كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) المتلفزة، بمناسبة عيد المبعث النبويّ الشريف، بتاريخ 13/03/2021م.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمد وآله الطاهرين، ولا سيّما بقيّة الله في الأرضين.
أبارك عيد المبعث السّعيد والعظيم للشّعب الإيراني كافّة، وللأمة الاسلامية كلّها، ولأحرار العالم جميعاً. عيد المبعث عيدٌ لجميع طالبي العدالة في العالم، وهو عيدُ تحذير للأمّة الإسلامية. سأتحدّث اليوم عن موضوع المبعث، وسأتحدّث أيضاً بجملة قصيرة عن قضايا الثّورة الإسلاميّة.
المبعث هو نهضة الرّسول (ص) وإنهاض الناس وتحريكهم نحو السعادة
في المبعث، في مثل هذا اليوم، صار قلب الرّسول الأعظم (ص) مستودعاً لأثمن أمانة إلهية، ألا وهي الوحي الإلهيّ، وقد وُضعت أعظم مسؤولية في عالم الوجود على الأكتاف الجبّارة لذلك العظيم، وهي مسؤولية هَدْي البشرية إلى نهاية العالم. بالطّبع، كانت هذه البعثة أيضاً هديّة عظيمة للبشرية جمعاء.
البعثة تعني النّهضة، أي نهضة رجل الله المختار، الذي هو الرّسول الإلهيّ (ص)، وهذه النّهضة مصحوبة بعلاقته بالمصدر الأزليّ للعلم والقدرة الإلهيّة. هذه هي الظّاهرة العظيمة للرّسالة والنبوّة. في المرحلة التالية، ستؤدّي النهضة بشخص الرّسول (ص) إلى نهضة المجموعات البشرية، أي النبي الأكرم (ص) والرّسول الإلهيّ في كل عصر - كلٌّ من أنبياء الله العظماء - بعد أن يُبعث ويُنهَض، ويُنهِض المجموعات البشرية ويُحرّكهم نحو طريق جديد، نحو سعادة البشر، ويضع المسار أمام أقدام الإنسان. هذا معنى البعثة.
التّوحيد أعظمُ هدفٍ للبعثة
في بعثة الأنبياء جميعاً، كانت هناك أهداف -أهداف إلهيّة- وبالطّبع، سيكون هدف النبيّ نفسه، تبعاً لاتّباع الله، هو الهدف عينه. فالبعثة لها أهداف عظيمة، وعلى رأس هذه الأهداف كلها التّوحيد. التّوحيد هو الهدف العظيم للبعثة: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾[1]. التّوحيد الخالص، التّوحيد المحض، [كما] في هذه الآية الشريفة من سورة النحل. في سورة الأعراف، وكذلك في [سورة] هود، هكذا يقول على لسان عدد من الأنبياء العظماء مثل نوح وهود وصالح وغيرهم (ع): ﴿يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾[2]. هذا التّوحيد هو الهدف الأول لبعثة الأنبياء. بالطّبع، أنتم تعلمون أن التّوحيد لا يعني حصراً أن يعتقد الإنسان في ذهنه بأن الله واحد وليس اثنين. بالطّبع، نعم، هذا صحيح، لكن التّوحيد له معنى مهم هو الحاكميّة الإلهيّة.
التّوحيد يعني الحاكميّة المطلقة لله على عالم التشريع وعالم التكوين -الاثنين [معاً]- ويجب أن نراه أمراً إلهياً نافذاً سواء في عالم التكوين -في كل أحداث الوجود، «لا حول ولا قوة إلا بالله»- أو في عالم التشريع... هذه الأحداث كلّها والحالات جميعها تنشأ من قوّة الله الواحدة. حسناً، هذا هو الهدف الرئيسيّ.
الحياة الطيّبة هدفٌ آخر للأنبياء
ثمّة أهداف أخرى أيضاً: تزكية البشر، أي التّصفية الروحية للبشر من الملوّثات والصّفات الخبيثة والمنحطّة، ورفع مستوى التعليم للإنسان والمكانة العلمية له... وإقامة العدل، كي يُدار المجتمع البشري بالعدل: ﴿لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾[3]، وخلق الحياة الطيّبة: ﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾[4]... ماذا تعني هذه الحياة الطيّبة؟ الحياة الطيّبة تعني النموّ والازدهار لعقل البشر وعلم البشر من جهة، و[من جهة أخرى] السّكينة الروحية للبشر والرّاحة المادية وأمن البيئة المعيشية لهم ورفاهيتهم وسعادتهم والأهمّ من هذا كله التّكامل والعروج الرّوحي للإنسان. الحياة الطيّبة تعني هذا كلّه. هذه هي أهداف بعثة الأنبياء. بالطّبع، أكثر الموارد للبحث هنا هي حول أنبياء الله العظماء، [لكن] كان هناك أنبياء آخرون أيضاً يُرسلون إلى نقاط مختلفة من العالم بمعنى المبلّغ بهذه الحقائق.
