كلمة الإمام الخامنئي في لقائه قادة وكوادر القوة الجوية في جيش الجمهوريّة الإسلاميّة_08/02/2016
بسم الله الرحمن الرحیم1
والحمد لله ربّ العالمین، وصلّی الله علی سیّدنا محمد وآله الطاهرین.
أيّها الإخوة الأعزاء! أرحّب بكم أجمل ترحيب، ويسرّني أن يكون يوم التاسع عشر من
بهمن في كل سنة وسيلة وذريعة لأن نلتقي بعددٍ منكم أنتم الأعزة المنتسبون للقوة
الجوية في جيش جمهورية إيران الإسلامية. حيث تجتمع في هذا المكان ولله الحمد باقة
ورود من الحديقة الزاهرة للقوة الجوية في الجيش في كل عام، وتتوافر لنا فرصة التحدث
إليهم ببضع كلمات.
"19 بهمن" انقلاب المعادلات
مناسبة هذا اليوم مناسبة هامة؛ ففي يوم التاسع عشر من بهمن، حينما عمدت القوة
الجوية في الجيش للانضمام إلى الثورة وحضرت عند الإمام الخميني - وكانت آنذاك أيضاً
عينة رمزية، وغيضاً من فيض، وباقة ورد من حديقة - تغيرت معادلات البلاد في حقيقة
الأمر، وانقلبت المعادلات الحاكمة في أذهان الجميع رأساً على عقب، واتّضح أن تهديد
الجيش للناس, [التهديد] الذي كانت تكرره وتصر عليه يومذاك القيادات العسكرية العليا
التابعة للبلاط، والبلاط الملكي نفسه، والداعمون الأمريكيون له، ليس إلا أمراً
وهمياً لا حقيقة له. أنا العبد كنتُ حاضراً في ذلك اليوم، ورأيت تلك العناصر وشوقها
ودوافعها واندفاعها عن كثب، فكانت ظاهرة مذهلة. ولا بد من تكريم وتقدير هذه الظاهرة،
ويجب الحؤول دون نسيان هذه الحركة المؤثرة والزاخرة بالمعنى من تاريخنا ومن أذهاننا.
فإن الأحداث التاريخية الهامة والمؤثرة ليست مجرد خاطرة وذكرى، وإنما هي في الحقيقة
درسٌ ونجم هادٍ. إن تلك الحركة التي قامت بها القوة الجوية في ذلك اليوم، تعتبر
نجماً هادياً لكل أولئك الذين ينتسبون لهذا القطاع والذين سينتمون إليه في المستقبل.
وقد أثبتت القوة الجوية والحمد لله بعد تلك الحادثة أنها تسير في صراط مستقيم محمود،
وهكذا هي حقاً. وإنني، ومن منطلق تواصلي وتعاملي المباشر مع الجيش والقوات المسلحة
في شتى الأحداث المختلفة على مدى سنوات طويلة، أستطيع أن أشهد بصراحة ووضوح على حسن
أداء القوة الجوية في جمهورية إيران الإسلامية بكل ما في الكلمة من معنى، سواء في
العمليات، أو في الإسناد، أو في بناء البنى التحتية، أو في إعداد التجهيزات. فإنه
لسنوات طويلة لم يكن يُسمح لنا بشراء أي شيء أو شراء شيء يُذكر، غير أن القوة
الجوية استطاعت أن تحافظ على قوامها وتقف على أقدامها، وبإذن الله سوف تنحو هذا
المنحى في المستقبل أيضاً وسوف تقوى يوماً بعد آخر.
إن كنتم مع الشعب، كان ناصراً لكم!
هناك نقطة أخرى وهي أن هذه الحركة التي بادرت إليها القوة الجوية في يوم التاسع عشر
من بهمن لعام 1357 ه.ش (8/2/1979م)، قوبلت بترحيبٍ من الناس على الفور، وهذا يمثّل
درساً آخر أيضاً. ففي ليلة الحادي والعشرين أو الثاني والعشرين من بهمن، حينما
هدّدت قوات الحرس الملكي بالهجوم على قاعدة القوة الجوية – وقد هجمت عليها بالفعل
لمعاقبة القوة الجوية المتمرّدة على حدّ تعبيرهم - هبّ الناس هنا لمساعدة هذه
القوة. فانظروا كيف بدت ردود الأفعال دون تأخير، وهذا يعني أن وقوف مجموعة عسكرية
إلى جانب الشعب، وفي خدمته، وانضمامها إلى صفوفه، يستتبع على الفور استجابة الناس
ودعمهم ومساندتهم. فشتان ما بين مجموعة عسكرية تستند إلى الشعب وما بين مجموعة لا
تستند إليه، وهناك فارق كبير بينهما. وقد شاهدوا في ذلك الموقف ثمرة تلك الحركة على
الفور.
