كلمة الإمام الخامنئي في لقاء عبر الشاشة مع أعضاء الدورة الحادية عشرة لمجلس الشورى الإسلامي[1] بتاريخ: 22/04/1399 ه.ش - 12/07/2020م
بسم اللّه الرّحمن الرّحیم
الحمد للّه ربّ العالمین والصّلاة والسّلام علی سیّدنا محمّد وآله الطّاهرین لا سیّما بقیّة اللّه فی الأرضین.
نشكر الله أن وفّق الشعب الإيراني لتشكيل مجلس الشورى الإسلامي في الموعد المقرر والمحدد، وأن يختار ممثليه في هذه الندوة الوطنية المهمة والمؤثّرة، كما أشكر الله أن وفقني اليوم لألتقيكم، وأتحدث إليكم، رغم الظروف الراهنة في البلاد، والظروف الصحية العامة، والمحدوديات الموجودة. وأشكر أيضًا السيد الدكتور قاليباف رئيس المجلس المحترم، فقد بيّن مواضيع جيدة جدًّا وبالطبع مهمة. نسأل الله أن يوفقكم جميعًا ــ الرئيس والهيئة الرئيسة، وجميع الأعضاء المحترمين ــ كي تتمكنوا من متابعة هذه المواضيع المهمة والأساسية عبر المجاري القانونية الصحيحة، وتوصلوها إلى مرحلة التحقّق.
في البداية، أود أن أتحدث قليلًا حول هذا المجلس، ثم سأتناول باختصار الظروف العامة والراهنة التي تمر بها البلاد، بعد ذلك، لديّ بعض التوصيات للإخوة أعضاء المجلس، سأطرحها عليهم، وفي الختام، إذا ما بقي وقت، سأتطرق مجددًا بشكل مختصر الى موضوع مرض كورونا المنتشر في البلاد.
مجلسكم محطّ آمال الشعب
أما فيما يخص مجلسكم، النقطة المهمة هي أن هذا المجلس ــ المجلس الحادي عشر ــ هو أنه محطّ أنظار وتوقعات الناس، ومظهر أملهم، لماذا؟ لأن الناس على الرغم من هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، جاؤوا إلى صناديق الاقتراع، وأدلوا بأصواتهم، وانتخبوكم. هذا فضلًا عن حملات الدعاية المتنوعة التي كانت تبث من قبل الأعداء الخارجيين، وبعض الأعداء القليلين في الداخل، حيث كانت تطرح مواضيع ودعايات مثيرة لليأس والإحباط، لتمنع الناس بشكل طبيعي من المشاركة الواسعة في الانتخابات. رغم كل هذه الظروف، أقبل الناس على صناديق الاقتراع بنسبة مشاركة مقبولة ــ تعتبر من النسب الجيدة على مستوى العالم ــ وأدلوا بأصواتهم، وانتخبوكم، لماذا؟ لأنهم يأملون. على الرغم من جميع هذه العوامل التي تضافرت، لتبعث في الناس اليأس، وعدم التفاؤل من الانتخابات، وصناديق الاقتراع، والمجلس، أقبل الناس بكل أمل، واقترعوا لتشكيل مجلس الشورى الإسلامي، وانتخبوكم. إذًا فهذا المجلس مظهر الأمل والرجاء عند الناس، وهذه مسألة غاية في الأهمية.
ولحسن الحظ، هذا المجلس الذي تم انتخابه، هو واحد من أقوى المجالس التي شهدتها البلاد وأكثرها ثورية. فهو ينعم بعدد كبير من العناصر القوية والشابة، والممتلئة حماسةً وإيمانًا. يوجد بينكم عدد كبير من الشباب المتعلم، والثوري، شباب من ذوي الخبرة، ليسوا ببعيدين عن المسائل التنفيذية، شباب كلهم حماسة، واقتدار، وخبرة، كما يوجد مديرون ثوريون من العهود الماضية، لديهم خبرة في مجال الأعمال التنفيذية، ويعرفونها جيدًا، فوجود هؤلاء بينكم هو غنيمة، هذا بالإضافة إلى وجود أعضاء سابقين في السلطة التشريعية، أي عدد من أعضاء مجلس الشورى السابقين، ممن يعرفون أساليب عمل المجلس. إن هذه الفئات الثلاث ــ فئة الشباب، والمديرين، وأعضاء المجلس السابقين ــ بحمد الله، يشكلون في هذا المجلس، مجموعة جيدة جدًّا، وفعالة، ومفيدة. بناءً على ذلك، يعتبر هذا المجلس مجلسًا جيدًا جدًّا. لحسن الحظ، أن هذا المجلس يبدي اهتمامًا ملحوظًا بمسائل الثورة. وهذا ما يستشعره الإنسان من أداء المجلس خلال شهر ونيف من عمله. فالسرعة في العمل التي تبدونها، وتشكيلكم للهيئة الرئيسة، واللجان الفرعية المتخصصة، ورؤسائها، وشروعكم السريع بالعمل، كلها أمور تستحق الثناء والتقدير.