الأدوات لتحقيق أهداف البعثة: التّخطيط لبناء علاقات اجتماعية وامتلاك قدرة سياسيّة
حسناً، كما تلاحظون هذه الأهداف كبيرة جداً وصعبة. كيف يتم تحقيقها؟ هذا بالطّبع يتطلّب أولاً تخطيطاً واسعاً من أجل العلاقات الاجتماعية، أي إذا كان نبيّ الإسلام (ص)، نبي الحق، الرّسول الإلهيّ في أي عصر، يريد تحقيق هذه الأهداف، عليه حتماً أن يقيم علاقات اجتماعية تتناسب مع هذه الأهداف.
المطلب الثاني هو القدرة السياسيّة، أي لا يمكن إنشاءُ هذه العلاقات الاجتماعيّة بواسطة إنسان منزوٍ أو شخص ناصح يقدّم حصراً النصيحة إلى الناس. القدرة مطلوبة، القدرة السياسية مطلوبة. في النتيجة، تكون البعثات مصحوبة بقدرة سياسية كبيرة وبتخطيط واسع من أجل تحقيق هذه الأهداف.
التّعليمات والخطط لِحُكم الأنبياء على أساس كتاب الله
إذن، مع مجيء الرّسول، ينشأ نظام سياسي، أي الهدف هو إنشاء نظام سياسي -الآن أيّ نبي وُفّق في ذلك وأيّهم لم يُوَفق هذا موضوع آخر، لكن الهدف هو إنشاء نظام سياسي- ويمكنه تحقيق هذه الأهداف بتشكيل المخطّطات والعلاقات الاجتماعية والعلاقات الإنسانية المختلفة.
تشريع الحكم في هذا النّظام السياسي يُؤخذ من كتاب الله ومما ينزله الله -تعالى- على الرّسول، إذ يقول: ﴿فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾[5]، ﴿لِيَحْكُمَ﴾ تعني «ليحكم الكتاب». يحكم هذا الكتاب بين الناس في ما يجب عليهم فعله، وهو الحاكم في التنظيمات الاجتماعية جميعاً. هذا في سورة البقرة، وفي «المائدة»: ﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ﴾[6]، الإنجيل هو الحاكم، أي الأمر بالحكم يُؤخذ من الإنجيل لأهل الإنجيل. وكذلك في حالة الأنبياء الآخرين هناك آيات: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾[7] و ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾[8] و ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[9]. وفي هذه [الآيات] كلّها ما مصدر الحكم ومنشؤه، وما يُؤخذ منه قرار الحكم وخططه؟ إنّما هو الكتاب الإلهي الذي نزل على النبي. هذه الأصول والأُسُس موجودة فيه (الكتاب). ويجب وضع الخطط البشريّة جميعاً في إطار هذه المبادئ.
قيادة الحكومة وإدارتها وتنفيذ الأوامر الإلهيّة في عهدة الأنبياء
حسناً، هذا أمرٌ بالحكم، لكن من سينّفذ هذا الحكم؟ فمن دون إدارة وقيادة، لن يتم هذا الأمر عملانياً. لذا، إنّ الإدارة ضرورية، وهذه الإدارة وهذه القيادة الأساسية مرتبطة بشخص الرّسول نفسه، أي الرّسول الأكرم (ص) وجميع الأنبياء (ع) - نبيّ الإسلام الأكرم (ص) ومن قبله أنبياء آخرون (ع) - هم المديرون والقادة الملزمون تنفيذَ الحكومة الدينية والإلهيّة وتحقيقها في المجتمع، التي هي نتاج بعثتهم ويجري تقديمها بالكتاب الإلهيّ.
بالطّبع، هذه القيادة ليست بالشكل نفسه [دائماً]. ففي بعض الحالات، يكون النبي نفسه، النبي بشخصه، هو المتكفّل والمتعهّد هذه القيادة. مثل النبي داوود (ع)، والنبي سليمان (ع)، ونبي الإسلام الأعظم (ص)، الذين كانوا أنفسهم على رأس الحكومة ويكفلون تنفيذَ الشؤون بأنفسهم، وفي بعض الحالات، يعيّن النبي حاكماً بأمر إلهي، مثل ذلك النبي الذي ورد في القرآن أيضاً في سورة البقرة: ﴿إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾[10]. وقد لجأ الناس الذين كانوا تحت الضّغط والمشكلات إلى [ذلك] النبيّ ليختار لهم حاكماً، فاختار لهم، ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكً﴾[11]، وصار طالوت قائداً. لذلك، كان النبي هو القائد والحاكم والمدير الرئيسي، لكن تنفيذ العمل بيد شخص آخر غير ذلك النبي، وكان في هذا المثال طالوتاً. ومن المؤكد أن أمثاله ليسوا قلّة بل كُثر في تاريخ الرسل (ع). وفي حالات أخرى، لا يعيِّن الرّسول أحداً، لكن هو نفسه لديه موقع في نظام الحكومة فيكون أمره نافذاً، مثل النبي يوسف (ع) الذي كان أمره نافذاً في نظام تلك الحكومة - صار لها ميل تدريجي أيضاً إلى دين النبي يوسف (ع) - وكان يقوم على الأعمال، لكنه لم يكن الحاكم المطلق.
