن وجوه بعض المنفذين لهذه الجريمة النكراء الذين كانوا ولسنوات طويلة
قد روّجوا لأنفسهم بين الناس وبين الشباب عبر الإعلام أنّهم من المنادين بالحرية
ومن مناصري المبادئ والقيم، وتبيّن أنهم ليسوا سوى شرذمة إرهابية فاقدة لأي مبدأ
فكري وعقائدي وثوري، هؤلاء أنفسهم لجأوا بعد فترة قليلة من هذه الحادثة إلى شخصٍ
كصدام، شنّوا عدوانهم ضدّ أبناء الشعب العراقي، وضدّ أبناء الشعب الإيراني، ونزلوا
إلى ساحات القتال، وقاتلوا أبناء وطنهم، فهل يوجد فضيحة وعار أكبر من هذا؟ هؤلاء هم
المنفّذون لهذه الجريمة. كما وانكشفت حقيقة تلك الأيادي التي كانت تقوم بدورها خلف
الكواليس، وافتضح كذلك أمر المؤيدين والداعمين لهذه الحركة وهذه الجريمة سواء في
الداخل أو الخارج، وعرف الجميع ماذا حصل في هذا البلد؟ ومَن الذين يواجهون الشعب
الإيراني ويحاربونه؟ وسقط القناع أيضًا عن الذين التزموا الصمت مع الرضا؛ «سَمِعَت
بِذلِكَ فَرَضِیَت بِه».
آثار حادثة 7 تير
لقد حدّد الإمام الخميني العظيم مسيرة الثورة الأصيلة عبر استثمار هذه الحادثة
استثمارًا مناسبًا وفي محله، وجعلها ماثلة أمام أنظار الشعب الإيراني، ووضع الثورة
الإسلامية في مسارها الصحيح وأنقذها بعد أن كادت تنحرف في أوائل الأمر، وبعد أن
حاولوا إلحاقها بالتيارات الشرقية والغربية، وهذا كله من بركات هذا الحادث. فلقد
دفعنا ثمنًا باهظًا وفقدنا شخصيات بارزة ولا شك في ذلك، ولكن علينا أن ننظر إلى مدى
تأثير هذه الواقعة. إنّ الأمة الإسلامية وبعد مضي 1400 سنة، ما زالت مدينة لدماء
شهداء كربلاء، ولكن هل يوجد ثمن أغلى من دم الحسين؟ وهل هناك أرواح أعزّ من أرواح
أصحاب الحسين؟ لقد بذلوا هذه الأرواح، ودفعوا هذا الثمن، فبقي الإسلام والقرآن وبقي
التيار الإيماني الأصيل مصانًا في المجتمع؛ والأمر ذاته حصل في قضية السابع من تير
وفي قضايا سائر شهدائنا.
من آثار هذه الواقعة، نفخ روح النشاط المعنوي والبهجة المعنوية بين الناس، ومن
آثارها إظهار قوة الثورة واقتدارها ورسوخها في أعماق المجتمع، حيث أدرك الأعداء
حقيقة الأمر، وشاهدوا كيف أن هذا الحادث الذي من شأنه أن يُسقط نظامًا بأكمله في أي
بلد آخر، قد آل إلى تمتين قدرة الشعب الإيراني أكثر فأكثر، وعرفوا أنه لا يمكنهم
مواجهة هذه الثورة بالقوة والعنف؛ لقد شعروا بهذا وأدركوه بوضوح.
وأحد أهم آثار هذا الحادث على مرّ الزمان وإلى يومنا هذا هو فضح القوى المستكبرة
المتشدّقة بحقوق الإنسان. فإنّ الذين ارتكبوا هذه الجريمة وغيرها من الجرائم
الإرهابية في بلدنا، يمارسون أنشطتهم بحرية في أوروبا وأمريكا ويلتقون بساسة تلك
الدول ومسؤوليهم، ويحضرون في اجتماعاتٍ يلقون فيها كلمات حول حقوق الانسان! فهل
يوجد أشدّ من هذا الخزي والعار؟ لقد دلّ على مدى النفاق والازدواجية والكذب في
أدعياء حقوق الإنسان وأدعياء مناهضة الإرهاب، وهو ما بات يشهده الجميع أمام أعينهم
في زماننا الحاضر.