حسنًا! تنتظركم الآن أربع سنوات من العمل، وهذه المدة ليست بالزمن القليل. بل هي زمن كبير. صحيح أنكم لستم تنفيذيين، لكنكم بمنزلة سكة القطار للأمور التنفيذية، ويمكنكم أن تتركوا، على مدى هذه السنوات الأربع، تأثيرات كبيرة جدًّا على مسائل البلاد، وتطوّرها، ومستقبلها. فأربع سنوات ليست بالزمن القليل. أيها الأحبة! تنتظركم وظائف ثقيلة، عليكم أن تحملوها على عاتقكم. سأبيّن في القسم التالي من كلامي،وبحسب ما يجول في خاطري، بعضًا منها على شكل توصيات لكم. هذا ما أحببت أن أشير إليه [من كلام] حول المجلس.
مريض.. لكن بنيته قوية!
أما فيما يتعلق بالوضع العام للبلاد لا شك، لدينا مشكلات ليست خفية على أحد منكم، لا سيما المشاكل الاقتصادية. بالنسبة للموضوع الثقافي، هذا بحث مستقل، يحتاج إلى باب واسع من الشرح، اليوم أريد أن أركز أكثر على المسائل الاقتصادية. يوجد في البلاد مشاكل اقتصادية كثيرة، لكن بنية البلاد قوية، وهذا أمر مهم. نعم، هناك مريض، لكن بُنية هذا المريض قوية، ولديه قدرة كبيرة على المقاومة، والتغلب على المرض، لو أننا شبّهنا البلاد بجسم إنسان، فهذه المشكلات التي تحدثت عنها، هي بمنزلة المرض، لكن خطورة المرض ليست سواءً لدى كل الأشخاص. الآن مثلًا، مرض كورونا ينتشر في البلاد، لكنّ خطره ليس بالدرجة نفسها على الجميع. فعندما يكون الشخص عجوزًا، وبنية جسمه ضعيفة، وغير قابلة للتقوية، ويعاني من أمراض أساسية، سيشكل المرض خطرًا عليه، ولن يأمل الطبيب كثيرًا بنجاته، لكن إن كان هذا المريض شابًّا، ويتمتع ببنية جسمية قوية، ولا يعاني من أمراض أساسية، مثلا، كأن يكون رياضيًّا، ولديه جسم قوي، فشخص كهذا لن يشكل المرض خطرًا عليه، وعندما يواجه الطبيب حالة كهذه، سيتابع وضعها بأمل كبير. نعم. إن بلادنا تعاني من أمراض، لكن هذه الأمراض يوجد في قبالها قدرات سأشير إليها الآن.
إن أهم الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، والتي عبّرنا عنها بالأمراض، هي عبارة عن التضخم، وهبوط قيمة العملة الوطنية، والارتفاع غير المنطقي للأسعار، ومشكلات الوحدات الإنتاجية، ووجود الحصار الاقتصادي ــ حيث يجب أن لا نتجاهل دور هذه العقوبات ــ وما يترتب على ذلك من صعوبات معيشية بالنسبة للشرائح الفقيرة، والمتوسطة في المجتمع. هذه الأمراض موجودة، لكن بنية البلاد قوية. لماذا نقول إن بنية البلاد قوية؟ بسبب الإمكانات الواسعة والطاقات الموجودة في البلاد، حيث أشار السيد قاليباف إلى بعض منها. بعض هذه الإمكانات طبيعية، وبعضها بشرية. لهذا تلاحظون، بسبب وجود هذه الإمكانات والطاقات، ورغم أننا نتعرض لأشد أنواع الحصار والضغط الاقتصادي الشامل، استطاعت بلادنا أن توجد آلاف الشركات "العلمية المحور"، ومئات المشاريع في مجال البنى التحتية، كما استطاعت رغم هذا الحصار، وانخفاض الدخل الناجم عن النفط، أن تنجز عملًا عظيمًا مثل مصفاة نجمة الخليج الفارسي، والكثير من المشاريع في مجال الطاقة، والماء والكهرباء، هناك الكثير من الأعمال التي يُعمد إلى افتتاحها الآن، وكلكم يراها، إنها وقائع موجودة، فحركة العمل جارية. على صعيد الصناعات العسكرية، هناك أعمال مدهشة تنجز، كذلك الأمر على صعيد المسائل الفضائية. إن أعداءنا ومخالفينا، الذين يفرضون علينا هذه العقوبات على أمل أن يركّعوا إيران، هم أنفسهم يعترفون بعجزهم عن تحقيق أهدافهم، فالبلاد لا تزال واقفة على أقدامها، وهذا يدل على أن بنية البلاد قوية جدًّا.
استعداداتٌ وطاقات كامنة يجب تفعيلها..