الدّين هو البرنامج الشّامل والمدير لحياة الإنسان
لذلك، إنّ وضع البعثة كان هكذا باختصار. إذن، البعثة هي بمعنى نهضة الرّسول، وهذه النّهضة مصحوبة بإرسال الكتاب الإلهيّ وأمر الحكم الإلهيّ الذي نزل على النبي، ومفاد هذا الحكم ينفذه الرّسول ويطبّقه ويديره بالطرق المختلفة التي ذكرتها. قد تكون هناك طرق أخرى، بالطّبع، لم نرَ أثراً لها في القرآن، ولكنها قد تكون موجودة، فلسنا على علم بأحداث التاريخ كلّها.
حسناً، ما هو الدِّين ضمن هذه النّظرة الشاملة؟ الدّين بهذه النظرة، عندما ننظر بها، هو مدير الحياة البشرية، أي خطّة شاملة، لا الخطّة الشخصية والتعبّدية والفردية البحت للإنسان، إذ يتصوّر بعض الناس أنّ الدين هو المتكفل في الخطط الفردية، وأن مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وما إلى ذلك، خارج نطاق الدّين. لا! تلك النظرة تدلّ على أن الدّين شامل وذو شمولية.
عداء الأشرار للدّين بسبب طريقة نظرتهم إليه وجرّاء نطاقه
بالطّبع، إنّ هذا الدين بهذا المنظور يتعرّض للعداء أيضاً. لقد عارض أشرار العالم في الأوقات جميعاً مثل هذا الدين. إمّا بهذه الطريقة، أي محاولة إغراق هذه المنطقة الكبيرة والنطاق الشاسع بالقضايا الشخصية، وإما بمعارضة الدين علانية؛ قال -تعالى-: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ﴾ [12]، وهذا في سورة الفرقان. كلّ نبي له أعداء من المجرمين والمذنبين وأشرار العالم. وفي «الأنعام»، قال -تعالى- أيضاً: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورً﴾ [13]. لذلك، عندما تحدث بعثة النبي ويُبعث النبي وتُطرح هذه الآلية لتنفيذ الحكم الإلهيّ، من الطبيعي أن يعارضه المفسدون والمستكبرون والمستعمرون والمخلّون بحياة البشر، ويعارضه اللّصوص والظّالمون. لأنه ضدّ الظلم، وضدّ نهب ثروات البشر، وضدّ التسلّط بغير حقّ على البشر، فمن الطبيعي أن يقف ضدّ النبي أولئك الذين يُعَدّون أشرار العالم. ما زلتم ترون اليوم في دعاية الأعداء ثمّة ما يسمى «الإسلام السياسي». الإسلام السياسيّ هو هذا الذي تحقق في النظام الإسلامي في إيران -سأشير لاحقاً إلى الحركة العظيمة لإمامنا العظيم [الخميني (قده)]-، فهدف هجماتهم هو الإسلام السياسي.
الإسلام السياسي يعني الإسلام نفسه الذي تمكن من إقامة حكومة وأجهزة مختلفة وأنظمة اقتصادية واجتماعية وسياسية وعسكرية وما إلى ذلك، وخلق هوية دينية وإسلامية للشّعب. هذا بشأن الدّين. لذا، إنّ تعريف القرآن للدّين هو واحد من هذه الأشياء. لا يمكن اختزال هذا في الأعمال الصغيرة، أعمال تعبدية صرفة ومحضة. إذن، البعثة حركة عظيمة تزوّد البشر بخطّة شاملة وخَلاصية لهم وتهيّئهم لحركة عظيمة.