إنني لا أنسى في منتصف تلك الليلة - الحادية والعشرين أو الثانية والعشرين، حيث كنا
في شارع إيران نقضي ليالينا متفرقين - سمعت أصواتاً تتعالى من وسط شارع "إيران"،
مستنجدة بالناس للذهاب إلى شارع "بيروزي" (النصر)، حيث محل هجوم الحرس الوطني، وهذا
ما شاهدته بأمّ عيني. أي إن مجموعة من الناس كانت قد تدفّقت إلى تلك المنطقة
لمساعدة القوة الجوية، ومجموعات أخرى قد انطلقت في أرجاء المدينة لتدعوا الناس
وتطالبهم بالذهاب لمساعدة القوة الجوية، والناس بدروهم كانوا يسارعون لمساندتهم.
وهذه أيضاً نقطة، فإن كنتم مع الشعب، وقف الشعب ناصراً لكم، والجيش الذي يقف الشعب
مسانداً له، لا يساوره أي هاجس في مواجهة العدو.
قوة جوية, مبدعة مقتدرة!
والحمد لله فإن الفارق ما بين القوة الجوية الحالية، وبين القوة الجوية في ذلك
اليوم والقوة الجوية قبل الثورة، كالفارق ما بين السماء والأرض. فلا يقولن أحد بأن
القوة الجوية قبل الثورة كانت تمتلك طائرات حديثة من صناعة الدول الفلانية، واليوم
لا تمتلك مثل هذه الطائرات. نعم.. صحيح أن القوة الجوية في ذلك اليوم كانت تظهر
بمظهر يبهر الأبصار، ولكنها كانت خاوية، واليوم قد لا تظهر بنفس ذلك المظهر، ولكنها
[اليوم]رصينة قويمة قد فاضت قوّتها الذاتية من داخلها، وهي تعتمد على نفسها. وقد
سمعتم في تقرير قائد القوة الجوية المحترم بأنّكم أنتم من تُصَنّعون القطعات،
والمعدات، والإمكانات، وتنطلقون بتدبير وتخطيط ذاتي، ولم يكن الأمر على هذا النحو
في ذلك اليوم. نعم.. كانوا يومذاك يستلمون الأموال من دون حسيب ولا رقيب- وقد واجه
المسؤولون الحكوميون اليوم هذه الظاهرة وأوقفوها- وفي المقابل يضعون بين أيديهم من
المعدات كل ما يطلبونه ومهما كلّف الثمن. علماً أن البعض بعد الثورة أرادوا إعادة
الطائرات من طراز أف-14 التي كانوا قد اشتروها لتوّهم، لكي لا تبقى حتى هذه الوسيلة
أيضاً، ولكننا منعناهم من ذلك بحول الله وقوّته. واليوم تتسم القوة الجوية بالإبداع
والاقتدار، ولا يمكن مقارنة إمكانياتها بما كانت عليه في ذلك اليوم، ولا بد لها أن
تقوى يوماً بعد آخر.
حينما يتعرض شعبٌ لتهديد العدو، يجب على السلطة الحاكمة في الدرجة الأولى تحقيق
أمنه. فإن الواجب الأول الذي يقع على عاتق المسؤولين هو العمل على إحلال الأمن في
البلد وبين الناس. والأمن هذا يتحقق بأنواع مختلفة، منها الجانب العكسري وتعزيز
البنية العسكرية. اليوم ينبغي عليكم أن تمتلكوا كل وسيلة يكون بمقدورها إرساء الأمن
وإحلاله، سواء عبر التصنيع أو الشراء أو الحفظ والصيانة. ويجب على القوة الجوية أن
تمضي قُدماً يوماً بعد يوم وأن لا تقنع عند حدٍّ.
اعملوا على تعزيز أواصركم أكثر فأكثر مع النظام ومع هذا السيل الجماهيري الهائل
الذي ما زال يسير مسانداً للنظام ومناصراً للثورة بعد سبعة وثلاثين عاماً كما
تشاهدونه. فإن الشعب يعقد آماله على القوات المسلحة حين يرى أنها تقف معه وإلى
جانبه وأمامه وتحافظ عليه. والقوات المسلحة بدورها تعلّق آمالها على الشعب الذي يقف
مسانداً ومناصراً لها.. هذه بضع كلمات في هذا المجال.
"عيدان" على الأبواب
ثمة عيدان ماثلان أمامنا، عيد ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في يوم الثاني والعشرين
من بهمن (11شباط) بعد ثلاثة أيام، وعيد الانتخابات، وهو عيدٌ حقاً. وينبغي لنا
الاحتفاء بكلا هذين العيدين. وهما بالنسبة لنا عيدان مفعمان بالمضمون والمعنى.
وفيما يخص العيد الأول وهو عيد الثورة في يوم الثاني والعشرين من بهمن، فإن أبناء
شعبنا على مدى سبعة وثلاثين عاماً، قد احتفوا حقاً بهذا اليوم بصفته عيداً حقيقياً.
فإن العيد هو تلك المناسبة التي تتكرر في كل عام، و«العيد» مأخوذ من مادة «العود»،
وهو يعني تكرار الاحتفاء بيوم في كل عام لمناسبة ما، تكراراً مصحوباً بالسرور
والبهجة، وهذا التكرار المشفوع بالسرور تجاه اليوم الثاني والعشرين من بهمن، وهو
يوم انتصار الثورة الإسلامية، يواصل طريقه كل عام بقوة واقتدار، وهو شيء لا نظير لا
في إيران ولا في العالم بأجمعه، فإن هناك بعض البلدان التي حصلت فيها ثورة، بيد أن
إحياء الذكرى السنوية لانتصار الثورة بالمشاركة الجماهيرية الملحمية الحاشدة في كل
أرجاء البلاد مما لا يوجد له مثيل في أي بقعة من بقاع العالم.