هذه الأشياء التي ذكرناها، تمثل جزءًا من إمكانات وطاقات البلاد. وإلا فإن هناك الكثير من الإمكانات والطاقات الأخرى، منها ما هو مادي مثل المناجم، الغابات، الموقع الجغرافي، التنوع المناخي، وصولاً الى قضية التاريخ والهوية الوطنية، وأمثال ذلك. هذه كلها موارد وطاقات و إمكانات مهمة جدًّا وأساسية، وإن بلادنا تتفرد ببعضها دون البلدان الأخرى. هذه كانت الإمكانات المادية، لكن إلى جانب ذلك، هناك الإمكانات والطاقات المعنوية. وأنا أصر دائمًا على ضرورة الاهتمام بهذه الطاقات المعنوية، والاستمداد منها، وتفعيل ما هو بحاجة إلى تفعيل منها. هذه الطاقات المعنوية الموجودة في بلادنا، أغلبها إن لم نقل جميعها، تستقي جذورها من عمق الإيمان الديني، والثوري، أي إن إيمان الناس بدينهم وثورتهم كبير، وهذا من شأنه أن يُمد البلاد بقدرات وطاقات كبيرة، يمكن الاستفادة منها كثيرًا. وقد شاهدنا أمثلة لهذه القدرات على مدى تاريخ الثورة، من أول انطلاقتها إلى مرحلة الحرب المفروضة، إلى يومنا هذا. وأحدث مثال على هذه الإمكانات والطاقات المعنوية الوطنية، والمبنيّة على الإيمان الثوري والديني، هو حضور الشعب في الوقت المناسب، وحضوره بكل تضحية في مواجهة الهجمة الأولى لمرض كورونا. هل كان هذا مزاحًا؟ الفرق الطبية كانت في الصف الأول، ومن خلفهم نزل مختلف أفراد الشعب لا سيما شريحة الشباب إلى الساحة، وقدّموا مختلف أشكال الدعم والعون والمساعدة، حيث كان لعملهم في ذلك الوقت، دور مؤثّر وكبير في تخفيف الآلام عن الشعب الإيراني في قبال هذا المرض الخطير. أو من خلال نهضة المساعدة الإيمانية والمعتمدة على إيمان الناس، حيث دعي الناس ليشاركوا في تقديم يد العون للعوائل الضعيفة في المجتمع. طبعًا، حتى لو لم نطلب منهم ذلك، كان الناس أنفسهم سيبادرون، فالناس تحركوا على هذا الصعيد قبل أن نتكلم، ثم بعد ذلك، أخذ العمل شكلًا أوسع شمل جميع البلاد، وقد لاحظتم مدى عظمة الأعمال التي أنجزت، وحجم الخدمات القيّمة التي قدّمت للأسر الضعيفة، وذلك على أعتاب شهر رمضان المبارك، حيث انطلقت هذه الحركة الشعبية العامة. هذه من الإمكانات والطاقات المعنوية للبلاد، هذه الأمور مهمة. المثال الآخر على هذه الإمكانات والطاقات، يعود إلى ما قبل هذه الأحداث بقليل، إلى الحركة المدهشة، التي قام بها الناس في تشييع الشهيد قاسم سليماني. رأيتم ما الذي فعله الشعب الإيراني، في طهران، وفي مختلف المحافظات، وكيف تعاطى هذا الشعب مع هذه القضية المهمة، وهي شهادة أحد القادة المميزين. نخطئ إن تخيلنا أن هذه الحركة، كانت مجرد حركة عاطفية، إنها كانت تكشف وتدل على إيمان الناس بخيار الجهاد. لقد أثبت الناس من خلال هذه الحركة، أنهم مع الجهاد في ساحات المقاومة، ولا يزالون يعتقدون بالمواجهة، والمقاومة في قبال الاستكبار. لقد أثبت الناس أنهم لا يزالون يحترمون الأشخاص الذين يشكلون مظهرًا للاقتدار الوطني، والجهادي في إيران. كان الشهيد سليماني مظهرًا لهذا الاقتدار، أظهر لأعداء البلاد، وأعداء الثورة، مدى الاقتدار الوطني لإيران في كل المنطقة، لقد كان مظهرًا لروحية الاقتدار الوطني هذه، وقد احترم الناس فيه ذلك. هذه المسألة، مسألة مهمة جدًّا، إن طاقات كهذه قيمةٌ جدًّا، هذا التشييع أثبت مدى الأهمية التي يوليها الناس لأبطالهم الوطنيين، وكان بمنزلة صفعة لكل من حاول أن ينال من هذا الوجه النيّر، عبر الثرثرة، والتصريحات التافهة للمسؤولين الأمريكيين وأمثالهم في العالم. هناك أمثلة أخرى كثيرة، على الإمكانات والطاقات المعنوية، والحضور المعنوي، واستعداد الشعب الإيراني، كلها تستقي جذورها من عمق الإيمان بالإسلام والثورة. هذه الأمور لا يمكن إنكارها، ومن ينكرها، فهو كمن ينكر وجود الشمس في رائعة النهار. لاحظوا على مدى السنوات الماضية، كلما كان النظام يتعرض للخطر، كان الناس هم من يتصدى له، عبر نزولهم إلى الساحات، في ذلك الوقت الذي تحرّك فيه بعض الأشخاص بتحريض من الأعداء ــ سواء في أحداث 1378 و 1388 ه.ش (عام 2008م، أو عام 2009م، )أو السنوات التي بعدها ــ وقاموا بأعمال، كانت مضرّة للنظام، كان من أحبط آمال العدو هم الناس عبر نزولهم إلى الساحات. هل يوجد طاقة أفضل من هذه؟ هل يوجد بنية أقوى من هذه؟ هذه هي البنية القوية للشعب الإيراني. إذًا، عندما ينظر الإنسان إلى هذه الوقائع، يدرك أن بنية البلاد في قبال هذه الأحداث المتنوعة قوية.