النّهوض وحركة البشر نتاجٌ لحركة الأنبياء
بالطّبع، ليس الأمر أنّ نهوض الرّسول وقيادته يمنعان الناس من التحرّك في هذا المجال. القضيّة ليست هكذا. كما قلنا، نهوض الرّسول يؤدي إلى نهوض البشر فينهض المجتمع ويتحرّك البشر. لذلك، أمير المؤمنين [علي] (ع) في تلك الخطبة المعروفة [يقول]: «وَوَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ وَيُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ ... وَيُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ»[14]. يحيون دفائن المعرفة والحكمة في وجود الإنسان فيحرّكونه، ويوقظون فطرتهم النائمة ويحرّكونهم. مرّة أخرى في خطبة أخرى من نهج البلاغة، يقول (ع) حول الرّسول (ص): «طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّهِ قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَهُ وَأَحْمَى مَوَاسِمَهُ»[15]. فلديه مرهم ولديه [موسم] على حد سواء... كانوا في السابق يضعون قضيباً حديدياً حامياً على الجرح عندما لا يندمل، فيلتئم الجرح بهذه الطريقة. في العربية، يسمى هذا القضيب الحديدي الذي يحمّيه الطبيب ويضعه على الجرح «الموْسم» أو «الميْسم». يقول: «قد أحكم مراهمه»، أي جهّز وأعدّ نبي الإسلام المراهم، «وأحمى مواسمه»، كما جهّز تلك المواسم اللازمة لـ«يضع حيث يحتاج» أو «حيث شاء»، حيثما كان ذلك ضرورياً ومفيداً، المرهم. وحيثما كان ذلك ضرورياً، ذلك [الموسم]. هذه الحدود التي ترونها في الإسلام - الحدود والعقوبات وما شابه - هي القضبان الحامية نفسها التي توضع على الجرح ليلتئم. هذا عن المسائل المتعلقة بالبعثة.
ثورتنا الإسلاميّة استمرارٌ لمضمون البعثة النّبويّة
أما عن قضايا الثّورة الإسلامية... لقد جددت الثّورة الإسلامية العظيمة في إيران مضمون البعثة في العصر الحديث. أي أعطى الله -تعالى- لإمامنا العظيم [الخمينيّ] التوفيق في إبراز نهج البعثة النبوية المستمر وإظهاره في هذا العصر عبر مبادرته وشجاعته وفكره السّامي وتضحياته. نهج البعثة نفسه هذا الذي كان خافتاً على مرّ الزمن. فقد استطاع الإمام [الخمينيّ] العظيم إبرازه وإظهار شمولية الإسلام عملياً، وإظهار أنّ الإسلام دين شامل يشمل حياة الإنسان كلّها. وقد برّز الإمام [الخمينيّ] العظيم هذا الأمر. أحيا الأبعاد الاجتماعية والسياسية للدين التي كانت طيّ النسيان، وأعاد ذكرها وجعلها مصداقاً لهذه الجملة: «ويذكّرهم منسيّ نعمته».
حسناً، بعد الرسالة النبوية، كانت هذه الثّورة الإسلامية ضدّ الظلم، وضدّ الاستبداد، وضدّ الاستكبار، وكانت مع المظلومين من أيّ مذهب، ومن أيّ دين - المظلوم بالمعنى الحقيقي للكلمة - ومع المحرومين، ومع المستضعفين من أيّ ملّة ومن أيّ دين ومذهب. في الأحوال كلها دعت هذه الثّورة عموم البشرية إلى صراط الإسلام المستقيم، وهذه هي الحركة الأساسية للثّورة الإسلامية.
اصطفاف أشرار العالم في وجه الثّورة الإسلاميّة
حسناً، عندما حدثت هذه الثّورة الإسلامية وأوجدت نظاماً قائماً على هذا الأساس، أي نظام الجمهورية الإسلامية، تكررت الحادثة نفسها التي وقعت للأنبياء، فقد اصطفّ أشرار العالم في وجه هذه الثّورة كما كانوا يصطفون في وجه الأنبياء. ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ﴾[16]؛ مجرمو العالم وأشرار العالم، ومستكبرو العالم، اصطفّوا في وجه الثّورة الإسلامية وعملوا على مواجهتها.
طبعاً هذا لم يكن بخلاف توقعاتنا؛ لم نتوقع منذ البداية أنهم سيظهرون توافقاً مع الثّورة الإسلامية. وكان واضحاً منذ البداية أن مثل هذا سيحدث: ﴿هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾[17]. كان من الواضح أنه مع ثورة بهذه الخصائص ستقف في وجهها أمثال أمريكا والقوى الاستكبارية والاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت، وهكذا حدث.
مجابهة النّظام الإسلاميّ ومواجهته مع أعداء الله وأعداء المجتمع الإسلاميّ لا مع الجميع
حسناً، هذه المواجهة موجودة بالتأكيد، لكنّهم في هذه القضيّة من المواجهة والمعارضة مع الجمهورية الإسلامية يَعْمدون إلى نشر الأكاذيب في كلّ مكان، كما الحال في أي مكان آخر.