ذكرى الشهداء، رفعٌ للمعنويات
يوجد في بلدنا 17 ألف شهيد من ضحايا الاغتيالات، فهل هذا العدد قليل؟ وهل هذا
الكلام مزاح؟ والذين ارتكبوا هذه الاغتيالات يتحركون اليوم في الدول الغربية بحرية،
ولكن من الذي تعرّض لهذه الاغتيالات؟ تعرض لها التاجر والمزارع والعالم وأستاذ
الجامعة والمؤمن المتهجد والأطفال والنساء؛ لقد سجّل تاريخ الثورة الإسلامية 17 ألف
شهيد من ضحايا الاغتيالات. يشير هذا الأمر إلى بعدين: الأول، إنّه يكشف الستار عن
تلك الوجوه التي تدّعي اليوم مناوءة الإرهاب، ويضع هذه المرآة أمام ادّعائهم الباطل،
وينبئ عن مدى كذبهم وتحايلهم وخبثهم وحقارتهم، حيث يدعمون هؤلاء الإرهابيين
المجرمين، وفي الوقت ذاته ينادون بمكافحة الإرهاب ومحاربته؛ هذا أحد جوانب القضية.
والبعد الآخر؛ إنّ شعبنا قدّم 17 ألف شهيد من ضحايا الاغتيالات - عدا شهداء الدفاع
المقدس – ومع هذا وقف بكل قوة واقتدار في خدمة هذه الثورة وفي سبيلها وفي مواجهة
أعدائها. لقد تجلّت عظمة هذه الثورة وعظمة هذا الشعب من خلال هؤلاء الشهداء الذين
﴿یَستَبشِرونَ بِالَّذینَ لَم یَلحَقوا بِهِم مِن خَلفِهِم أَلّا خَوفٌ عَلَیهِم
وَلا هُم یَحزَنون﴾4. فهي بشارة يرسلونها للشعب الإيراني وللمسلمين. إنّ هذه معارفُ
كانت منسية في مطاوي الكتب وكامنة في زوايا الأذهان، شهداؤنا الأعزاء - وهم أبناؤكم
وأزواجكم وآباؤكم - قد جسّدوها وأنزلوها إلى أرض الواقع وأظهروها لنا وللأجيال
القادمة.
وكذلك الشهداء اليوم لا زالوا يقومون برفع معنويات الشعب الإيراني. وقد شاهدتم قبل
بضعة أيام ما خلّفه قدوم 270 شهيدًا إلى طهران, من شغف وشوق ومشاعر حماسية! وكيف
سادت أجواء معاكسة تمامًا لحالات الإحباط والقنوط والجمود والركون، إنّ إثارة
الحيوية والتأهب والشوق والعشق والتطلع إلى المثل العليا هو من فعل الشهداء.
حادثة 7 تير؛ حقائق قيد التعريف
للحق والإنصاف، إننا لم نقم بالأعمال المناسبة حول شهدائنا. إنّ حادثة شهداء السابع
من تير تحتوي على طاقة كامنة وإمكانية عجيبة للتعريف؛ التعريف بتلك الوجوه والشخصيات
التي راحت ضحية هذه الجريمة، والتعريف كذلك بالشعب الإيراني الذي استطاع في ظلّ هذه
الحادثة المروّعة أن يصون نفسه ويحافظ عليها ويبقى حاضرا في الساحة بل ويكتسب روحية
ومعنويات مضاعفة، والتعريف أيضًا بالأعداء ومدى حقارتهم وبالسياسات الخبيثة التي
وقفت وراء هذه الأحداث، وبتلك الأيادي المجرمة. فإنّ هذه الإمكانية كامنة في حادثة
السابع من تير وفي أحداث أخرى مشابهة. ولكنّنا قصّرنا في ذلك ولم نتصدّ للتعريف
والترويج، كان بالإمكان إنجاز أعمال كثيرة والآن يجب القيام بها، إلا أنّ الأجهزة
المسؤولة ونحن جميعًا ابتلينا بقلة العمل. وهنا تظهر ضرورة إيكال هذا الأمر أيضًا
إلى التيار الثقافي المؤمن الثوري الجماهيري المبادر من تلقاء نفسه للعمل؛ إلى
هؤلاء الشباب الذين تشاهدون كيف يقومون بأنشطتهم في أرجاء البلاد بصورة تلقائية
واندفاع ذاتي، يحقّقون إنجازات ثقافية وأعمال فنية, يقومون بإحياء الحقائق, وإظهار
طاقاتهم ومواهبهم واستثمارها. إنّ عليهم القيام بهذه الأعمال وليبادروا بواسطة لغة
الفنّ ولغة التصوير، وباستخدام الأدوات والوسائل الحديثة إلى التعريف بهذه الواقعة,
فليعرّفوا العالم كله بتلك الشخصيات من أمثال الشهيد بهشتي والشهيد رجائي والشهيد
باهنر، إنّ كل واحدة من هذه الشخصيات التي استشهدت في حادثة السابع من تير وفي
حوادث أخرى، جديرة بأن يتم تقديمها كوجوه ونماذج عظيمة جدًا وهذا الأمر ممكن.