ثورة.. تولد وتتجدّد
وما ذكرتُه يمثّل حقيقة ومعلومة، وليس تخميناً وتحليلاً. ففي البلدان الثورية، يتم
إحياء ذكرى انتصار الثورة، وذلك بأن يقف بضعة أشخاص على المنصة الرسمية، وتقوم
مجموعة أخرى بعرض عسكري أمامهم.. هكذا يُحيون ذكرى انتصار الثورة، والناس كلٌّ
مشغولٌ بشأنه. وأما هنا فإحياء ذكرى انتصار الثورة والاحتفاء بها وتكريمها يتم
أساساً بواسطة الناس. فإن الناس هم الذين ينزلون إلى الساحة ويحتفلون في الأجواء
العاصفة، وفي ظل المشاكل، وتحت الثلوج والأمطار، وفي شتى الظروف، وهذه هي المشاركة
الشعبية، وهي سلسلة لا تنقطع. ولعل نصف الذين يشاركون هذا العام في مسيرات الثاني
والعشرين من بهمن، لم يشهدوا بمقتضى أعمارهم ذلك اليوم ]11/2/1979[، وإنما وُلدوا
بعده، ولكنهم رغم ذلك يشاركون. وهذا في الواقع يمثّل تجدّد الثورة وإعادة ولادتها،
لأن الثورة لم تنتصر بالرصاصة والبندقية وما شاكل ذلك، وإنما انتصرت بنزول الناس
إلى الشوارع، فإن حشود الناس لم ينزلوا للميدان بميولهم وعزائمهم وأحاسيسهم
وعواطفهم وحسب، بل نزلوا بأبدانهم وحضروا في الميدان. هذا رغم شدّة الموقف، فقد
كانوا في مواجهة إطلاق النيران وسفك الدماء وشتى الأخطار الأخرى، ولكنهم تحمّلوا
هذه المخاطر ونزلوا إلى الشوارع. والثبات على هذه العزيمة الراسخة والفولاذية هو
الذي اقتلع جذور النظام والكيان البهلوي العميل الخاوي والمهترئ؛ أي الحضور المباشر
للناس في الشوارع والساحات، إلى جانب الإرادة والعزيمة والمحبة والمساندة، وهذه هي
مؤشرات الحضور والمشاركة. وقد حافظ الناس على هذا الحضور طيلة هذه الأعوام السبعة
والثلاثين، وسترون في هذا العام أيضاً، وبفضلٍ من الله وتوفيقه، سيكون الحضور
الجماهيري في الشوارع حضوراً باهراً ومحطّماً للأعداء.
يجب عدم السماح بأن تشيخ هذه الذكرى وتهرم، وأن تغيب هذه الحادثة العظيمة في غياهب
الغفلة والنسيان. فالثورة حيّة ونحن لا نزال في منتصف طريق الثورة.
الثورة تحوّل تدريجي
أعزائي! التفتوا إلى أن الثورة ليست حدثاً دفعياً يحدث لمرة واحدة وينتهي، وإنما هي
تحوّل، وهذا التحوّل يحصل بالتدريج. أجل. لقد كان هذا الحدث يتطلّب في بادئ الأمر
حركة ثورية وإقامة النظام الثوري، إلا أن هذه الثورة تحتاج إلى التدريج ومرور
الزمان لكي يتسنى لها إرساء دعائمها وتحقيق أهدافها. فإذا ما زالت تلك الأهداف من
الأذهان، ونُسيت تلك الحادثة، عندئذ ستكون عاقبتها كالذي نشهده في الكثير من
البلدان الثورية في الظاهر، فبعض الثورات قد قُضي عليها في مهدها - كالتي انطلقت في
زماننا خلال السنوات الأخيرة وقضي عليها في مهدها حقاً - وبعضها الآخر مات بعد
ولادته وفي مطلع شبابه. والسبب في ذلك هو الانحراف عن الأهداف الـمُعلنة. فلا بد من
بقاء وديمومة هذه الأهداف؛ هدف تحقق العدالة الاجتماعية، وتحقيق الحياة الإسلامية
بكل معنى الكلمة – حيث إن عزة الدنيا والآخرة في الحياة الإسلامية -، وإقامة مجتمع
إسلامي يتوافر فيه العلم والعدل والأخلاق والعزة والتقدم معاً. هذه هي الأهداف التي
لم نصل إليها حتى الآن، وما زلنا في منتصف الطريق.