إهمالنا وتقصيرنا سبب مشاكلنا!
إن مشاكلنا في الحقيقة ناشئة من إهمالنا وقلة اهتمامنا وإنتباهنا: "ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرِّ والبَحرِ بِما كَسَبَت أيدِي النّاس"؛[2] نحن أنفسنا من أهملنا في بعض الأماكن، وقصّرنا. على سبيل المثال، أهملنا في موضوع الإنتاج، أو الاستثمار، فواجهتنا فجأة مشاكل في الإنتاج على مستوى البلاد، وخسارات في المعامل. طبعًا، عندما لا يعمل الإنسان، النتيجة ستكون معلومة سلفًا. في تلك المَواطن التي أهملنا فيها، نحن المسؤولين، أو قصّرنا، على مدى السنين المختلفة، النتائج كانت نفسها. إذا ما تنامى التفكير، وروح الاعتماد على الذات، والثقة بالنفس الوطنية ــ اللذان يشهدان اليوم لحسن الحظ، نموًّا مطّردًا لا سيما بين شريحة الشباب المثقف ــ وهذه الثقة بالعناصر الداخلية في الاقتصاد، وضعفت أو تبددت تلك الآمال الواهية على الحلول القادمة من وراء الحدود، والتي تجعل اقتصاد البلاد مرتهنًا للقرارات الأجنبية، باعتقادي ستكون جميع هذه المشاكل الموجودة في الاقتصاد اليوم قابلة للحل والمعالجة. يجب أن نستفيد من هذه البنية القوية للبلاد. والآن، إذا ما تم العمل على المواضيع التي طرحها السيد الدكتور قاليباف في كلامه، وأمثالها من القضايا، بشكل جدي وضمن الإمكانات المتاحة، وعبر مسؤوليات المجلس، والمجاري القانونية فيه، إن شاء الله، ستزول جميع الصعاب والمشكلات، بالنسبة لي أنا العبد، فإن خاطري مستبشر، بأن جميع هذه المشكلات قابلة للحل.
وأما بالنسبة إلى موضوع مسؤولياتكم أيها الأعضاء الاعزاء، وهو من الأبحاث الأساسية في الواقع، وأنا هنا لا أريد في الحقيقة أن أتحدث كثيرًا عنه، وإنما سأكتفي بذكر بعض المسائل والامور، كتوصيات. الامر الأول، عليكم أيها الإخوة الأعزاء، أيتها الأخوات العزيزات! أن تخلصوا النيات، وأن تعملوا لخدمة الناس. في برلمانات العالم، يُتحدث كثيرًا باسم الشعب، لكن لا يُعمل للشعب. إن البرلمان المنحطّ هو ذلك البرلمان الذي تؤثّر فيه القضايا الشخصية والحزبية، أكثر من مسائل الشعب والقضايا الوطنية. أول مسألة، وأول وصية هي أن تعملوا لله، أي أن تأخذوا قرارًا حقيقيًّا، وبنية خالصة بالعمل لمصلحة الناس. ولا تسمحوا للجوّ وأمثال هذه الأشياء أن تأسركم، فأحيانًا يسيطر على الأوضاع جوٌّ معين، يجرّ الإنسان إلى جهة ما، عليكم أن تنظروا ما هو التكليف [الوظيفة]، ما هو الأكثر نفعًا للناس، وأن تتبعوه، حتى وإن كان على خلاف الجوّ الحاكم، لا يوجد مشكلة. لا تكونوا أسرى الجوّ، بمعنى آخر لا تسمحوا له أن يسيطر عليكم.
قسمٌ لا يمكن الحنث فيه!
الأمر الثاني، موضوع أداء القسم. هذا القسم الذي تؤدونه بشكل جماعي في بداية عمل المجلس، هو قَسمٌ شرعي، وليس عملًا شكليًّا أبدًا، أي إن هذا القسم يستتبع تعهدًا؛ أنتم بقسمكم هذا تكونون قد وعدتم وألزمتم أنفسكم بحراسة حريم الإسلام، والمحافظة على مكتسبات الثورة الإسلامية، هذه الأمور متضمنة في نص القسم الذي أديتموه. يجب عليكم الالتزام بهذه المعاني بجدية، أي حماية نتائج الثورة، والالتزام الجدي بهذا التعهد وحراسة حريم الإسلام. وأي حنث على هذا الصعيد، سيضع الإنسان تحت المساءلة الشرعية والإلهية، أي إن الله سيسأل الإنسان عن ذلك يوم القيامة. فهذا القسم ليس كأي قسم عادي، فالحنث في القسم العادي يستتبع بكل تأكيد دفع كفارة، وكذلك المؤاخذة من قبل الله المتعال، لكن هذا القسم يختلف كثيرًا عن قسمنا لأجل عمل شخصي، فهنا نحن أمام مسألة عامة، مسألة تخص جميع الناس، لذا يجب على الإنسان أن يلتزم به، لأنه قسم مهم.