قالوا إن الجمهورية الإسلامية على خلاف مع الجميع في العالم. هذا غير صحيح، هذا خلاف [الواقع]. لقد تعلّمنا من القرآن أن نُعامل غير المُعادين للنظام الإسلامي بسلوك حَسَن. وقد جاء في سورة الممتحنة: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾ [18]. هؤلاء الكفار الذين ليسوا في حالة مواجهة معكم، ليسوا في حالة حرب، لا يُعادونكم، فأحسنوا إليهم، وتعاملوا معهم بالقسط والعدل. ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ﴾[19]. آية القرآن تقول هذا.
ليس [الأمر] كما تقولون، وهو أنّ الجمهورية الإسلامية في حالة حرب مع الجميع. لا! ليس لدينا مشكلة مع أولئك الذين ليسوا أعداءنا -من أيّ دين أو أيّ مذهب- بل نُحسن إليهم. ينصبّ تركيز الإسلام على مواجهة الأعداء، أولئك الذين يمارسون العداء، لا الذين يختلف دينهم عن دينكم.
ثمّة مجموعة داخل البلاد من هؤلاء المتظاهرين بالثّقافة -منذ سنوات بالطّبع، وهو ما تكرر أحياناً في المدة الأخيرة- لهم لقب المُنشقّ أمام الجمهورية الإسلامية. قلت في أحد الخطابات[20] إنّ المعارضة ليست مشكلة عندنا. أفكارك مختلفة، لذا كن مُختلفاً، ما المشكلة؟ لا علاقة لنا بأفكارك [لكن] يجب ألّا تكون عدائيّاً. القرآن يركّز على العدوّ والعداوة. في سورة الممتحنة، يقول -تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾[21]؛ لا تُصادق أولئك الذين هم عدوّي وعدوّك -هم أعداء الله وأعداء المجتمع الإسلاميّ- ولا تصاحبوهم، ولا تتحالفوا معهم. أو تلك الآية المشهورة في «الأنفال»: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾[22]، وبعدها: ﴿تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾. ابنوا هذه القوّة: بناء الاقتدار، وإنتاج السلاح، وتعزيز قدارتكم [وصولاً إلى] ﴿تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ﴾، ولا يختصّ البحث بغير العدوّ. لذلك، يعتمد الإسلام على مواجهة العدوّ الناشط. حسناً، لقد اختبرنا هؤلاء الأعداء وجرّبناهم منذ بداية الثّورة. منذ اليوم الأول للثّورة، ومع أن الجمهورية الإسلامية قد أبرزت مسامحة كثيرة تجاه الأجانب وغيرهم، فإنّ المؤامرات ضد الجمهورية شَرَعَوا بها منذ البداية. أمريكا أكثر من الجميع، ثم غيرها، وتستمرّ حتى يومنا.
العناصر المهمّة في مواجهة العداوات
ثمّة عنصران مُهمّان لمواجهة هذه العداوات -أوصيت بهما دائماً والآن أوصي بهما أيضاً-، هناك سمتان ضروريتان في كل فرد، إحداهما البصيرة، والثانية الصبر والاستقامة، فإذا كان هذان العنصران موجودين، لا يُمكن للعدوّ أن يفعل شيئاً، ولا يُمكنه أن يوجّه أيّ ضرر، ولا تحقيق أيّ نجاح في مواجهة النّظام الإسلامي. البصيرة والصّبر! وهذا ما قاله أمير المؤمنين (ع): «ولا يَحمِلُ هذَا العَلَمَ إِلّا أهلُ البَصَرِ والصَّبرِ والعِلم بِمَواضِعِ الحَقّ»[23]... في الخطبة 173 من نهج البلاغة.
1) البصيرة وتعني الحذاقة ومعرفة الطّريق الصّحيح
ماذا تعني البصيرة؟ البصيرة تعني الحذاقة ومعرفة الطّريق الصّحيح. فالإنسان يُخطئ أحياناً. الآن، الأشخاص المبتدئون أكثر عرضة لارتكاب الأخطاء، وأيضاً ذوو الخبرة والتّجارب يخطئون أحياناً في [اختيار] الطّريق الصّحيح. يجب الحرص على ألّا يُخطئ الإنسان في معرفة الطّريق الصّحيح. معرفة الطّريق الصّحيح وفهمه في غبار الفتنة. هذا ما تعنيه البصيرة.
2) الصّبر ومعناه الاستقامة على الطّريق الصّحيح
ماذا يعني الصّبر؟ الصّبر يعني الاستقامة في هذا الطّريق، وألّا ننحرف عن هذا الصّراط المستقيم، والإصرار على التحرّك في هذا الطّريق المستقيم. هذا معنى الصّبر. يُعرّفون الصّبر بطريقة غير صائبة. يجب ألّا يعرّفوا الصّبر بمعنى آخر. بالطّبع، كثيراً ما يُسيء الأعداء أو أولئك الذين ليس لديهم المعرفة الصّحيحة تعريف الصّبر. الصّبر يعني أن على الشخص أن يَستقيم، ويقاوم، ويُكمل الطريق، وألّا يَتوقّف. هذا معنى الصّبر في مواجهة الأعداء.
