الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الفرق بين الشريعة والدين
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم


قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ1.

وقال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِير2..

هذه الآيات وغيرها تثبّت أبديّة الدين الإسلامي، وأنّه الدين السماوي الخالد. فقوله تعالى: ﴿للعالمين هو قول مطلق يشمل كل الأُمم التي تأتي بعد النبي محمّد(صلى الله عليه وآله).

وقال تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَد مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْء عَلِيم3.

وقال تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الاِْسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ4.

وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الاِْسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الاْخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ5. وهذه الآية مطلقة وعامّة سواءً كان ذلك قبل محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) أو بعده أيضاً.

الدين الإسلامي خالد:

هذا البحث، وهو بحث خلود الدين الإسلامي إلى يوم القيامة، هو بحثٌ أديانيٌ، أو بحثٌ أيديولوجي بالتعبير اللاتيني، يعني: بحثٌ عقائدي. وهو محل جدل واسع، وصخب علمي كبير بين الأديان والثقافات الشرقية والغربية والتيارات الفكرية المختلفة سواءً كانت تلك التيارات اجتماعية أو حقوقية أو قانونية، ومن هذه التيارات تيار العلمانيين من المسلمين أو المتعلمنين من المسلمين أو العلمانيين من الغرب، ومن المعلوم أنّ للعلمانيين أمواجاً مختلفةً، وأنَّ هذه الأمواج ليست على وتيرة واحدة، والآيات التي ذكرناها تثبّت خلود الإسلام وعالميته.

المجتمعات العلمانية لم تُطلّق الدين طلاقاً مؤبّداً:

وما نريد أن نشير إليه هنا أنّ المجتمع الغربي أو مجتمع جنوب شرق أسيا كاليابان، وهي مجتمعات تعتمد على المؤسسات المدنية، ويعبّر عنها بالمجتمع المدني، أنَّ هذه المجتمعات وإن كانت علمانية إلاّ أنّها لم تُطلّق الدين طلاقاً مؤبّداً، وأنّهم حفظوا ـ ولو بالشكل ـ موروثهم الحضاري الثقافي الديني كلٌّ بحسب دينه سواءً كانوا في اليابان أو في الهند أو في أوروبا المسيحية; وذلك لأنّ طبيعة المجتمعات البشرية تجعل منها مخزناً تختزن فيه الموروثات الحضارية، ومن المستحيل أن يبدأ مجتمعٌ بشريٌ من الصفر، بل لا بدَّ أن يرث من الأُمم السابقة ما يرث، فنحن نلاحظ أنّ العلمانيين الغربيين أسماؤهم أسماء مسيحية، وتكون عندهم إلى جانب القوانين المدنية قوانين كنائسية، وكذلك أُصول التقنين الغربي متأثّرة بالتقنين المسيحي، فإذاً هؤلاء العلمانيون الغربيون لم يطلّقوا الدين طلاقاً مؤبّداً، ولكنّهم حاولوا أن يمزجوا بين الموروث القديم وما ابتكروه من قوانين، وممّا يدلّل على كلامنا هذا هو أنَّ الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب عندما شنّ حرب الخليج الثانية كان يستنجد بالكنيسة واسم الرب وما شابه ذلك، وكذلك استخدم جورج بوش الابن تعبير "الحرب الصليبية" بعد الهجوم على نيويورك وواشنطن، وهذا ما نشاهده عند اليابانيين أصحاب الديانة البوذيّة، حيث إنّهم لم يطلّقوا ديانتهم طلاقاً مؤبّداً.