وصيتنا الثانية لكم، هي أن تهتموا بالمسائل المفتاحية، وأن تعطوها الأولوية. أحيانًا يتوجب على الإنسان أن يهتم بالمسائل الفرعية ومسائل الدرجة الثانية، لكن شريطة أن لا يصرفه هذا الاهتمام عن التحرك والتركيز على القضايا المفتاحية. على سبيل المثال، إذا أردنا أن نطرح إحدى القضايا المفتاحية على صعيد الاقتصاد، فإن مسألة الإنتاج تعتبر مسألة جدية ومفتاحية، لهذا أطلقنا على هذا العام اسم «النقلة النوعية في الإنتاج»، الآن نحن في الشهر الرابع من السنة الإيرانية، علينا أن نثبت أن هذه القفزة قد تحققت خلال هذه السنة. كذلك مسألة توفير فرص العمل من المسائل المفتاحية التي لها ارتباط وثيق بموضوع الإنتاج. أيضًا مسألة ضبط معدل التضخم من المسائل المفتاحية، حيث يتوجب عليكم أن تفتشوا عن سلسلة العوامل الكامنة وراء التضخم وغلاء الأسعار وأن تكتشفوها. من المسائل المفتاحية أيضًا، إدارة النظام المالي، وتحرير الاقتصاد من الاعتماد على النفط، هذه كلها من المسائل المهمة في المجال الاقتصادي.
وأما على صعيد القضايا الاجتماعية وغيرها، تعتبر مسألة تأمين السكن من القضايا المهمة جدًّا والمفتاحية، حيث تشكل العبء المالي الأكبر الذي يعاني منه رب الأسرة. كذلك مسألة زواج الشباب من المسائل المهمة التي لا يجوز الغفلة عنها أبدًا، ويجب البحث عن سبل، تسهّل مسألة الزواج، وتجعله ميسراً سهلاً للشباب. بعض هذه السبل لا تحتاج إلى أعباء مادية، وإنما إلى اتخاذ قرار أو إلى الاهتمام فقط. من المسائل الغاية في الأهمية أيضًا موضوع الإنجاب وزيادة النسل، وهو من المواضيع التي تطرقت لها، وأكدت عليها في السنوات الأخيرة مرارًا[3]، لكن للأسف، عندما ينظر الإنسان إلى النتائج، يتضح له، أن هذه التأكيدات لم يكن لها أثر كبير. فهذا الأمر يحتاج إلى قانون، ومتابعة جدية من الأجهزة التنفيذية، ينبغي لنا أن ننظر إلى هذا الموضوع بعين الجدية والاهتمام، وأن نخاف على مجتمعنا من الشيخوخة. لا شغل لنا بما يقوله الاعداء، فالعدو عدو في النهاية، لكن للأسف، نشاهد بعض منحرفي الفهم والسليقة في الداخل يقولون: «لا يوجد مشكلة من شيخوخة المجتمع»! كيف لا يوجد مشكلة؟ من أكثر الثروات فائدة في بلد ما، هي الزيادة في عدد الشباب فيها، حيث كان بلدنا، بحمد الله، يتمتع بذلك منذ مطلع الثورة إلى اليوم، وإذا ما فقدناه فيما بعد، فسنتأخر بلا ريب. من المسائل المهمة أيضًا، والتي يجب أن نُعنى بها، مسألة إدارة وضبط الفضاء الافتراضي، وهي ليست من المسائل الطويلة الأمد، بل من المسائل القريبة والمتوسطة الأمد، فهي من المسائل الملحة التي يجب أن نوليها الأهمية، وأمثالها من القضايا المفتاحية الأخرى. انتبهوا إلى عدم الغرق في المسائل الهامشية، والمسائل الفرعية التي لا تتمتع بالأولوية.
الوصية الأخرى، هي مسألة التعامل والتآزر مع باقي السلطات. بحسب رأيي المتواضع، المخطط العام للتعامل هو التالي: التعامل من قبل السلطتين التنفيذية والقضائية يكون بتنفيذ مقرراتكم بكل دقة، أي لا يجوز التلكؤ والمماطلة، والإهمال في تنفيذ قرارات المجلس أبدًا، هاتان السلطتان موظفتان بتنفيذ قراراتكم. أما التعامل من طرفكم فيكون بالتصويت على قرارات تراعي إمكانات وقابليات البلاد. هناك الكثير من الأشياء التي يتمنى الإنسان أن يقرّها، وهي أشياء جيدة جدًّا، لكنها فوق قدرة، واستطاعة، وإمكانيات البلاد. عليكم أن تلتفتوا إلى كلّ من إمكانيات السلطة التنفيذية والسلطة القضائية، وإمكانيات البلاد، والواقع الموجود، وأن تراعوا ذلك في قراراتكم، وهذا برأيي من شأنه أن يوجد تعاملًا جيدًا بين الطرفين.