مضمون الثورة .. مصب العداء
يجب أن تبقى حادثة الثورة وحقيقتها حيَّةً حاضرةً في أذهاننا وقلوبنا على الدوام،
والـلافت أن معسكر العدوّ يركّز على هذه النقطة نفسها! حين تسمعون في الأخبار
الأجنبية تصريح السياسي الأمريكي الفلاني الذي يقول بأننا لا نريد تغيير النظام في
الجمهورية الإسلامية، وإنما نهدف إلى التغيير في السلوك - وهذا ما قالوه بالفعل
وسمعتموه-، فإن تغيير السلوك يعني أن سلوك نظام الجمهورية الإسلامية كان حتى الآن
سلوكاً ثورياً، يصبّ في خدمة الثورة، ونحن نريد تغيير ذلك. قبل عدة أشهر، قلتُ2
لدبلوماسيينا الذين اجتمعوا في هذا المكان بأن اسم الجمهورية الإسلامية لا يخيف
[الأعداء] ولا يرهبهم، بل وحتى أن يتزعّمها معمم وعالم دين فهذا لا يثير قلقهم. أما
إذا ما تجرّدت الجمهورية الإسلامية عن محتواها، وفقدت إسلاميتها وثوريتها، فإنهم
سينسجمون معها. فالذي يعادونه هو مضمون الجمهورية الإسلامية ومحتواها.. هذا هو
النهج الذي ينتهجه معسكر العدو. وكل مساعيه تصبّ في إيقاف حركة الجمهورية الإسلامية
صوب أهدافها الإلهية والإسلامية الخالقة للعزة والاقتدار، وهو يسعى لاستعادة سيطرته
وهيمنته على هذا البلد من جديد.
من ألوان المواجهة.. تغيير الثقافة
لقد كنا لسنوات متمادية نرزح تحت هيمنة العدو، ولكن في كل مرحلة بطريقة مختلفة، ففي
العهد القاجاري بطريقة، وفي العهد البهلوي بطريقة أخرى. حيث كنا في عهد القاجار تحت
سيطرة منافسَين: بريطانيا وروسيا في ذلك الوقت، إذ لم يكن قد تأسس يومذاك الاتحاد
السوفياتي. فكان [المنافس]الأول يحصل على بعض التنازلات من الحكومة، فيخاطبها
الثاني قائلاً: قدّمتم تنازلاً لذاك، ولا بد أن تقدموا لي أيضاً، وهكذا كان يحصل
على التنازل. فقد انطلقت بين السلطتين مسابقة في الحصول على تنازلات الحكومة
الإيرانية، وأولئك الحمقى الممسكون بمقدّرات البلاد، كانوا يضحّون بالشعب وأهدافه،
ولم يكن عدد سكان إيران آنذاك يتجاوز الخمسة عشر أو العشرين مليون نسمة، ومع ذلك
فقد ضحّوا بكل ما يملكه هذا الشعب.. هكذا كانت تجري الأمور في عهدهم. وفي العهد
البهلوي بطريقة أخرى أسوأ من سابقتها بالطبع، أي إنهم خضعوا لخدمة أهداف [الأعداء]
وفتحوا أبواب البلاد أمامهم. لأن الثقافة الإيرانية والإسلامية باستطاعتها دفع
الشعب إلى الصمود والاستقامة، ولكنهم غيّروا هذه الثقافة. فإن تلك الروح التي
استطاعت أن توجه صفعة مدوية للشركات الأجنبية في قضية التنباك، وذلك الدافع الذي
استطاع أن ييستنهض الناس للنزول إلى الساحة في النهضة الدستورية، حاولوا في العهد
البهلوي وبذلوا جهودهم لقمع تلك الروح والقضاء على ذلك الدافع. ولقد كان رضا خان
و[ابنه]محمد رضا ينفذان كلّ ما يصدر عن الأعداء خدمةً لهم. علماً بأنهما لم يكونا
على اعتقاد وإيمان بذلك، ولكنهما نفّذا كل الأوامر التي صدرت عنهم. هذه هي الأوضاع
التي كانت سائدة في البلاد لسنوات طويلة.
أهداف الحرب الناعمة..
إن هذا البلد، وبسبب ما يتحلى به من جوهر إسلامي، وطاقات إيرانية، وما يتمتع به
مجتمعه من مزايا وخصائص لا توجد في الكثير من مجتمعات دول الجوار وبلدان العالم؛
بسبب هذه الخصائص وبسبب ظهور قائد كبير واستثنائي كالإمام الخميني العظيم، استطاع
أن يتحرر من كل تلك الضغوط، وأن يقف منتصب القامة، وأن يعلن مواقفه، وأن يفعل ما
يريد، وأن يواصل حركته ومسيرته، وهذا ما يريدون القضاء عليه، ومعسكر العدو يسعى
اليوم لتحقيق هذا الهدف.
صحيحٌ أن ضجيج الكلام عن الحرب الصلبة يدور اليوم على ألسنة العدو - وهو أمر ممكن،
وليس بالمستحيل رغم استبعادنا له - إلا أن الأساس في جدول أعماله هو الحرب الناعمة.
هدف الحرب الناعمة هو القضاء على عناصر القوة والاقتدار وسلبها من البلد ومن نظام
الجمهورية الإسلامية ومن الشعب الإيراني، وتبديله إلى شعبٍ ضعيفٍ خانعٍ مستسلم. هذا
هو الهدف. فإن رضخ الشعب واستسلم، فلا حاجة حينها أساساً لشنّ حرب صلبة، وإذا تطلّب
الأمر يوماً ذلك، فيمكنهم شنّها من دون هواجس وقلق، حيث لا يجرؤون اليوم على ذلك.
