بسم الله الرحمن الرحيم
هل لديك حمل ثقيل من الذنوب والمعاصي؟ هل أنت مقصر في واجباتك العبادية والدينية
وتشعر بالاضطراب وعدم الاطمئنان؟ هل تلاحق مخيلتَك صورةُ عمل قبيح تقوم به وما زلت
واقعاً في براثنه؟
أخرج نفسك من هذا الوادي المظلم ولا تتأخر، فالباب مفتوح.. والرب غفور رحيم. المهم
أن لا تماطل، فالمماطلة تزيد الامور تعقيدأ، وتفسح المجال لنقط السواد في القلب لأن
تتسع.
لا تماطل.. فلربما جرك ذنب آني إلى ذنب أعظم
وأكبر، فالذنب أشبه بالمرض أو الوباء الذي يستدرج أمراضاً وجراثيم أخرى.
لا تماطل.. لأنك لا تستطيع ضمان عمرك. هل تقسم
بالله أنك ضامن لحياتك بنسبة 100% إلى اليوم التالي؟ أنت تغامر بمصيرك الأبدي،
وتقامر بحياة الخلود.. قال أمير المؤمنين عليه السلام: (مسوف نفسه بالتوبة من
هجوم الأجل على أعظم الخطر).
لا تماطل.. فهل تعلم على من تتمرد وتصر على
الطغيان؟ إنك تتمرد على خالقك ورازقك.. إنك تطغى على المنعم الذي تعيش في ظل نعمه
الظاهرة والباطنة.
لا تماطل.. لأن المماطلة اغترار... قال الإمام
محمد الجواد عليه السلام: (تأخير التوبة اغترار، وطول التسويف حيرة).
لا تماطل.. بل بادر من فورك.. وأبشر بالنتيجة،
وأولها ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (أما والله، لله أشد
فرحاً بتوبة عبده، من الرجل براحلته). وقال أمير المؤمنين عليه السلام: (لله
أفرح بتوبة عبده من العقيم الوالد، ومن الضال الواجد، ومن الظمآن الوارد).
بادر فوراً إلى التوبة، فالله ربك فتح لك
الباب، وضمن لك الجواب، وعلمك كيف تتوب وتعود.. فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه
وآله - وقد سئل عن التوبة النصوح -: (هو الندم على الذنب حين يفرط منك، فتستغفر
الله بندامتك عند الحافر، ثم لا تعود إليه أبداً).
بادر فوراً إلى التوبة، واستشعر رحمة الله عز
وجل، وكيف أنه أرأف وأرحم بعباده من الأم بولدها، فعن الإمام الصادق عليه السلام
-وقد سمعه معاوية بن وهب يقول-: (إذا تاب العبد المؤمن توبة نصوحاً أحبه الله
فستر عليه في الدنيا والآخرة)، قلت: وكيف يستر عليه؟ قال عليه السلام: (ينسي
ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب... فيلقى الله حين يلقاه وليس شيئ يشهد عليه بشيئ من
الذنوب). بل أكثر من ذلك، إن الله عزوجل يقول في كتابه الكريم:
﴿إِلَّا مَن تَابَ
وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ
حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾1.
كل الذي تقدم ينبغي أن يدفع العاصي لله عزوجل، والمقصر في واجباته الدينية لأن
يبادر فوراً لإصلاح أمره، فلا يسوّف ولا يماطل.. لأن الخسارة إن وقعت من خلال حلول
الموت والأجل المباغت فإنها ستكون الخسارة عظيمة لا يمكن تعويضها.. لأن المماطلة
فيها استخفاف وأمن من مكر الله، والله عز وجل يقول:
﴿أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ
مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾2.
1- الفرقان: 70.
2- الأعراف: 99.