أطالع الكتب التي..
إنني أطالع من حين لآخر الكتب التي تتناول حياة الشهداء، وهي مليئة بالدروس حقًا،
وأنا أستلهم الدروس منها، وأستمدّ المعنويات منها، وهي تدلّ على مدى سموّ هذه
الشخصيات ومعنوياتهم وعظمتهم وخدمتهم من خلال التضحية والإيثار، حيث رفعوا أرواحهم
على أكفّهم ونزلوا إلى الميدان. ألم يكن شهداء السابع من تير يعلمون أنّ هكذا
حادثة تنتظرهم وهي لهم بالمرصاد؟ كان هذا واضحًا ومتوقعًا. كل من كان يسير آنذاك في
هذه المسيرة كان كمن يسير في حقل الألغام؛ فالأحداث كانت محدقة بهم من كل حدب وصوب،
إلا أنهم نزلوا إلى هذا الميدان وواصلوا طريقهم بشجاعة.
بركات الشهداء وعوائلهم
إنّ بركات الشهداء كثيرة جدًّا، والحق يقال: لا يمكن من خلال هذه التعابير أداء حق
الشهداء ، ولا يمكن إيفاؤهم أجر العمل الذي أنجزوه والخدمة التي قدّموها.
وهكذا هي الحال بالنسبة إلى عوائل الشهداء. في لقائنا اليوم تشرّفنا ببعض العوائل
التي قدّمت ثلاثة شهداء أو أكثر، وتحمّل فقدان أفلاذ كبد الإنسان وأحبائه يسيرٌ على
اللسان. وهناك عوائل ليس لهم سوى ولدين، ورغم ذلك قدّموهما في سبيل الله في ساحات
الدفاع المقدس. في هذه الجلسة سيدات فقدن أزواجهنّ وأولادهنّ معًا في سبيل الله،
وهذا على اللسان سهل يسير! حيث كنّا نقرأ في الصدر الأول من تاريخ الإسلام أنّ سيدة
في معركة أحد قد حملت أجساد ثلاثة من أولادها على ظهر جمل وأدخلتهم المدينة، وهذا
ما كان يثير دهشتنا وإعجابنا وكنّا نتساءل هل يمكن حدوث هكذا أمر؟ فإن هذه الحوادث
كانت تبدو للإنسان كالأسطورة حقًا، وبتنا اليوم نشهد هذه الحقائق الأسطورية أمام
أعيننا في هذه العوائل التي تتمتع بمعنويات عالية ورفيعة من شأنها أن تهب البهجة
وأن ترفع من معنويات الذين يعانون من هبوطها، وأن تقوّي فيهم العزيمة وتعززها.
بلدنا اليوم بحاجة إلى هذه العزيمة الراسخة.