الدين واحد والشرائع متعدّدة:

من الأخطاء الشائعة في الصحافة والإعلام وبين عامّة الناس هو تعبير "الأديان"، فنسمع عن حوار الأديان، والبحث عن أوجه الاختلاف أو التلاقي بين هذه الأديان، وهذا ما يتعارض مع المفهوم القرآني والمفاهيم التي جاءت بها الأحاديث الشريفة، حيث إنّ المفهوم القرآني يؤكّد على أنّ الدين واحد وليس متعدّد، فتكون النتيجة أنّ تعبير "الأديان" تعبيرٌ خاطىء; لأنّه يتعارض مع الطرح القرآني. وكذلك ينبغي التفريق بين مصطلحات "الدين والشريعة والملّة والمنهاج" التي وردت في القرآن الكريم، ولابدَّ من تعريف هذه المصطلحات قبل الخوض في البحوث المقبلة; لأنَّ الكثير من الناس يستخدم الدين كمصطلح مرادف للشريعة، وهذا من الاستخدام اللغوي والديني الخاطىء.

الدين: عبارة عن مجموعة من أُصول اعتقادية، وأُصول معارف كونية، ويضمّ اليه أركان الفروع، ويضمّ إلى الفروع الآداب.
الشريعة: الشريعة تختلف عن الدين; لأنّ الإسلام اسم للدين وليس للشريعة.

وتسمّى الشريعة المحمّدية(صلى الله عليه وآله)، كما توجد شريعة موسوية، وشريعة عيسوية، وشريعة نوحية، وشريعة إبراهيمية.

والشريعة لغةً هي الضفّة الجانبية المتفرّعة من رافد النهر، وهذا ما يحدّثنا به أرباب المقاتل عندما يتحدّثون عن العباس حين استقى الماء من الشريعة. قال ابن منظور في لسان العرب: "والشرعة والشريعة في كلام العرب: مشرعة الماء وهي مورد الشاربة التي يشرعها الناس فيشربون منها ويستقون"6.

الأُسس هي منطقة الدين، أُصول الاعتقاد وأُصول المعارف هي التي تمثّل دائرة الدين، أمّا الدائرة التي هي أكثر تشعّباً وأكثر ترامياً وأكثر بُعداً عن المركز هي دائرة الشريعة، وتشتمل على تفاصيل الأحكام والقوانين. قال تعالى: ﴿لِكُلّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاج7.

ولم يستخدم تعبير "لكل جعلنا منكم ديناً ومنهاجاً"; وذلك لأنّ الدين واحد. فدين نوح وإبراهيم وموسى عيسى ومحمّد هو دين واحد، وأصحاب الشرائع هم الأنبياء أولوا العزم، وهذا ما ورد عن المعصومين حيث وصفوهم بأنّهم أصحاب شرائع، وليس أصحاب أديان متعددة، بل بُعثوا بدين واحد8.

النسخ يقع في الشرائع، ولا يقع في العقائد:

هل يعقل أن يأتي آدم(عليه السلام) بدين وعقائد حقّة، ثمّ تكون هذه العقائد مؤقّتة بزمن معيّن، فيأتي نوح(عليه السلام) وينسخ العقائد التي أتى بها آدم، ثمّ يأتي إبراهيم وينسخ العقائد التي أتى بها نوح(عليه السلام) وهكذا؟!

إنَّ هذا أمر لا يعقل; لأنّ الدين عبارة عن رؤى كونية، وإذا كانت هذه الرؤى الكونية صادقة فهي غير قابلة للتبديل والتغيير.

فيستحيل نسخ التوحيد أو المعاد أو النبوة، وإنّما يقع النسخ في الشرائع.

بل حتّى أركان الفروع هي من الدين ولا يقع عليها النسخ، فأصل وجوب الصلاة والزكاة ثابتة في شريعة كلّ نبي، قال تعالى على لسان عيسى: ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّ9.

وكذلك الحجّ فكلّ الأنبياء حجّوا بيت الله الحرام، وكذلك الجهاد والصوم. نعم، قد يختلف شكل الصلاة أو الصيام، ولكن أصل وجوبها ثابت في كلّ الشرائع، وهذا ينطبق على المحرّمات وتحريم الفواحش كالزنا والخمر، فأصل تحريم الفواحش ثابت في كلّ الشرائع وإن اختلفت سعة وضيقاً، حتّى أُصول أحكام الأسرة والزوجية والتعاقد التجاري وتحريم الربا; ولذلك فإنّ الله تعالى يندّد بالمجتمع اليهودي; لأنّه يتعامل بالربا. قال تعالى: ﴿وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ10.