وفي ذلك اليوم الذي يُصاب فيه الشعب الإيراني لا قدّر الله بالضعف، ويفقد عناصر
قوّته، فإن مخططهم سيجري بكل سهولة. إنّ إحياء الثورة في الأذهان، وحفظ الفكر
الثوري والتوجّهات الثورية وحراستها في مجال العمل والبيان والسلوك واتخاذ القرارات
والضوابط والقوانين، كلها أعمال تحول دون تحقق ذلك الوضع الرهيب، وأن تسير بالشعب
في طريق الاقتدار والاستقرار المتحقق حالياً. حسناً، هذا ما يتعلق بـ"عيد الثورة"،
وبإذن الله وفضله سيكون حضور الناس في مسيرة اليوم الثاني والعشرين من بهمن وفي
مختلف الساحات الأخرى، حضوراً يفرض اليأس على العدو.
الانتخابات مبايعة جديدة للأهداف الكبرى
وأما "عيد الانتخابات"، وهو عيدٌ حقاً. فقد تحدثتُ قليلاً بشأن هذا الموضوع فيما
مضى3، والكلام كثير في هذا المجال. فالانتخابات هي ضخٌّ لدمٍ جديد في جسم نظام
الجمهورية الإسلامية، وتجديدٌ لقوى الشعب وطاقاته. حيث يحضر البعض، ويتولى جملة من
المهام، وينجز مجموعة من الإنجازات، فتارة يتمكن وأخرى يخفق، ومنهم من ينجح، ومنهم
من لا يقدر على ذلك، وقد مُنح الشعب هذا الحق بأن ينزل إلى وسط هذه الساحة في مقطع
زمني محدد - وهو أربع سنوات للمجلس ورئاسة الجمهورية، وأكثر منها بقليل لمجلس
الخبراء - ويقرّر بأن يكون فلان مسؤولاً أو لا يكون فلان.. هذا هو معنى الانتخابات،
هي بثّ روح جديدة ودم جديد ونفَس جديد في البلد والشعب والناس. هذه هي الانتخابات،
وهذا هو سبب إصراري على أن يشارك كل الناس فيها. إن الانتخابات العامة ومشاركة
الجميع، تمنح العزة للبلاد ولنظام الجمهورية الإسلامية، فتكون هي الضامن للبلاد.
الانتخابات هي مبايعة جديدة للأهداف الكبرى. هذا هو معنى الانتخابات. ولهذا تكون
المشاركة في هذه الحادثة الكبرى فريضة على كل الناس.
الجمهورية الإسلامية المصداق الأكبر لـ "إن تنصروا"!
إن من الأهداف المستمرة لمعسكر العدو - وعلى رأسه أمريكا - منذ انطلاق الثورة
الإسلامية وحتى يومنا هذا، هو إيجاد حالة حادة من ثنائية القطبية بين الشعب
والنظام، وهذا مناقض تماماً لما بُنِيت عليه الجمهورية الإسلامية؛ أي التلاحم
والانسجام التام بين النظام والشعب. فإنهم أرادوا خلق هذه الهوّة، وبالتأكيد لم
ينجحوا في ذلك. الانتخابات واحدة من القضايا التي تفرض اليأس على العدوّ في هذه
الساحة، وتدلّ على العلاقة الوثيقة بين النظام والشعب، وتقضي بالكامل على هذه
الثنائية القطبية التي يرغب بها العدوّ. ومن هذا المنطلق، تكون الانتخابات مصداقاً
لقوله: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا الله﴾.
يقول القرآن الكريم ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾4، ما هي نصرة الله؟
وكيف تتحقق؟ إن نصرة الله تعني السعي لتحقق إرادة الله التشريعية على وجه الأرض،
والجمهورية الإسلامية هي المصداق الأكبر لذلك، وكل من ينصر الجمهورية الإسلامية بأي
نحو من الأنحاء فقد عمل بقوله: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ﴾، فما هي نتيجة عمله ؟
﴿يَنْصُرْكُمْ﴾. ألم يحدث هذا الشيء؟ ألم نشهد نتائج هذا الأمر منذ مطلع الثورة؟
ألم نجرّب ذلك ونختبره؟ من الذي واجهنا منذ انتصار الثورة وحتى يومنا هذا؟ فلينظر
الجميع حقاً إلى هذه القضية بإمعان، علماً بأن أهل الفكر والنظر ينظرون بهذا
المنظار. فقد وقفت القوى المادية العالمية الأولى في الدنيا منذ انطلاق الثورة
مقابل نظام الجمهورية الإسلامية ولم تتمكن من تحقيق شيء.
أصبحنا قوة إقليمية.. وعالمية!
إن الثورة بطبيعتها إذا ما اندلعت في بلدٍ، تحدث فيه إلى حدّ ما حالات من البلبلة
والاضطراب. وقد حاول هؤلاء الأعداء في تلك الأيام المضطربة الأولى أن يقوموا بتقسيم
البلد، وتدبير انقلاب عسكري، ولكنهم لم ينجحوا في ذلك، ثم شنوا "الحرب المفروضة"
على البلاد ثمانية أعوام، وفرضوا الحظر منذ الأيام الأولى، وهذه العقوبات التي
تشاهدونها ليست سوى تتمة لتلك العقوبات الأولى مع التصعيد طبعاً يوماً بعد آخر.