التّواصي من طرق الحماية للمُجتمع أمام الأعداء
حسناً، إذا وُجدت هاتان الخاصّيتان، لن ينتصر العدوّ. إحدى الطّرق التي يُمكن الحفاظ بها على هاتين الخاصّيتين في المجتمع هي «التّواصي»، الموجودة في سورة العصر: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾[24]. فليتواصَ الناس بعضهم مع بعض. [فلتكن] سلسلة التّواصي بين بعضهم بعضاً. التّوصية بالحقّ، وتأكيد طريق الحقّ، وكذلك التّوصية بالصّبر. هذا يحفظ الجميع. إذا كان هناك تواصٍ بالصبر وبالحقّ والبصيرة في المجتمع، لن يخضع هذا المجتمع بسهولة لتحرّكات العدوّ. لكن إذا انقطع تيّار التّواصي، وهو سلسلة حماية المؤمنين، ستكون هناك خسارة، بالتأكيد؛ ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾[25]. إذا لم يحدث هذا التواصي، فسيكون الضرر. حسناً، العدوّ يستهدف هذا العامل المهمّ.
أهداف العدوّ في الحرب النّاعمة
1) قطع تيار التّواصي في البلاد
يسعى العدوّ في الحرب النّاعمة إلى تحقيق هدفين من وجهة نظرنا - يوجد الآن حرب عسكرية واضحة وقاسية وعنيفة لها حُكْمها الخاص، لكن الحرب النّاعمة أكثر صعوبة في العلاج وهي بأحد المعاني أكثر خطورةً من الصّلبة - إذ يعمل في هذه الحرب الناعمة بأمرين: الأول كسر سلسة التّواصي بالحقّ والتّواصي بالصّبر، والثاني إظهار الحقائق مقلوبة [رأساً على عقب]. ولديهم كثير من الدّعاية التي تصوّر بسهولة حقائق العالم كذباً وبالعكس ورأساً على عقب. لكن قطع سلسلة التّواصي بالحقّ والصّبر بين المؤمنين، قطع تيار التواصي، شيء خطير. أن يعملوا بما يجعل المؤمنين لا يتواصون ببعضهم بعضاً، فلا يحفظ أحدهم الآخر، ولا يزرعون الأمل بين بعضهم... إنه أمرٌ خطيرٌ للغاية، [خاصة] إذا ما حدث انقطاع في هذا التّيار، أي انقطاع تيّار التّواصي في المجتمع. هذا يجعل الناس يشعرون بالوحدة، وباليأس، وبضعف الإرادة، وبتضاؤل الأمل، وبفقدان الجرأة على الإقدام. يحدث هذا عندما لا يوجد تواصٍ. وبالطّبع، عندما يحدث ذلك، تتضاءل الآمال وتقلّ الشجاعة وتضعف الإرادة، وطبعاً تصير الأهداف السامية والعالية، قسرياً، بعيدة من متناول اليد بشكل تدريجي، وتتضاءل، وتبدو بعيدة المنال، وتَقع طيّ النّسيان. لذلك، يجب ألّا يَسمح ضُبّاط الحرب النّاعمة بحدوث ذلك. قُلتُ ذات مرّة[26] إن شبابنا هم ضبّاط الحرب النّاعمة. يجب ألّا يسمح الشّباب بحدوث مثل هذا الشيء، بل يجب أن يخلقوا الأمل، وينبغي أن يتواصوا بالمثابرة، وأن يتواصوا بالنّشاط، وأن يتواصوا بالبعد عن الشّعور بالتّعب. هذه هي الأشياء التي تقع على عاتق شبابنا الذين قلنا إنّهم ضبّاط الحرب النّاعمة.
بالطّبع، يُعَدّ الفضاء الافتراضي اليوم فُرصة لذلك. الآن يَستخدم الأعداء الفضاء الافتراضي بطريقة مُختلفة، لكن، أيّها الشباب الأعزاء، استخدموه بهذه الطريقة: استخدموا الفضاء الافتراضي لخلق الأمل، للتّواصي بالصّبر، للتّواصي بالحقّ، لخلق البصيرة، للتّواصي بتجنّب الشّعور بالتّعب، وبالنّشاط، ورفض البطالة، وأمثال ذلك. حسناً، هذا في ما يتعلق بالمهمّة الأولى للعدوّ في كسر سلسلة التّواصي وحماية بعضنا بعضاً.