انتبهوا أيضًا لعلاقاتكم بمسؤولي الحكومة، لأن لديكم شغلًا معهم. من الأعمال الجيدة التي تم الإقدام عليها خلال الشهر الماضي، هو إستدعاء الوزراء المحترمين إلى مجلس الشورى، وتقديم كل واحد منهم توضيحًا عن القسم الخاص به. لكن هذه العلاقات مع مسؤولي الحكومة يجب أن تكون مطابقة للقانون، والشرع. أي من حقكم السؤال، والتدقيق، بل يجب عليكم القيام بذلك وأمثاله، لكن من دون الإهانة، والتجريح، والاتهام بغير علم، فهذه الأمور ليست من حقكم، وبعضها حرام شرعًا، وغير جائز. فلا يجوز لأحد مطلقًا، أن يهين وزيرًا، أو أن يتطاول عليه بأنواع الكلام البذيء، والتهم. بناءً على هذا، يجب عليكم أن تفككوا بين ما هو حقكم ووظيفتكم، وما هو ممنوع عليكم. فالقانون والشرع قد حدّدا لكم ما هو واجب وغير واجب عليكم من الأعمال. لذا عليكم أن تنتبهوا إلى ما هو واجب، وما هو غير واجب من الأمور. لا ينبغي أن نتعامل مع الأمور بشكل انفعالي، وبعيد عن المنطق، بل [أن نتعامل] بشكل متقن، وحكيم، وقابل للتبرير. أحيانًا، قد ترفضون كلام الطرف الآخر بشكل كامل، أي مئة بالمئة، لا ضير في ذلك، لكن عليكم أن تطرحوا رأيكم المخالف على نحو، إذا نظر شخص من خارج المجلس، يقتنع أن الحق معكم، أي بإتقان وحكمة.
هناك نقطتان أخريان أريد أن أثيرهما فيما يخص أرضيات التعاون مع السلطتين التنفيذية والقضائية، وأعضاء الحكومة؛ النقطة الأولى، هي أن التجربة أثبتت على مدى السنين الطويلة، أن الصراعات، والنزاعات، والسجالات بين مسؤولي الصف الأول، من شأنها أن تترك تأثيرًا ضارًّا على الرأي العام للناس، وأن تزعجهم. نعم، إن الشعب ينتظر منكم، ومن الحكومة، والسلطة القضائية أن تبيّنوا الحق، وأن تتبعوه، لكنهم لا ينتظرون منكم أن تتجادلوا، وأن تشتبكوا وتتعاركوا، فهذا ما لا يحبه الناس، كما إن وجود أي توتر أو تشنج بين رؤساء الأجهزة في الدولة، يؤذي الناس، ويزعجهم، ويترك تأثيره السلبي على الرأي العالم.
ثانيًا، تشاهدون اليوم كيف أن عدونا الغدّار، هذه الجبهة المعادية لنا ــ فعدونا ليس أمريكا فقط، بل هناك جبهة معادية لنا، أشدها خبثًا وقبحًا هي أمريكا ــ تركز كل قواها لتجبر الجمهورية الإسلامية على التراجع وتقديم التنازلات. طبعًا، هذا مما نفتخر به، أن تحشد القوى السياسية والاقتصادية في العالم كل ما تملك من قوة لتواجهنا، فهذا يدل على مدى القوة الموجودة فيكم. لو لم تكونوا أقوياء ومقتدرين، لما احتاج هؤلاء ليجمعوا كل خيلهم ورجالهم، وجيوشهم ليضعوها في قبالكم. هذا يدل على أنكم أقوياء. لكن في النهاية، هذا هو الواقع، فقد حشد العدو كل قواته في الميدان، القوة الاقتصادية، القوة السياسية، القوة الإعلامية. تلاحظون، ربما لا يمر يوم أو على الأقل يومان أو ثلاثة، إلا ويخرج الثرثارون الأمريكيون، وزير خارجيتهم، أو رئيسهم، إما في لقاء صحافي، أو في محفل دولي، وإن لم يجدوا مكانًا، فعلى الأقل في محضر اللوبي الصهيوني، ويتحدثون عن الجمهورية الإسلامية بكلام فارغ، ينفثون فيه غيظهم، وانزعاجهم. حسنًا، هذا يدل على أن هؤلاء قرروا بشكل جدي أن يُنزلوا إلى الميدان كل إمكاناتهم الدعائية، والإعلامية. حسنًا، ما هو تكليفنا في ظل ظروف كهذه؟ تكليفنا هو الاتحاد والانسجام في الداخل، بالمستوى الذي يظهرنا موحدين في مقابل العدو. نعم، هناك اختلاف في السلائق وفي الآراء، وربما بعضنا لا يقبل بعضنا الآخر، لكن أمام العدو، يجب أن نتكاتف، ونضع أيدينا بأيدي بعضنا البعض، وأن نتكلم بكلام واحد، وأن نهتف بهتاف واحد، وأن نوحّد التحرك والعمل.
بالنسبة لي، أعتبر الدور الرقابي للمجلس مهمًّا جدًّا، أي إن الدور الرقابي للمجلس هو دور رئيسي ومصيري، ولا يجب إغفاله أو إهماله أبدًا، لكن باعتقادي عليكم أن تمارسوه بإتقان، وحكمة، وبدون حواشٍ ومعارك جانبية.