فأيّ بلدٍ يستطيع الصمود؟ أي بلد يتمكن من المقاومة أمام كل هذه التهديدات؟ هو
الجمهورية الإسلامية، وإيران الإسلام قاومت وحافظت على نفسها، بل وقامت بمضاعفة
قوّتها وقدراتها. فالاقتدار الذي تتمتع به الجمهورية الإسلامية في الوقت الراهن لا
يمكن مقارنته بالأيام الأولى، حيث أصبحت الجمهورية الإسلامية قوة إقليمية، بل وفي
بعض القضايا والمسائل قوة عالمية، إن بلدكم الآن هو قوة عالمية في بعض القضايا وفي
عداد القوى العالمية، وأضحى موقف الجمهورية الإسلامية في جملة من قضايا العالم أشدّ
تأثيراً من رأي القوى العالمية الكبرى. هكذا أصبحت، وإلى مثل هذا تبدلت في الوقت
الحاضر. وهذا هو نزول النصرة الإلهية. فإنّ ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ﴾ التي عملتم
بها، استتبعها ﴿يَنْصُرْكُمْ﴾، فنصركم الله، ولولا نصرته لما أمكن ذلك. ولا بد من
مواصلة مسيرة ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ﴾، ومشاركة الناس في الانتخابات تعدّ مصداقاً
لهذا المسير.
الانتخابات واجبٌ ثوريّ!
لديّ بالطبع كلام كثير في شأن الانتخابات. وهناك تصريحاتٌ وأقوالٌ تُطرح في هذه
الأيام، ولا أريد التعرض لهذه الأقوال التي تثير التشويش في الرأي العام، وتبثّ
الشك والتردّد في قلوب الناس، وهي خطأ وغير مناسبة حيث إن البعض ينظر إلى المسائل
من زاوية سياسية فقط، ويضع جانباً الرؤية الإلهية بشكل كامل. كلمات تُسمع في هذه
الأيام، ولا أريد الآن التعرض لهذه الأمور. ما أود التعرض إليه، هو أن يعلم الشعب
بأنّ عزّته وفخره واقتداره وصموده أمام معسكر العدو مرهونة بأداء واجباته الثورية
بالشكل المطلوب، ومن أهم هذه الواجبات هو الانتخابات. هذا خطابي إلى الشعب، ولديّ
خطاب موجّهٌ للمسؤولين في شأن الانتخابات.
مع المسؤولين: منظومة الاقتصاد المقاوم
حسناً، الحق أن المسؤولين الحكوميين يبذلون جهودهم سواء في إجراء الانتخابات أو في
القضايا الأخرى. وأودّ القول بأن المسائل الدعائية والإعلامية والصُحُفية
الانتخابية لا تصرف المسؤولين في البلاد عن الاهتمام بالقضايا المستمرة والجارية
والأساسية. فإن الانتخابات قضية بالغة الأهمية، وكما قلنا وسنقول بعد ذلك أيضاً
بأنها غاية في الأهمية، إلا أنها قضية مرحلية، وتختص بمرحلة معينة، وبالتالي سوف
ينتهي أمدها، والذي يبقى هو قضايا البلاد الأساسية، ومنها القضية الاقتصادية،
وتحصين البلاد في الجانب الاقتصادي، وفي منظومة الأنشطة الاقتصادية لئلا يفرض العدو
شروطه على البلاد عبر الاقتصاد ويُملي إرادته. فلو تخلينا عن تبعية النفط، وقمنا
بتعزيز إنتاجنا المحلي، لما هزّنا انخفاض سعر النفط من مئة دولار إلى حدود العشرين
دولاراً . ولو عملنا على ازدهار إنتاجنا الداخلي، وقضينا على الركود الاقتصادي، لما
اكترثنا لما يقوم به العدوّ من الحدّ من استيراد السلع الفلانية أو حظرها. فلا بدّ
من تعزيز الاقتصاد الذاتي.
إن بلادنا واسعة مترامية الأطراف، وتشتمل على أربعة فصول، وهي تتمتع بإمكانيات
كبيرة؛ أهمها الطاقات الإنسانية المستعدة والكفوءة والشابة والمتحفزة. وتمتلك أحد
أعلى أرقام المتخرجين بين بلدان العالم، وأحد أعلى أرقام المهندسين في العالم،
وتتبوّأ في كثير من العلوم والفنون العلمية المرتبة الرابعة أو الخامسة أو السادسة
بين بلدان العالم. والطاقات البشرية ليست بالشيء القليل، وهي تمثّل الرصيد الأكبر
لتقدّم البلاد. وبالتالي فإن هذه الأرض الواسعة، وهذه الفصول المختلفة، وهذه
الأقاليم المتنوعة في مختلف أرجاء البلد، وهذه المصادر الهائلة المتوافرة في
البلاد، كلها إمكانيات تمنحنا القدرة على تحصين اقتصادنا وجعله اقتصاداً مقاوماً.