2) قلب الحقائق
عملهم الثاني الذي قلناه أيضاً هو قلب الحقيقة، والكذب. يقولون هذه الكذبة بجرأة وحزم لدرجة أن أيّ شخص يستمع لهم يتخيّل أنهم يقولون الصّدق. إنهم يقلبون الحقيقة 180 درجة بكلّ برودة وحزم وتأكيد! على سبيل المثال، الحليفُ العربي لأمريكا يقصف الشّعب اليمني المظلوم في منازلهم وشوارعهم ومستشفياتهم ومدارسهم منذ ستّ سنوات حتى الآن، ويحاصرهم اقتصادياً ويمنعهم من الحصول على الغذاء والدواء والنفط. هذا حدث [ويحدث] بضوء أخضر من أمريكا، وقد كانت الحكومة الديمقراطية الأمريكية في السلطة آنذاك. لقد أعطوا الضوء الأخضر، وللأسف هذه الدولة العربية القسيّة القلب والظّالمة تُعامل الشّعب اليمني بهذه الطريقة. حسناً، هذا واقع القضيّة.
الآن اليمنيّون، وهم بالطّبع أشخاص موهوبون جدّاً - الشعب اليمني موهوب جدّاً - استطاعوا بالاستفادة من بعض الإبداعات إنشاء، أو توفير، معدّات دفاعية، أو أن يصنعوها بأنفسهم ويردّوا على هذا القصف المستمر منذ ستّ سنوات، لكن بمُجرّد أن يفعل الطرف اليمني شيئاً ما [للدفاع]، يعلو صراخ الإعلام لدى هؤلاء بأنه «حدث هجوم أو اغتيال»! جميعهم يقولون، والأمم المتحدة تقول أيضاً... قُبح الأمم المتحدة حقاً أسوأ من فعل أمريكا في هذا الصدد! أمريكا دولة مستكبرة وظالمة... لكن الأمم المتحدة، لماذا؟ هم لا يدينونها (السعودية) على ستّ سنوات من القصف، لكن يلومون اليمنيين عند الدفاع عن أنفسهم؛ هذا الدفاع صار فعّالاً، ولذلك يلومونهم، والجميع يتهجّمون عليهم ويهاجمونهم. هذا مثال على الكذب.
... أو أكبر ترسانة نوويّة في العالم في أمريكا. أكبر ترسانة نوويّة! الآن ربّما لديهم الآلاف -لا أدري- من القنابل الذريّة في مستودعاتهم، وقد استخدموا هذا [السلاح]... أي الدولة الوحيدة التي استخدمت القنبلة الذريّة حتى الآن هي أمريكا، وقتلت 220 ألف إنسان في ساعة واحدة، في يوم واحد[27]. ثم يصرخون قائلين: إننا ضد انتشار الأسلحة النووية! يعني هكذا، يدّعون «إننا ضد أسلحة الدمار الشامل!» إنهم يكذبون. أسوأ وأخطر أسلحة الدمار الشامل في أيديهم. لقد استخدموها واستعملوها، لكنهم في نفس الوقت يقولون إننا ضد أسلحة الدمار الشامل.
أمريكا تدعم المجرم الذي يُقطّع مُعارضه بالمنشار إرْباً إرْباً -العالم كلّه عرف أن السعوديين أوقعوا بطريقة ما بأحد المُعارضين وقطّعوه إرْباً إرْباً[28]- ثم تقول إنني مع حقوق الإنسان، أيْ قلب الحقيقة إلى هذا الحد وبهذه الطريقة!
أمريكا نفسها مَن صَنع [تنظيم] «داعش» -هذا ما أقرّ به الأمريكيون أنفسهم ولسنا من يقوله بل قالها كلّ من صَنعه والمنافس له [في الانتخابات]. قالها له في موضوع التهجّم عليه. كلّهم قالوا واعترفوا بأن «داعش» من صنع أمريكا- ثم بذريعة وجود «داعش» في العراق وسوريا يبنون قواعد عسكرية [ويقولون] إننا نريد أن نواجه «داعش». يضعون وسائل الإعلام الحديثة بتصرف «داعش» ويعطونه المال ويسمحون له بأخذ نفط سوريا وبيعه واستخدام أرباحه... وفي الوقت عينه يقولون: إننا نحارب «داعش»! هذا ما يفعلونه: إظهار الواقع بالعكس.