وتحريم الربا يدخل ضمن أركان أُصول التشريع، وهذه الأركان تدخل ضمن إطار الدين وليس الشريعة. قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ11.

فصاحب الشريعة اللاحقة لا يُكذّب دين صاحب الشريعة السابقة، بل يُصدّقه في منطقة دائرة الدين من حيث إنّ الدين واحد لا يتعدّد. قال تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الاِْسْلاَمُ12.

ومفهوم هذه الآية لا يقتصر على أنّ الدين بعد محمّد(صلى الله عليه وآله) هو دين الإسلام، بل مفهومها يشمل كلّ الأزمان من لدن آدم إلى يوم القيامة، فالدين عند الله الإسلام منذ بدء الخليقة. قال تعالى: ﴿فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ13.

فالدين لا يقبل النسخ. نعم، قد تزداد معارف نبي عن نبي آخر، وأكملها وأوسعها وأعمقها ما بعث بها النبي الخاتم(صلى الله عليه وآله) لمنزلته من القرب الإلهي حيث إنّ الإحاطة التي زوّد بها(صلى الله عليه وآله)، والرؤى الكونية التي يمتلكها أوسع ممّن سبقه من الأنبياء. قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ14.

فالقرآن الكريم مهيمن على ما سبقه من كتب; لأنّ فيه من المعارف الجمّة مالم يتعرّف عليه من خلال الشرائع السابقة. نعم، الدين في حالة تبلور وتجلّي أكثر من قبل السماء إلى البشرية، هذا صحيح ومقبول، أمّا أن نقول بوجود النسخ في الدين فهذا مستحيل; لأنّه متعلّق بالعقائد كما مرّ، ولا يقع النسخ إلاّ في الشرائع، وذلك حسب الظروف والبيئات.

آيات قرآنية تدلّ على أنَّ الدين واحد:

قال تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ15.
وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ16.
وقال تعالى على لسان إبراهيم ويعقوب: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِىَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمْ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ17.
وقوله تعالى على لسان السحرة بعد أن تابوا وواجهوا فرعون: ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ18.
وقوله تعالى على لسان يوسف(عليه السلام): ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ19.
وقوله تعالى: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالاَْسْبَاطِ وَمَا أُوتِىَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِىَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَد مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ20.
الدين عند الله الإسلام بصورة مطلقة عند كلّ الأنبياء، كما هو واضح في الآيات المتقدّمة.

الشريعة والدين وقضية الغدير:

نشير إلى هذه القضية وإن لم تكن من صلب الموضوع إلاّ أنّها ثمرة من ثمار التفريق بين الشريعة والدين، وجديرٌ بنا أن نجني هذه الثمرة. قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الاِْسْلاَمَ دِين21.

وبناءً على ما ذكرنا من الفرق بين الدين والشريعة يتّضح أنّ هذه الآية النازلة في قضية الغدير وفي ولاية علي(عليه السلام)، تجعل قضية الإمامة وتنصيب علي(عليه السلام) تحت مظلّة الدين وليس تحت مظلّة الشريعة، وهذا يدلّل على أنّ الإمامة من أُصول الدين وليس من فروع الدين، وأنّ إمامة علي(عليه السلام) كانت من صلب الدين الذي بعث به الأنبياء; لأنّهم جميعاً بعثوا بدين الإسلام، كما أثبتنا من خلال الآيات السابقة ومن خلال قوله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الاِْسْلاَمُ22.

الدين عند الله الإسلام بصورة مطلقة عند كلّ الأنبياء، كما هو واضح في الآيات المتقدّمة. والذي هو عند كلّ الأنبياء السابقين وليس عند النبي محمّد (صلى الله عليه وآله)لوحده كما مرّ سابقاً.

إذاً تكون النتيجة أنّ ولاية علي(عليه السلام) من صلب الدين الذي بعث به كلّ الأنبياء السابقين.

