الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
نموذج قارون.. ما أشبه اليوم بالأمس!
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

قصة قارون - هذا الثري المغرور - التي ذكرها القرآن في سبع آيات بينات - بأسلوب جذاب - تكشف الحجب عن حقاق كثيرة في حياة الناس! هذه القصة النيرة توضح هذه الحقيقة، وهي أن غرور الثروة ونشوتها قد ينجر بهما الإنسان - أحيانا - إلى أنواع الجنون.. جنون إظهار الثروة وعرضها.. ولفت أنظار الآخرين.. إلى التلذذ من تحقير الفقراء والمساكين. كما أن هذا الغرور وهذه النشوة والعشق المطلق للفضة والذهب، قد تكون سببا لأن يجرأ الإنسان أحيانا إلى ارتكاب أقبح الذنوب وأخسها، كالإساءة إلى النبي ومناهظة الحق والحقيقة.. واتهام أطهر الأفراد، واستخدام الثروة لإنفاقها على الفواحش في سبيل الوصول إلى الغرض المطلوب. أن الغرور والنشوة الناشئين من كثرة الثروة، لا يسمحان للإنسان أن يسمع نصيحة الآخرين، ويستجيب لمن يريد له الخير! وهؤلاء المغرورون الجهلة يتصورون أنهم أعلم الناس وأكثرهم اطلاعا، وفي اعتقادهم أن ثروتهم التي وقعت في أيديهم، وربما تقع عن طريق الغصب أحيانا، هي دليل على عقلهم وذكائهم... وأن جميع الناس جهلة كما يظنون، وأنهم - وحدهم - العلماء فحسب! ويبلغ بهم الامر حدا أن يظهروا قدرتهم أمام الخالق، وكأنهم مستقلون، ويدعون أن ما وصلهم هو عن طريق ابتكارهم وذكائهم، واستعدادهم وأخلاقيتهم ومعرفتهم التي لا نظير لها! ورأينا عاقبة هؤلاء المغرورين المنحرفين، وكيف ينتهون، وإذا كان قارون وأتباعه وثروته جميعا قد خسفت بهم الأرض فهووا إلى قعرها، فإن الآخرين يفنون بأشكال مختلفة.. وأحيانا تبتلع الأرض حتى ثروتهم العظيمة بشكل آخر.. أو يبدلون ثروتهم الكبيرة بالقصور والبساتين والأراضي الشاسعة ثم لا يستفيدون منها أبدا..

 وقد يشترون الأراضي الموات والبائرة، على أمل تقسيمها صغيرة لتباع كل قطعة بسعر باهض! وهكذا تبتلع الأرض ثروتهم. أمثال هؤلاء الأفراد من سقيمي العقول حين لا يجدون طريقا لصرف ثروتهم العظيمة يتوجهون إلى القيم الخيالية... وينفقون أموالهم على الخزف المتكسر على أنه من التراث القديم كالأكواز والأقداح الخزفية، والطوابع، والأوراق النقدية المتعلقة بالسنوات القديمة، ويحافظون عليها في مكان حريز من بيوتهم على أنها أغلى التحف، وهي لا تستحق أن توضع إلا في المزابل لو نظرنا إليها بعين البصيرة والاعتبار! أولئك الذين يحيون مثل هذه الحياة الناعمة الخيالية قد يتفق أن يرى في مدينتهم أو في مناطقهم - وأحيانا في جيرانهم - من لا عهد له بالشبع، ويسهرون لياليهم على الطوى جائعين، ومن العجيب أنهم يرون هذه الحالة فلا تهتز لها ضمائرهم، ولا يتأثر لأجلها وجدانهم! كما يتفق لحيواناتهم أن تعيش حياة الرفاه، وتستفيد من رعاية الأطباء والأدوية الخاصة! في حين أن أناسا محرومين يعيشون في ظروف صعبة وسيئة إلى جوارهم، وربما يرقدون في المستشفى، ويئنون ولا من مصرخ لهم، ولا من علاج لمرضهم! جميع هذه البحوث تنطبق أحيانا على بعض الأفراد في مجتمع ما، وقد تنطبق على دولة معينة قبال دول الدنيا كلها، أي قد نجد دولة قارونية مستكبرة أمام الدول الضعيفة، كما نلاحظ في العصر الحاضر في شأن الدول الاستكبارية كأمريكا وكثير من الدول الأوروبية.

لقد هيأ هؤلاء حياة التنعم والرفاه - في أرقى صورها - باستثمار أبناء العالم الثالث والدول الفقيرة العزلاء... بحيث أنهم يرمون فضلات طعامهم في المزابل، ولو قدر أن تجمع بصورة صحيحة، لأمكن عندئذ تغذية الملايين المحرومة الجائعة من هذه المواد الغذائية الإضافية. وما نقوله من أن بعض الدول فقيرة هي في الحقيقة ليست دولا فقيرة، بل هي دول منيت بسرقة خيراتها وأغير عليها... وربما كان لديها أغلى المصادر والمعادن تحت الأرض، لكن هؤلاء المغيرين ينهبون هذه الخيرات ويتركون أهلها على الأرض السوداء الجرداء. فهؤلاء القارونيون يشيدون قواعد قصورهم الظالمة على أكواخ المستضعفين المهدمة.. وإذا لم يتحد المستضعفون يدا بيد ليقذفوا بالمستكبرين إلى قعر الأرض كما فعل بقارون، فإن حالة الدنيا ستبقى هكذا. فأولئك يشربون الخمور ويضحكون منتشين، وهؤلاء يجلسون على بساط الفقر والحرمان باكين.


* الشيخ ناصر مكارم الشيرازي-بتصرّف

07-09-2013 | 10-39 د | 2467 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net