يذكرون الحضور الإيرانيّ في المنطقة ببغض وحقد، ولماذا توجد إيران في المنطقة. أي لماذا توجد إيران في سوريا والعراق وبعض الأماكن، مع أن حضورنا ليس عسكرياً. وحيثما يوجد عسكريّونا، كان حضوراً استشارياً. في بعض الأماكن، لا يوجد حضور للعسكر إطلاقاً؛ مجرد حضور سياسي، ويقولون بحقد إنه مشكلة كبيرة تُسبب الاضطراب وما شابه، مع أنّنا نحن أهل هذه المنطقة وحيثما دخلنا، فقد دخلنا هناك دفاعاً عن الحكومة الشرعية، سواء في العراق أو سوريا. كان هدفنا الدفاع عن الحكومة الشرعية، ودخلنا بموافقة وطلب من هاتين الحكومتين. إنهم يضخّمونه (الحضور) بهذه الطريقة، في حين أنّهم يَدخلون جوراً إلى سوريا دون إذن، فيَحتلون منطقة ما، ويؤسسون قاعدة عسكرية، أو ينشئون قواعد عسكرية في العراق. إنّ قلب الحقيقة جزء من أعمالهم. وهذه هي الحال في المجالات جميعاً. بالطّبع، على الأمريكيين إخلاء العراق حتماً، وهذه إرادة العراقيين وهذا قانونهم. يجب إخلاء سوريا عاجلاً، في أقرب وقت. لذلك هذا هو عملهم.
واجباتنا تجاه الثّورة الإسلاميّة
يجب أن نعلم أنه مع هذه الأمانة الثقيلة التي ألقتها الثّورة الإسلامية على كاهلنا، على أكتاف الشعب الإيراني، والطّريق الذي فتحته أمامهم إلى السعادة، علينا واجبات. من هذه الواجبات هذا التّواصي بالحقّ والصّبر، ومعرفة العدوّ ومواجهته، ورفض الاستسلام له وتجنّب الثقة بهذا العدوّ الغدّار. هذا كلامنا لهذا اليوم.
تكريم الجميع لجهاد الطّاقم الطّبّيّ
أخيراً، اسمحوا لي أن أقول جملة واحدة فقط حول قضايا هذا الوباء (كورونا). انتهى العام ومرّ عام وأكثر من عام على جهود المَجمع الطّبيّ في البلاد ضد بلاء كورونا، ومن الضروري أن أعبّر، وكلّ فرد من أبناء الشّعب، عن خالص امتناننا لهذا المَجمع. ندعو لهم ونشكرهم، وأوصي الجميع بدعمهم.
نسأل الله -تعالى- أن يشمل اهتمامُه ورحمته وفضله حالَ شعبنا، إن شاء الله. [وأما] عيد المبعث، فقد منّ الله بهذا العيد المبارك على الشعب الإيرانيّ والمؤمنين كلّهم في العالم، ونسأله أنْ يوفقنا جميعاً لأداء واجباتنا، وأن يشملنا رضا ولي العصر -أرواحنا فداه- ودعاؤه، وأن ترضى عنّا الرّوح الطّاهرة للإمام [الخمينيّ] العظيم وشهدائنا الأعزاء، إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[1] سورة النحل، الآية 36.
[2] سورة الأعراف، الآية 65.
[3] سورة الحديد، الآية 52.
[4] سورة النحل، الآية 97.
[5] سورة البقرة، الآية 213.
[6] سورة المائدة، الآية 47.
[7] سورة المائدة، الآية 44.
[8] سورة المائدة، الآية 45.
[9] سورة المائدة، الآية 47.
[10] سورة البقرة، الآية 247.
[11] سورة البقرة، الآية 247.
[12] سورة الفرقان، الآية 31.
[13] سورة الأنعام، الآية 112.
[14] الرضيّ، السيّد أبو الحسن محمّد بن الحسن الموسويّ، نهج البلاغة (خطب الإمام عليّ (عليه السلام))، تحقيق وتصحيح صبحي الصالح، لا.ن، لبنان - بيروت، 1387هـ - 1967م، ط1، ص43.
[15] المصدر نفسه، ص156.
[16] سورة الفرقان، الآية 31.
[17] سورة الأحزاب، الآية 22.
[18] سورة الممتحنة، الآية 8.
[19] سورة الممتحنة، الآيتان 8-9.
[20] على سبيل المثال خطابه مع مسؤولي النظام في 02/11/2003م.
[21] سورة الممتحنة، الآية 1.
[22] سورة الأنفال، الآية 60.
[23] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة (خطب الإمام عليّ (عليه السلام))، مصدر سابق، ص248.
[24] سورة العصر، الآية 3.
[25] سورة العصر، الآيتان 2-3.
[26] من ضمنها لقاء جمعٍ من الطلاب والنّخب العلميّة في البلاد (26/08/2009م).
[27] في إشارة إلى القصف الأمريكيّ لهيروشيما ونكازاكي بالقنابل النوويّة عام 1945.
[28] في إشارة إلى قتل الصّحافيّ والمعارض السعوديّ جمال خاشقجي في القنصليّة السعوديّة بتركيا.