فلو بادرتم إلى تحصين اقتصادكم بجعله مقاوماً من الداخل، لحاول الآخرون التقربّ
إليكم والتزلف بدلاً من فرض العقوبات عليكم، فإنهم حينما يجدونكم لا تكترثون ولا
تتراجعون ولا تخضعون للهزيمة بالضغوط والمقاطعات الاقتصادية، عند ذاك إذا فرضوا
الحظر فقد ارتكبوا حماقة، وسيُدركون أن هذه العملية لا جدوى منها. هذا هو أساس
العمل. وهذا هو سبب تأكيدي وتشديدي على «الاقتصاد المقاوم». منذ عشرة أو اثني عشر
عاماً وأنا أُطلق هذه الكلمة بصوتٍ مرتفع بأننا لو قمنا بتحصين الاقتصاد في البلد
من الداخل، لحُلّت أغلب المشاكل الناجمة عن ضغوط العدو، ولظهرت حلولٌ واضحة قوية
لمسألة العمل والشباب والكثير من الآفات الاجتماعية الناتجة عن البطالة والركود.
توصيتي إلى المسؤولين المحترمين في البلاد هي أن لا يُلهيهم ولا يُشغلهم الضجيج
الإعلامي المتصل بالانتخابات، وأن يفكروا بالقضية الاقتصادية، وأن يوجّهوا المصادر
والإمكانات بالاتجاه المطلوب؛ أي باتجاه الإنتاج بما في ذلك الإنتاج الزراعي
والصناعي. فإن الإنسان ليشعر بالخجل حينما يرى بلداً بهذه العظمة وهذه السعة وهذا
التنوع في المحاصيل الزراعية، مليئاً بأصناف الفواكه الأجنبية! - هذا ما أراه في
الصحف، وأنتم تشاهدونه في الشوارع - البرتقال والتفاح يبقى عندنا على الشجر، بينما
نستورد الفاكهة من الخارج! هذه مسائل يجب التفكير فيها والعمل على معالجتها.
فليوجّهوا المصادر والطاقات باتجاه الإنتاج، لا باتجاه التبعية والارتباط أكثر
بالخارج، ولا باتجاه الاستيراد. نجد الأذهان تشرد برمتها إذا ما ظهرت قضية كقضية
الانتخابات، ويبدأ الجميع بالحديث عن هذا الموضوع! كلا. هذه قضية عابرة، يفكّر فيها
من يجب عليه التفكير في هذا الموضوع، ويعمل في تحقيقها من يجب عليه العمل في هذا
المجال، فلا يُشغل المسؤولون في البلد أذهانهم بهذه المسائل.
لا نخدع بابتسامة العدو الغدّار!
ما أقوله لأبناء شعبنا الأعزاء وللمسؤولين المحترمين أيضاً: يجب أن نحدّد جميع
سياساتنا وكلّ سلوكاتنا بالنظر إلى وجود جبهة معادية واسعة، وينبغي أن يتركّز كلّ
اهتمامنا على ذلك. فالشعب لا يمدح أي شخص أو أي جماعة عندما تغفل عن وجود العدو،
ولا يُعجب الناس بمن ينسجم مع عدوّه! أجل. فإن العدوّ يبتسم وأنت تبتسم أيضاً، ولكن
كن حذراً وانظر ما الذي يخفيه وراء هذه الابتسامة! فلا يبنغي التغافل عن العِداء
ولا نسيان الأعداء. هناك جبهة معادية تقف أمامنا. ولذا يجب علينا اليوم أن نفتّش
ونبحث عن دور الأعداء في مجال أمننا واقتصادنا ومعيشتنا وثقافتنا وفي مسائل الشباب
والآفات الاجتماعية، وأن نبني سياساتنا وقوانيننا ومبادراتنا وأقوالنا في جميع هذه
القضايا على هذا الأساس. وإن التغافل عن العدو ليس من دواعي الفخر والاعتزاز!
فلنعلم بأن العدوّ موجود. والبعض يعترض قائلاً: لماذا يا سيدنا تكرّر كلمة العدو!
[والجواب:] إذا لم نكرّرها، سوف نغفل عن أن هناك عدواً يعادينا، وحينئذٍ سوف يستغل
هذا العدو غفلتنا ليفعل ما يشاء.
لا بد من معرفة العدو، والوقوف على أساليب عِدائه أيضاً. وعلى حدّ تعبير سعدي
(الشاعر والحكيم الإيراني الكبير): "العدوّ حين أعيته كلّ الحِيَل، مدّ أواصر
المحبة والمودة"5، فيصدر أذاه من باب الصداقة والعلاقة ما لا يقدر عليه أيّ عدوّ؛
أي إنه يسدّد ضربته بلباس الصداقة. لذا يجب علينا جميعاً أن نراقب هذه الأمور. ولله
الحمد فإن إنجازات المسؤولين في البلد جيدة، والحق والإنصاف أنهم يبذلون جهودهم
ومساعيهم، غير أن الأمر يتطلب رقابة مضاعفة، لأن العدوَّ عدوٌّ غدّار وقح لا حياء
له.
هذه هي أمريكا.. لا جواب!