واجب الحكومات أن تواصل عملها حتى آخر لحظة!
هناك نقطة أخرى، موجهة لكم ولكل أعضاء الحكومة، التفتوا إليها جميعًا. إن السنة الأخيرة من عمر الحكومة تكون عادة حساسة. فلدي تجربة طويلة في هذا المجال. إن السنة الرابعة من عمر الحكومة، ولا سيما إذا كانت السنة الرابعة من الدورة الرئاسية الثانية، سنة حساسة جدًّا، وعادة ما تتراجع الأعمال فيها، إذا لم تحظ بالرقابة. أولًا، إن وظيفة جميع الحكومات أن تعمل وتبذل جهدها حتى آخر لحظة. أنا شخصيًّا أرى أن من واجب الحكومات أن تواصل عملها، وتحمّل مسؤولياتها، والقيام بوظائفها حتى الآخر، ثم تسلّم الأمانة للحكومة التي تأتي بعدها، طبعًا، على أن تضعها في صورة الوضع، وما تمّ إنجازه، تمامًا مثل المهندس الذي يسلّم العمل في منتصف الطريق إلى مهندس آخر، ويضعه في صورة الأعمال التي تم إنجازها، والوضع الموجود حاليًّا. يجب أن يواصلوا عملهم حتى اليوم الأخير. في هذه الظروف الحساسة للسنة الأخيرة من عمر الحكومة، التي تعتبر السنة الأولى لعملكم وفاعليتكم، على كل من ــ الحكومة ومجلس الشورى ــ أن يعملا على إدارة الوضع والأجواء على نحو لا يضر بالأعمال المهمة للبلاد.
آخر ما أريد قوله فيما يخص مجلس الشورى، إن لديكم مركزين مهمين جدًّا، يتمتع كل واحد منهما بأهمية خاصة. الأول هو مركز الأبحاث والتحقيقات، وهو مركز تخصصي وفي منتهى الأهمية، عليكم أن تستفيدوا منه على أحسن وجه. لحسن الحظ، تم في الماضي الاستفادة بشكل جيد من هذا المركز في الكثير من المسائل والموارد، أحيانًا، كان هذا المركز يقدّم مساعدات تخصصية مصيرية لأعضاء المجلس، فهو مركز مهم جدًّا.
المركز الثاني الذي بدأ عمله منذ سنوات، هو مركز الرقابة على سلوك أعضاء المجلس، هذا المركز مهم جدًّا أيضًا. طبعًا، كلكم جيدون جدًّا، ونسأل الله لكم الأجر جميعًا، كونك صالحًا هذه مسألة، لكنْ أن تبقى صالحًا، فتلك مسألة أخرى، علينا أن نسعى ونبذل الجهد لنبقى صالحين. جميعنا عرضة للإشكالات، ومن الممكن لا قدّر الله، أن تزل قدمنا. جميعنا ــ سواء أنا، أو أنتم ــ قد نتعرض لذلك، لذا علينا أن نعتني بأنفسنا، وأن يعتني بعضنا ببعض، على قاعدة «وَتَواصَوا بِالحَقِّ وتَواصَوا بِالصَّبر»[4]. مركز الرقابة على سلوك أعضاء المجلس هو تطبيق لهذه الآية «وَتَواصَوا بِالحَقِّ وتَواصَوا بِالصَّبر»، هو ذاته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعناية والتكافل الاجتماعي الموجود في الإسلام.
الحديث الأخير سيكون عن كورونا.
أولًا، إن هذا الانتشار الجديد لكورونا يبعث في الإنسان الحزن العميق. أن يفتح الإنسان التلفزيون، فيجدهم يقولون اليوم توفي 180 شخصًا بالمرض، وقبل عدة أيام، توفى 220 شخصًا، هذه الأخبار تكسر قلب الإنسان، وتسبب له الألم، كل هذا العدد خلال أربع وعشرين ساعة! حتى عندما انخفض الرقم إلى ثلاثين كان كبيرًا، في النهاية، كل واحد من هؤلاء الثلاثين له أحباؤه، ومحبّوه، له أب، أو أم، له زوجة وأبناء، أو إخوة، أو أصدقاء، يؤلمهم جميعًا فراقه. الآن إذا ما وصل هذا العدد إلى 200، أو 180، أو 150 وأمثالها من الأرقام، في الحقيقة والواقع، سيكون الأمر محزنًا ومفجعًا جدًّا. لذا أرجو من جميع الأشخاص الذين يمكنهم أداء دور في هذا المجال، أن يمارسوا دورهم على أكمل وجه.