ضرورة معرفة العدو؛.. وأعوانه
وليعلم الجميع: إن بلدنا اليوم بحاجة إلى معرفة العدوّ. فلنعرف العدوّ، ولنعرف
الأعداء الدوليين الذين يعمدون إلى تجميل أنفسهم والتبرج عبر أنواع أدوات التجميل
الإعلامية والدعائية، ويمثلون بهذه الصورة أمام الأنظار، فلنعرف أمريكا. لاحظوا هذه
الأيام: غدًا هو يوم السابع من تير وذكرى انفجار مقر الحزب الجمهوري، ونفس هذا
اليوم من سنة 1987 ذكرى حادثة القصف الكيمياوي على مدينة "سردشت"؛ نعم، صدام هو
الذي اقترف هذا العمل، ولكن من الذي وقف مساندًا له؟ الأمريكيون والغربيون هم الذين
زوّدوه بالأسلحة الكيمياوية، وأعطوه الضوء الأخضر، والتزموا الصمت حيال هذه الجريمة
البشعة وهذه المجزرة المروّعة، وكذلك في الحادي عشر من تير (الثاني من تموز ]1982[)
- وبعد أيام - ذكرى اغتيال الشهيد صدوقي الذي جرى تنفيذه على يد هؤلاء المجرمين
أيضًا، والثالث من تموز ]1988[ - بعد أيام أيضًا - ذكرى حادثة إسقاط طائرة نقل
الركاب الإيرانية في الخليج الفارسي. فانظروا إلى ما بين 28 حزيران و3 تموز، كم
ارتُكبت حالات اغتيال ومجازر وإبادة جماعية، وكم من النساء والأطفال والعلماء
والسياسيين راحوا ضحية هذه الجرائم التي نُفّذت على يد عملاء أمريكا. وإن لم تكن
الأجهزة الأمنية الأمريكية والغربية هي المخططة لهذه الأحداث، فهي بالحد الأدنى
المساندة والداعمة لها والمحرّضة عليها. فلنعرف هؤلاء الأعداء. وعلى حدّ تعبير أحد
الأصدقاء، حريّ بنا أن نعلن هذا الأسبوع ما بين 7 إلى 12 تير( 28 حزيران و3 تموز)
أسبوع «حقوق الإنسان الأمريكية». فقد تجلّت حقوق الإنسان الأمريكية في هذه الأيام
القلائل في بلدنا بشكل جليّ وواضح، والأمثلة من هذا القبيل كثيرة وإلى ما شاء الله.
ولذا فنحن بحاجة إلى معرفة العدوّ.
تجميل صورة العدو؛ خيانة!
وأولئك الذين يحاولون أن يجمّلوا صورة هذا الغول المتوحش- المتمثل بسياسات أمريكا
وسياسات بعض عملائها - وتقديمه كوجه محترم، إنما يرتكبون خيانة وجريمة شنعاء.
أولئك الذين يكتمون هذه الحقيقة البيّنة ويُخفون هذا العداء الخبيث خلف ستار
التبرير، إنما يخونون هذا الشعب.إن بلدنا وشعبنا بحاجة إلى معرفة العدوّ، وإدراك
عمق عدائه. وبحاجة إلى التأهّب للمواجهة. والمواجهة هذه لا تعني دومًا المواجهة
الصلبة، والمواجهة في ميدان الحرب العسكرية، بل الأصعب منها: المواجهة في ساحة
الحرب الناعمة، وفي الساحة الثقافية، وفي الساحة السياسية، وفي ساحة الحياة
الاجتماعية.
إن الشعب الإيراني العزيز بحاجة اليوم إلى رسالة الشهداء. فإن أبناء شعبنا بحاجة
إلى هذا النداء الباعث على الأمل والكاشف للحقائق والمفعم بالبهجة الروحية والروح
المعنوية التي يهبها الشهداء لنا. إن الشعب مدين للشهداء ومدين لكم أنتم عوائل
الشهداء، كلنا مدينون. وأما الذين يكتمون هذه الحقيقة، والذين لا يرغبون في أن
يُذكر الشهداء بإكبار وإجلال، والذين يشعرون بالاستياء والامتعاض أينما ذكر اسم
الشهداء وتم تعظيمهم والإشادة بهم، فهم غرباء عن مصالح هذا الشعب، بالرغم من كون
جنسيتهم إيرانية، إلا أنهم أجانب في الحقيقة، لا يجمعهم مع الشعب الإيراني لغة
مشتركة ولا قلب واحد.
والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته
1- 28 حزيران 1981
2- قبل أن يبدأ القائد خطابه، كان السيد محمد علي شهيدي محلاتي رئيس مؤسسة الشهداء
والمضحين قد ألقى كلمة في الحضور.
3- سورة آل عمران؛ الآية 169، 170.
4- سورة آل عمران، جزء من الآية 170