إن أمريكا لا تجيب عن أبسط أسئلة الرأي العامّ العالمي في الظرف الراهن. يُسأل
الأمريكيون: هل تعلمون بأن هناك دولة، منذ عشرة أشهر أو أحد عشر شهراً وهي تُمطر
اليمن بالقنابل وتدمّر المدن؟ هل أنتم على علمٍ بذلك أم لا؟ إن كنتم على علمٍ بذلك
لماذا تدعمون؟ إن كنتم على علمٍ بذلك لماذا لا تعترضون؟ إن كنتم على علمٍ بذلك
وتعتبرونها جريمة، لماذا تقوم طائراتكم بتزويد طائراتهم بالوقود؟ لماذا تساعدون؟
لماذا تدعمون؟ أجيبوا أنتم الذين تتشدقون بحقوق الإنسان عن هذه الأسئلة. ألا يعتبر
قتل الآلاف من الأطفال والنساء والرجال المدنيين العُزَّل في البيوت والمستشفيات
والمدارس إرهاباً؟ ألا يعدّ هذا أبشع وأقسى أشكال الإرهاب الدولي؟ إذاً لماذا
تدعمون هذا الإرهاب؟ الأمريكيون لا يجيبون عن هذه الأسئلة، يحدّقون بوقاحة في أعين
شعوب العالم! ويتبجحون بمناصرة حقوق الإنسان!
هذا في الشأن اليمني، وهو يرتبط بالسنة الأخيرة، وأما القضية الفلسطينية فهي تعود
إلى ما قبل 60 أو 65 عاماً. إنكم تشاهدون ماذا يفعلون بالشعب الفلسطيني، وترون أنهم
يدمّرون منازلهم، ويبيدون مزارعهم، ويبنون المستوطنات، ويُسكِنون فيها العناصر
الصهيونية المسلحة. كل هذا يجري على مرأى منكم، إذاً لماذا تدافعون؟ لماذا تنفقون
الأموال؟ لماذا تتنازلون دوماً أمام ما تسمونه باللوبي الصهيوني داخل أمريكا
وتتملّقون له؟ لماذا؟ هذه أسئلة بسيطة يطرحها الرأي العام، ولكنهم لا يجيبون عن
سؤال واحد من هذه الأسئلة، ومع ذلك يدّعون الصداقة، ويتشدقون بمناصرة حقوق الإنسان،
ويتبجحون بالحرية.
في البلدان المتحالفة مع أمريكا في منطقتنا، [بلدان] لا تعرف أصلاً ظاهرة اسمها
الانتخابات! ولا يفهمون ما معنى الانتخابات أساساً، وإذا بأمريكا التي تنادي
بالديمقراطية تعقد معهم عقد الأخوّة والتحالف الوثيق، كيف هذا؟ هي تدافع عنهم كيفما
كان. عدوّنا هو عدو كهذا، أمريكا هي موجود كهذا. لطالما ذكرتُ بأن المراد هو الهيئة
الحاكمة في أمريكا، والمقصود هو النظام الأمريكي، وإلا فلا شأن لنا بالشعب
الأمريكي. هذه هي حقيقة النظام الأمريكي. فإنهم يرتكبون أبشع الجرائم وأوقح
الجنايات، ثم يبتسمون في وجه الطرف الآخر، ولا يجيبون أيضاً عن هذه الأسئلة! فإن
كان لديهم جواب حقّاً فليجيبوا الرأي العامّ العالمي.
الحذر.. الحذر
إذا واجه بلدٌ مثل هذا العدو، عليه أن يكون حَذِراً، وعلى الشعب الإيراني أن يتوخى
الحيطة والحذر، وهو كذلك بفضل الله في الماضي وفي الحاضر أيضاً. لقد تمكنت هذه
الحركة الجماهيرة العظيمة حتى الآن من إحباط مؤامرات العدو المحتال الغدّار
المكّار، وبفضل الله سوف تعمل بعد ذلك على إذلال هذا العدو.
أعزائي! اعرفوا قدر مسؤوليتكم، واعرفوا قدر شبابكم، فإنكم شباب وتتحلّون بالدافع،
تتحملون المسؤولية، وتستطيعون إنجاز الأعمال، وإن العمل في مثل هذه الأجواء وفي مثل
هذه البيئة عبادة. فاعملوا بنية خالصة لنيل مرضاة الله، ولتقدّم البلد والجيش
والقوة الجوية نحو الأهداف المذكورة. وكلما ازداد عملكم، زاد الله تعالى من بركة
أعماركم وجهودكم.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل روح الإمام الطاهرة، وأرواح الشهداء الزاكية، ولا
سيما شهداء القوة الجوية في جيش الجمهورية الإسلامية راضية عنكم وعنا جميعاً.
والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته.
1- تحدث في بداية اللقاء الجنرال الطيار حسن شاه صفي (قائد القوة الجوية في جيش
الجمهورية الإسلامية في إيران )
2- لقاء مع وزير الخارجة ومسؤولي الوزارة والبعثات الديبلوماسية الإيرانية في
الخارج (10-8-1394 ه ش)
3- منها اللقاء مع أئمة الجمعة (14-10-1394)
4- سورة محمّد ، جزء من الآية 7
5- كتاب "گلستان سعدی" الباب الثامن