لحسن الحظ، أن الفرق الطبية تبذل جهودًا مضنية في هذا الإطار. وإن لساننا لقاصر عن بيان مدى التضحيات التي قدّموها، سواء من خلال إصابة العديد منهم بهذا المرض، أو الذين فارقوا الحياة على طريق العناية بالناس! هذه الأعمال قيمة جدًّا، وغاية في الأهمية. لم تكن الفرق الطبية وحدها في الساحة، بل كان هناك الكثير من الفرق التي قدّمت الدعم لها، على مستوى اتخاذ القرارات، والتنفيذ، وتوفير الإمكانات. كما كان هناك الكثير من الشباب الذين تطوعوا، ودخلوا الساحة من الأشهر الأولى لانتشار المرض، وقدّموا الخدمات والدعم، ثم جميع أفراد الشعب. أنا في الحقيقة أشعر بالخجل من الممرضين والأطباء، عندما أشاهد في التلفزيون بعض الناس لا يلتزمون بوضع الكمامات على بساطة هذا الأمر، فأولئك يبذلون كل هذه التضحيات، ثم يأتي أشخاص من الشباب وغير الشباب، ولا يضعون الكمامات، هذه الأمور يجب مراعاتها. أنا أرجو جميع الأشخاص الذين يمكنهم التأثير في هذا المجال، سواء من المسؤولين التنفيذيين في البلاد، أو جميع أفراد الشعب، أن يعملوا بجد كي نتمكن خلال مدة قصيرة من وقف سريان هذا المرض، وإيصال البلاد إلى ساحل الأمان. في بداية العمل، كنا من أفضل الدول، وأكثرها نجاحًا في التصدي لهذا الوباء، لكن اليوم ليس الأمر كذلك. رغم أننا اليوم متقدّمون على الكثير من البلدان، وأفضل منها، لكن مع هذا، لسنا في المستوى الذي كنا عليه في البداية، وهذا أمر مؤلم.
على الناس أن يعيدوا حركة التعاون ويوسّعوها
النقطة الثانية، إن مسألة كورونا أدت في الحقيقة إلى تضرر الكثير من الأسر في الطبقات الفقيرة والمتوسطة من الناحية الحياتية والمعيشية. إن تلك الحركة التي انطلقت في أعتاب شهر رمضان، وتلك الخدمات التي شارك فيها الجميع من منطلق الإيمان، كانت أعمالًا قيّمة جدًّا، استطاعت أن تخفّف آلام الكثير من العوائل. أعتقد أننا بحاجة اليوم ليعيد الناس الأعزاء حركة التعاون والإحسان هذه نفسها، طبعًا، هي لم تتوقف، لكن يجب أن تتنامى أكثر، وأن تتوسع، وأن تنعش الأجواء في البلاد من جديد، أن تسعد قلوب الأطفال، وأن تغني العوائل والأسر، وأن تريح الآباء والأمهات من هم التفكير بمعيشة أبنائهم، هذا ما يمكن للناس أن يفعلوه. أما كيفية ذلك، وكيف تتم إدارة هذا الأمر، فهذا النوع من الأعمال لا يقبل الإدارة المركزية، وإنما يتم من قبل عامة الناس، وعلى امتداد البلاد. الحمد لله بلادنا واسعة وكبيرة، والناس كثر، ويمكن لكل شخص أن يساعد في ذلك على قدر وُسعه. ربما يعترض البعض ويقول، بهذه الطريقة قد يصل لإحدى العوائل أكثر من حصة من أكثر من طريق، حسنًا، ولْيَكُن، هذا أفضل. طبعًا، إن استطاعوا أن ينظّموا عملية التوزيع، لا شك، هذا أفضل، لكن إن لم يحصل ذلك، لا مشكلة، لنفرض أن عائلة حصلت على مساعدات من أكثر من جهة. فلا يكثروا الاعتراض في ظل هذا الوضع الموجود، من الممكن أن يحصل بعض الأشخاص على حصتين، حسنًا، وليكن. ما هو المهم، أن لا يحرم أحد من المساعدة. أن تبذل المساعي لأن لا يُنسى أحد، وإن شاء الله، يستغني الناس. هذا العمل، يبث في البلاد الحياة، ويبارك الأعمال، وينزل لطف الله وأفضاله عليكم.
من المسائل التي أرغب أيضًا أن أؤكد عليها، وأختم بها كلامي، مسألة التوسل والدعاء. كنا قد ذكرنا منذ البداية، أن التوسل العام أمر مهمّ جدًّا، لا سيما الدعاء السابع في الصحيفة السجادية، الذي قرأه الكثيرون بلا شك، وغيره من الأدعية المختلفة. واظبوا على الدعاء، واطلبوا من الله المتعال، وتضرعوا إليه، لا سيما الشباب، وأصحاب القلوب الطاهرة، والصافية مثل الماء الزلال. إن بعض القلوب نيّرة، ويمكن أن يستجاب دعاؤها بشكل كامل «فدعاء نصف ليلة، قد يرفع مئة بلاء». نسأل الله أن يوفقكم جميعًا، وأن يرضي عنا روح إمامنا المطهّرة، وأرواح شهدائنا الطيبة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[1] ــ في مستهل هذا اللقاء، تحدث الدكتور محمد باقر قاليباف (رئيس مجلس الشورى الإسلامي) مقدّمًا تقريرًا حول عمل المجلس.
[2] ــ سورة الروم، الآية 41.
[3] ــ من جملتها، كلمة لسماحته في لقاء مع جمع من العرسان الجدد بتاريخ (13/5/1398 هـ. ش ــ 4/آب/2019م)
[4] ــ سورة العصر، الآية 3.