ونستنتج أيضاً أنّ الدين من دون ولاية علي(عليه السلام) غير مرضي عند الله; لقوله تعالى: ﴿وَرَضِيتُ لَكُمْ الاِْسْلاَمَ دِين23. ومن غير المعقول أبداً أن يبعث الأنبياء بدين غير مرضي عند الله.

وقد جاءت الروايات الكثيرة التي تؤكّد أنَّ ولاية علي(عليه السلام) قد بعث بها الأنبياء السابقين24.

وولاية علي لم تر الوجود في يوم الغدير، وإنّما هي موجودة قبل ذلك، وإنّما أظهرت وأبرزت في ذلك اليوم، كما أنّ التوحيد موجود قبل محمّد (صلى الله عليه وآله)، ولكن أظهر وأبرز ببعثته(صلى الله عليه وآله)، فكذلك كانت قضية الغدير. وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ25.

وهذه الآية أيضاً تدلّ على أنّ الإمامة ركن ركين من الدين وليست قضية ثانوية في الشريعة; لأنّ عدم التبليغ بإمامة علي(عليه السلام) تساوي عدم تبليغ الرسالة بأكملها كما تنصّ الآية.

آية المودّة وقضية الإمامة:

وقال تعالى: ﴿قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى26. الضمير "عليه" راجع إلى الإسلام على رأي بعض المفسّرين27 أو راجع إلى الجهد والمعاناة التي عاناها النبي(صلى الله عليه وآله) في تبليغ الرسالة الإسلامية.

مودّة أهل البيت(عليهم السلام) جعلت أجراً للرسالة، والأجرُ هو العدل أو المعاوضة، فيكون عندنا عوض ومعوّض، وينبغي أن تتوفّر المساواة بينهما، فليس من الصحيح أن تشتري جوهرةٌ ثمينةٌ بثمن بخس.

فإذا كانت مودّة أهل البيت(عليهم السلام) في كفّة والكفّة الأُخرى فيها الإسلام أو معاناة الرسالة التي قيمتها بلحاظ نفس الدين، إذاً نستنتج من الآية بأنّ المودّة لأهل البيت(عليهم السلام) ليست من الشريعة، بل هي ركن ركين من أصول الدين; لأنّ أجر الرسالة ليس من المناسب إدراجه في الشريعة، والله هوالذي أعطى هذا المقام لأهل البيت(عليهم السلام)، وعندئذ لا محلّ لاتهام الشيعة بالغلو في أهل البيت(عليهم السلام) لأنّ الله هو الذي وضعهم في هذا الموضع الرفيع، والله ينهى عن الغلو، فإذا وضعهم الله في الموضع الرفيع فإنّ هذا الموضع ليس من الغلو في شيء.

وهذه المودّة مخصوصة بالمعصومين الأربعة عشر، ولا تشمل جميع السادة ـ أبناء الرسول(صلى الله عليه وآله) ـ وإن كان يترشّح منها الاحترام لهم والتقدير.

* بحوث معاصرة في الساحة الدولية-آية الله الشيخ محمد سند


1- الأنبياء (21): 107
2- الفرقان (25): 1.
3- الأحزاب (33): 40
4- آل عمران (3): 19
5- آل عمران (3): 85
6- لسان العرب 7: 86، مادة "شرع".
7- المائدة (5): 48.
8- الفصول المهمة 1: 428، الحديث 587.
9- مريم (19): 31.
10- النساء (4): 161.
11- المائدة (5): 48.
12- آل عمران (3): 19.
13- الروم (30): 30.
14- المائدة (5): 48.
15- الشورى (42): 13.
16- الأنعام (6): 161.
17- البقرة (2): 132.
18- الأعراف (7): 126.
19- يوسف (12): 101.
20- البقرة (2): 136.
21- المائدة (5): 3.
22- آل عمران (3): 19.
23- المائدة (5): 3.
24- الاختصاص 12: 250.
25- المائدة (5): 67.
26- الشورى (42): 23.
27- الميزان في تفسير القرآن 18: 42.

31-08-2012 | 10-59 د | 10471 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net